عندما كنت في اليمن لم اشعر يوما ان هنالك فرقا بين الزيدي والشافعي مطلقا لان المذهب الزيدي في جوهره سني التكوين ولن تجد يمنيا واحدا يتحدث عن المذهبية بل انهم يقولون لك نحن في اليمن عرب ومسلمون فمن اين برز الى السطح شلة من شباب تشيعو في إيران واصبحو ورقة بيد علي عبدالله صالح الذي احتضنهم في البداية في اطار لعبة التوازنات التي يجيدها بمهارة ضد السلفيين وشيخهم مقبل الوادعي في دماج من نواحي صعدة. كان كل هم علي صالح هو الاستمرار في الحكم بأية وسيلة ولا يهم من هم حلفاءه في الطرف المقابل.

تحالف مع الشيوعيين وعلي سالم البيض فبسط نفوذه على الجنوب تحت راية الوحدة وبعد اربع سنوات أنقض مع شركاؤه الجدد الأصلاح والقاعدة والزنداني الذي اتى به عضوا في مجلس الرئاسة للخلاص من شركائه الجنوبيين والامساك بارض الجنوب.&

علي صالح وحد الجغرافية بالقوة لكنه فشل في توحيد الشعب اليمني فترك جروحا لم تندمل من قلوب اهل الجنوب.

اليمن بلد التحالفات والتنافضات والتي سرعان ما تنفض وتتحول الى احلاف اخرى قبائل متشابكة ومتصارعة تحركها مصالحها اولا ومن يريد ان ينجز شيئا في اليمن عليه ان يحسن ادارة لعبة القبائل وهو ما أفلح به علي صالح واتذكر ان صحفيا عربيا قد اصطحبه الرئيس صالح في جولة بسيارته في ضواحي صنعاء وكان هناك يومها انتخابات رئاسية وبرلمانية فيقول سألته الا تخشى من نمو لعبة الديمقراطية ويذهب منك كرسي الحكم يوما؟؟ يقول الصحفي ان صالح جلجل بضحكته وكان يرتدي الزي اليمني التقليدي ومؤشرا باصبعه الى الخنجر او الجنبية بلهجة اهل اليمن التي يتأبطها ( بهذا الخنجر جئت وبه اذهب ).

نعم انها لعبة القوة فمن يمتلكها يستطيع ان يفرض حلوله على اليمن.. كيف تمكنت فئة لا تزيد عن اثنان بالمئة من الشعب اليمني ان تمسك بخناق بلاد بلقيس وسبأ؟ ببساطة أن النصيحة جاءت بمشورة إيرانية عليكم بحليف قوي ليوفر لكم تسهيل السيطرة وكان علي صالح ومؤتمره الشعبي جاهزا بألاعيبه ورغبته في الانتقام من الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي خلفه في دار الرئاسة مدفوعا بالتحالف مع أي أحد حتى لو كان حوثيا.

ربما من يعرف طبيعة اليمن يدرك ان هذه الحرب لن تنتهي بالضربة القاضية انما بالنقاط لان هذا الشعب من سماته الحروب واليمني بطبيعته لا يولد الا للقتال كما وصفهم العقيد سعيد صفوت رئيس اول بعثة عسكرية عراقية لليمن عام 1942م وعلي صالح يراهن في حساباته على طول أمد النزاع وانهاك خصومه وهنا فلا بد من العمل على فك التحالف الصالحي الحوثي باي ثمن وعزل الحوثيين الذين ان تخلى عنهم عرابهم المخلوع سيعودون سريعا الى جحورهم في جبال مران وكهوفهم في صعدة والخطوة الاولى استمرار السعي لتنظيف ارض الجنوب من براثن الارهاب والحوثي وهو ما تقوم به القوات الإماراتية بشجاعه فائقة جنبا الى جنب مع ما تقوم به من عملية احياء الأمل عبر التنمية واصلاح ما تدمر من منشات التعليم والصحة والطاقة وغيرها.&

جيوش كثيرة في التاريخ دخلت اليمن من الفرس والاحباش والعثمانيين بل وحتى الرئيس الراحل عبد الناصر في دفاعه عن الحكم الجمهوري ولكنها لم تفلح في تحقيق نصر واضح لان الانتصار يتحقق على يد ابناء القبائل اليمنية والتي هي عصب اليمن وجمجمته والا كيف يتمكن علي صالح وسط هذه الظروف الصعبة ان يجمع مليونيات من حشوده في العاصمة صنعاء؟ انه يجيد بمهارة تحريك خيوط القبائل اليمنية بخبرته ودهائه الكبير وما تكتنزه خزائنه من مال.. فقد قال لي صديق يمني لا تصدقون الكلام ان 99 بالمئة من اوراق اللعبة بيد علي صالح فهو من يدفع الحوثيين لتصدر المشهد مستغلا جهلهم وغباءهم لكي يتحرر من اية تبعات او التزامات لاحقة. شيئان اساسيان يجب ان يدركهما من يرغب بالتعاطي مع الشأن اليمني وهما مدى القدرة على اتقان لعبة القوة والمساومة؟؟&

[email protected]