في أعقاب تصاعد المخاوف المحيطة باستقرار النظام الإيراني، أصبحت شخصيات بارزة داخل المؤسسة السياسية تتحدث بشكل متزايد عن الحاجة الملحة للتغيير. وفي كلمته أمام موقع "فرارو" الذي تديره الدولة، تناول حشمت الله فلاحت بيشه، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان، الأزمات المتعددة الأوجه التي تجتاح النظام، داخليًا وخارجيًا.

تسلط رؤى حشمت الله فلاحت بيشه الضوء على الحالة غير المستقرة للسياسة الخارجية الإيرانية، ولا سيما ميلها إلى التدخل في شؤون الدول المجاورة. وحذر بوضوح من تصعيد وشيك في التدخلات الأجنبية، حيث تتنافس الفصائل البرلمانية على التفوق على بعضها البعض في التشدد. وحذر من أن هذا من المرجح أن يصرف الانتباه عن القضايا الداخلية الحيوية ويؤدي إلى تفاقم التوترات مع القوى الغربية.

ومن وجهة نظره الداخلية، سلط حشمت الله فلاحت بيشه الضوء على الإنفاق الباهظ الذي ينفقه النظام على دعم نظام بشار الأسد في سوريا، والذي يصل إلى 30 مليار دولار. وقال إن مثل هذا الإنفاق الباذخ لا يؤدي إلى إجهاد الاقتصاد الإيراني الهش بالفعل فحسب، بل يسلط الضوء أيضاً على أولويات النظام التي ليست في محلها. علاوة على ذلك، أكد على التأثير الضار لتورط إيران في صراعات مثل أوكرانيا وغزة، الأمر الذي زاد من عزلة البلاد على الساحة الدولية.

وكان من أهم انتقادات حشمت الله فلاحت بيشه هو فشل النظام في تبني استراتيجية متماسكة لخفض التصعيد في تعاملاته الخارجية. وأعرب عن أسفه لغياب الجهود الهادفة لتخفيف التوترات، على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وعزا هذا الجمود إلى المصالح الفئوية السائدة داخل البرلمان والحكومة. وحذر من أن هذا الافتقار إلى البصيرة لن يؤدي إلا إلى تعميق ترسيخ النظام في مستنقع الركود الدبلوماسي.

وبرزت مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة كمثال مؤثر على الأخطاء الدبلوماسية التي ارتكبها النظام. واستشهد فلاحت بيشه بالمحادثات المتوقفة في جنيف، وعزا المأزق إلى تورط إيران في الصراع الروسي الأوكراني. وأشار إلى أنه على الرغم من التحذيرات المبكرة، تجاهل النظام التداعيات المحتملة حتى فوات الأوان، مما يعرض للخطر احتمالات إنقاذ الاتفاق النووي.

إقرأ أيضاً: هل ضاعت مليارات دعم الأسد؟

وبالإضافة إلى الأخطاء الفادحة في السياسة الخارجية، أكد حشمت الله فلاحت بيشه على إحجام النظام عن تأييد مجموعة العمل المالي (FATF) باعتبارها عائقًا آخر أمام استقراره الاقتصادي. وأعرب عن أسفه للفشل في التصديق على بروتوكولات مجموعة العمل المالي، الأمر الذي لم يؤد إلى تفاقم التكاليف الاقتصادية فحسب، بل أكد أيضًا على نفور النظام من الشفافية والمساءلة. وقال إن هذا لن يؤدي إلا إلى تأجيج عدم الثقة والسخط العام، مما يزيد من تآكل شرعية النظام.

وفي خضم هذه التحديات، سلط حشمت الله فلاحت بيشه الضوء على تبديد احتياطيات النفط الإيرانية باعتباره مثالًا فاضحًا بشكل خاص على سوء الإدارة الاقتصادية. وأشار إلى التناقضات في مبيعات النفط المبلغ عنها، مما يشير إلى تخفيضات كبيرة وخسائر في الإيرادات مما يزيد من الضغط على المالية العامة للبلاد. وحذر من أن أوجه القصور هذه لن تؤدي إلا إلى تفاقم الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الإيرانيون العاديون، مما يؤدي إلى تأجيج المظالم ضد النظام.

إقرأ أيضاً: النظام الإيراني والخداع الانتخابي

وفي الختام، يرسم تقييم حشمت الله فلاحت بيشه الصريح صورة قاتمة لآفاق النظام الإيراني في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة. وهو يرى أن الإصلاحات العاجلة ضرورية لتجنب المزيد من التدهور واستعادة الاستقرار، سواء على المستوى المحلي أو على الساحة العالمية. وحذر من أن عدم الاستجابة لهذه التحذيرات قد يؤدي إلى كارثة للنظام والأمة ككل.