&

البحر السياسي زاخر بالامواج العاتية في العاصمة الاردنية عمان، و المد و الجزر يمتد الي المحافظات و البادية، و حديث العامه و الخاصة و الصالونات السياسية و مرشحي الانتخابات هو عن الحكومة القادمة بعد انتهاء فترة حكومة الدكتور هاني الملقي الانتقالية التي اتت لتسيير الاعمال لمده ١٢٠ يوما.

تلك الحكومة التي وصفت بآنها “لجنة “ و ليست “حكومة” حسب كتاب الاعمدة، و بقي امامها ما يقارب عشر ايام و نيف لتسليم مفاتيح مركبها لمن يخلفها. و نجم الحكومة الساطع هو وزير الداخلية سلامه حماد باعتباره المسؤول عن العملية الانتخابية، و مهندس تفاصيلها و ان كانت الحكومة تتدعي و تكرر ان الانتخابات مسؤولية “الهيئة المستقلة للانتخابات “ و لا علاقة للحكومة و لن تتدخل بها.&

و طبعا هذا غير صحيح لان الحكومة المؤقتة اتت تبعا لقانون الانتخاب الجديد الذي اكد علي ان الحكومة التي يحل فيها مجلس النواب لا تشرف علي انتخابات المجلس الذي يلي المجلس المنحل، و من وظيفتها ان لم تكن اساس اختيارها هو اجراء الانتخابات و الاشراف عليها ثم الرحيل.

&

من يحاسب الحكومة المؤقتة؟

حكومة الدكتور هاني الملقي الذي يتحرك مثل الدينامو في كل اتجاه لعله يحظي بحظوة الرجوع، هي مؤقتة و ليست دائمة، رغم تصريحاته للصحافه “ الحكومة ملتزمة بوعودها و عليكم محاسبتنا”، و لكن ذلك لا ينطبق لعده اسباب.&

اولا من سيحاسب حكومة مؤقتة و كيف؟، خصوصا و انه لا يوجد مجلس نيابي، وثانيا الصحافة مكممة و مكبله اياديها بنفسها، و بعضها تابع للحكومة فاين ستنشر المحاسبة و من سيسمح بذلك؟، و اخيرا الرئيس ينزعج من اي كتابات تتعرض بالنقد البناء للحكومة؟، فمن سيجرؤ علي خصومة مع الرئيس المؤقت الذي يعلم الجميع بقرب رحيله؟.

&

استراتيجية الموارد البشرية في غيبوبة&

&

ايا كان، المدخل الرئيس ان الحكومة لم تفعل شيء للتخفيف عن الشعب، و لم تقدم اي تقرير عن اعمالها يعتد بها و نتائج سفرياتها الي مصر و كازاخستان مبهمة، و لم يسمع الشعب عن نتائج القمة العربية و مادار بها، و لم تقدم اي مشروحات عن اي حلول تقدمت الحكومة بها لمعالجة شبكات الطرق و الازدحامات المرورية اليومية التي تؤدي الي خسارة الدولة الاردنية ما يقارب ثلاثة مليارات سنويا وقتا و جهدا ووقودا و اتصالات اثناء التوقف الاجباري لحالات التكدس، و مشروع الباص السريع يغلق منافذ عدة و دون اي اشارات لاغلاقات الطرق.

&لم تقدم الحكومة اي حل للجمود و الروتين و البروقراطية و جيوش العاملين في القطاع الحكومي و غابت المهارة و الكفاءة الادارية عن عديد من اعضاء الحكومة، و محافظات باكلمها تعاني من التهميش خصوصا في الجنوب، ناهيك عن الفقر و البطالة التي اصطدمت بهما الحكومة.

حتي الاستراتيجية للموارد البشرية التي قدمت مؤخرا اتت ناقصة و تعيش في غرفة انعاش، و ازعجت الاستراتجية الملكة رانيا حيث انها لم ترق الي ما تصبوا اليه لتحرير المجتمع من الاسوارا العالية و الاهتمام بالمعلم و اطلاق مفهوم العصر، و لم تظهر الاستراتيجية اي معايير تتوافق مع طموحات الملكة التي بذلت جهدا مضنيا و بارزا محليا و دوليا لاعوام متتالية تحمل مشعل التغيير و القرار الجماعي و العمل المشترك، و لها الفضل في مخرجات و رؤي تعليمية دولية و مناهل فكر و علم متطور لمعالجة جيوب الخلل في اداره كل من المنهاج والموارد البشرية، و لكن للاسف بعض مما قدم كان كلاما نظريا وسلايدات ملونة لا تمت لروح و عبقرية الملكة التي تبحث عن مناهج تثري التعليم و تفتح افاق المعرفة للعقد القادم. و ظهر ذلك جليا في مقالات عدة للصحافة ابسطها مقال بعنوان “غضب الملكة “.&

واقصد لم تعرج الاستراتيجية الي معالجة غياب التخطيط و التقصير في المناهج الجامعية و خسارات الجامعات، و ابسط الامثلة تواجد اكثر من ١٢٥ الف مهندس منهم مائة الف خارج اطار الاعمال الهندسية و اغلبهم عاطل عن العمل و لا يوجد استراتيجية لمستقبل هذا القطاع، و كيفية الاستفادة منه. بل ان الاستراتيجية تعرضت الي ان احد المسببات في اعاقة التطور هو” الهجرات القسرية “ الي الاردن و هذا عار عن الصحة. لان علي سبيل المثال اللاجئيين السوريين يضمون رجال اعمال و عمال مهره و حرفيون رفدوا السوق الاردنية بالاستثمارات و المحال التحارية و المطاعم، العماله المدربة الرخيصة، و اندمجوا في نسيج اركان الوطن بينما لا يزيد عن عشرين بالمائة منهم هم من في مخيمات اللاجيذين، و تغاضت الاستراتيجية عن ذكر ذلك و لم تلتفت الحكومة عن ذكر تلك الحقائق. و ايضا اغفلت الحكومة ان العراقيين افتتحوا الشركات و باتوا جزءا هاما من الاقتصاد الوطني و ساهموا في توسعات عمرانية و صناعية مختلفة.&

&

الهجرات القسرية ميزة و ليس خلل او عبء

لم تقدم الحكومة اي من ميزات تلك الهجرات و اقتصرت فقط علي انهم عبء علي الاردن في اوراق بحث الاستراتيجية، علما ان الاردن تاريخيا و من اسباب نشوّ ه انه موطن الهجرات و المهاجرين و قائم اساسا عليهم، بدآ من الشركس الي اللبنانين والشوام و الفلسطيينين اللذين لعبوا دورا هاما في تاريخ الاردن، من اول رئيس وزراء لبناني الاصل من بلدة الشوف في جبل لبنان، تولي الحكومة الاردنية في ١١ نيسان ١٩٢١ و هو،رشيد طليع اللبناني الدرزي العروبي، الي الدكتور هاني الملقي الشامي الاصل والذي انتقل جده ووالده من حماة إلى دمشق، وأقاموا في حيَّ الميدان، قبل ان يحضروا الي الاردن، مرورا بالشركس و الفلسطينيين اللذين تولوا الحكومات في ابهي صور الوطن العروبي الاردني، كما كانوا اساس التحارة و الصتاعة و التعليم و الفنادق و البنوك.&

لذا فآن الهجرات استفاد منها الاردن بمستويات مختلفة و ان كانت هناك اعباء مالية مترتبة الا ان الثقافات و السياسات و الاجتماعيات كان للهجرات دورا في تنمية الاردن و الارتقاء به.

و الحديث يطول عن العشر ايام الاواخر التي تودع فيها الحكومة كراسيها، و هي لم تعالج حالة الانهزامية لدي بعض الدوآئر الحكومية و لم ترفع من معنويات منتسبيها، بل ازداد ارتفاع الاسعار و ازدادات المديوينة و التضخم في واقع مآساوي.&

&

القواصر بين السلطة وا لسلطان

و الحديث يمتد الي القواصر، و القصد قصور الحكومة عن دفع عجلة الاقتصاد، و ارتهانها لصندوق النقد الدولي، واقتصرت الوزارات علي المعارف و المحسوبيات، و قصر بعض الوزراء في اداء مهامهم، و كان بعضهم قاصر سياسي عن فهم الاوضاع، بينما بعض من الوزراء الجيدين بذلوا قصارى جهدهم و لكن لم يسعفهم الحظ في تلك الفترة القليلة من التواجد في سلطة و سلطان الحكومة.

لذا ينظر الجميع الي قرار الملك الحكيم فيمن سيعهد اليه الحكومة القادمة؟ و معايير الاختيارات؟ و التوافق مع المجلس النيابي القادم و مع السياسات القادمة في المنطقة؟ و مسوغات الاختيار لطاقم رئيس الحكومة.

و لعل اول مشاكل حكومة الملقي، ان عادت هي وزرائها، حسب اعتقاد بعض المحلليين هي ان الدكتور هاني الملقي يبذل جهدا مستميتا للعودة و لكن عودته مستحيله بنفس الطاقم، ان لم يكن مطالبا بتغيير القواصر و كل من قصر في عمله من حكومته، و يواجه هجوما قاسيا شعبيا علي وزير الاقنصاد ووزير التربية ووزير الصناعة، و لن يمنح الثقة او يصوت له الاسلاميين و القوميين و الحزبيين و العشائر في المجلس النيبابي لانهم ضد معاهده وادي عربة و هو يطرح نفسه احد مهندسي اتفاقية وادي عربة.

&

القادمون الي الدوار الرابع

&و في الجانب الاخر يتداول العامة اسماء عديد من اصحاب الحظوظ في تولي المنصب،منهم رئيس الوزراء الاسبق و صاحب الفكر الاقتصادي الذي يتحرك بديناميكية و يعقتد الكثيرون انه ظلم في الوزارة التي تقلدها و تم اعفاؤّ ه منها سمير زيد الرفاعي، و يتداولون فيصل عاكف الفايز الذي له علاقة مع العشائر و مقبول من التيارات الاسلامية و يجيد التعامل مع جماعة الاخوان و يحترمونه، و ايضا رئيس الوزراء الاسبق الدكتور معروف البخيت الذي يجيد الحوار و التعامل مع المجلس القادم بشقيه و لديه زخم عسكري و ثقافة و تجربة وهو المختص بالتاريخ و قادر علي التعامل مع الكونفدرالية المقترحة و التفاوض مع اسرائيل الذي عمل سفيرا بها.&

و تبقي الاحتمالات مفتوحة لاخرين مما يقلل من فرص الدكتور هاني الملقي في العودة ما لم يحدث ظرف استثنائي او يقوم بكسر الحلقة الاضعف و الا يكرر خطاء اختيار الطاقم الذي يعمل معه.

&في كل الاحوال القرار للملك عبد الله الثاني الذي يتمتع بحنكة و ذكاء و تمرس في الحكم و اظهر تفوقا اضحا في الرؤي المستقبلية للبلاد و التعامل مع المستجدات المحلية و الاقليمية و الدولية، و يحظي بثقة الشعب. القرار قد يحمل مفاجآة و رئيسا من خارج كل الاسماء و الوزراء و الروؤساء.

الاواخر و القواصر هي حديث العيد، كل عام و انتم بخير.

&