&

لا أحد يعلم إذا كانت الولايات المتحدة تخلت عن مشروع الشرق الأوسط الجديد، ولكن من الواضح أنها تراجعت أمام ظهور روسيا التي كانت خاملة ثم انطلقت بسرعة مخيفة لتضع قدمها في منتصف المشروع، فقد وضعت خريطة الشرق الأوسط الجديد عندما كانت الولايات المتحدة وحدها في الميدان ثم تفاجأت بدخول روسيا ووقوفها بصلابة أمام حلف الناتو رافضة تقسيم سوريا ويا ليتها فعلت ذلك قبل تقسيم ليبيا واليمن وتشرذم العراق، واليوم سارع الجميع إلى روسيا طلبا لفزعتها كي لا تقسم بلدانهم أمام المخاطر المحيقة بهم، فهناك تركيا التي تحن للخلافة العثمانية وهناك ايران الطامعة بضم أراض ذات غالبية شيعية وهناك الأكراد الذين يريدون وطنا قوميا لهم وهناك الحلم الإسرائيلي بتحقيق إسرائيل الكبرى.&

والحقيقة أن العرب يحسنون صنعا إذا استعانوا بحلفاء جدد مثل روسيا والصين والهند وباكستان، لأن من يسمع جورج غالاوي النائب البريطاني يتحدث عن مستقبل المنطقة يشعر أن التقسيم مؤكد، وهذا يفرض على جميع البلدان العربية التحالف وخاصة غزة والضفة والعراق وليبيا واليمن، وتأجيل خلافاتهم لما بعد الحفاظ على الأوطان لحلها بالتفاهم والتراضي.&

إذا بقي الحال على ما هو اليوم، فالتقسيم سيحدث خلال أقل من عام، ولا بد من التآزر للقضاء على داعش لأنها مدخل لتركيا ولا بد أن يستعيد العراق عروبته وإخراج إيران، ولن تستطيع الجيوش وحدها طرد الغزاة، بل لا بد من تحرك الشعوب لإخراج الغرباء، والتخلي عن موالاتهم لهم لأنهم لن يدخلوا الجنة التي يطمعون بها على خراب بيوتهم.

إن التقسيم على أساس ديني سيجعل ايران تلتهم دولا عربية بأكملها والخلافة العثمانية تلتهم دولا بأكملها وربما يرفض الأكراد الانضمام للخلافتين ويصرون على وطن قومي لهم، أما إسرائيل فهذا الوضع ذهبيا لها لتحقيق حلمهم بإسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل. وها هم يجتمعون بانتظام مع الأمريكان والروس للاتفاق على رسم جديد للخارطة بما ينسجم والمصالح الروسية والأمريكية.

مشروع الشرق الأوسط الجديد لم يفشل، ولكن هناك تعديلات لأن روسيا دخلت على الخط، وطالما أن ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام قائمة، فإن الجميع يريدون حصصهم وطالما أن الولايات المتحدة تغدق على داعش بالمال والأسلحة والجهاديين، فهم يتزايدون يوما بعد يوم. وهذا يزيد من إصرار الشيعة على إقامة دولة مماثلة، وبعد أن تنهار قوى الطرفين، ستقيم إسرائيل دولة إسرائيل الكبرى. ومما لا شك فيه أن من مصلحة الولايات المتحدة استمرار الصراع لأنها تجني أرباحا هائلة جراء بيع السلاح، لذا نجد أن المفاوضات تسير ببطء شديد وتتعرقل مرارا، وطالما أنها تستنزف خزائن الدول الممولة، فلا ضير في استمرار سفك الدماء إلى يوم الدين.

ربما يكون تحليل غالاوي رأيا شخصيا، ولكنه منطقي وعلى أية حال لا بد من الاطلاع على ما يقوله المحللون لفهم الصورة الشمولية للموقف.&

&