أخذت القضية الفلسطينية من العمر الكثير؛ من أعمار أسلافنا ومن أعمارنا، وقد يستمر الوضع على حاله طالما بقينا على حالنا أمام أبرز القضايا السياسية والإنسانية في العالم العربي والإسلامي، وعقود من الصراع غير المتوازن الدائر على أرض الشرق الأوسط، وتبقى فلسطين محوراً للتضامن بين العرب والمسلمين.

ارتبطت مدينة كربلاء تاريخياً بالقيم الثورية لارتباطها بمعركة الطف وفتنة المسلمين واستشهاد الإمام الحسين وأهله وأصحابه، وكانت محوراً للحركات الثورية في العالم الإسلامي ووسيلة تتمسح بها قوى الادعاء في العالم الإسلامي كما فعل خميني ونظامه وجنوده. وقد استغل نظام خميني مشاعر وعواطف المسلمين وخاصة الشيعة منهم ولعب عليها محاولاً تثبيت سلطانه وربط بين كربلاء والقدس على خط واحد بقوله "طريق تحرير القدس يمر عبر كربلاء"، وكان يقصد بالقول "عبر كربلاء" تحرير كربلاء من خلال احتلال العراق، الأمر الذي دفع خميني إلى إعلان الحرب على العراق ثماني سنوات، أهلكت الشعبين العراقي والإيراني، ولو صدق خميني في سيناريو تحرير القدس لتعاون مع العرب في ذلك أو على الأقل أعان حلفاءه في سوريا على استعادة الجولان ومن ثم إن صدقا كليهما انطلقا من دمشق إلى القدس.. لكن الحقيقة أنَ رواية كربلاء والمرور منها إلى القدس لم تكن سوى أُكذوبة أدمن عليها خميني للعبث بوعي الشعوب العربية والإسلامية.

تحرير فلسطين مفهومٌ يتجاوز مجرد استعادة الأراضي المحتلة بل يتعلق بالحفاظ على الهوية الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني وضمان كافة حقوقه متماسكاً غير مفكك، في هذا السياق ومع الأسف، لم يتعامل خميني بقيم ومبادئ الثورة المرتبطة بكربلاء من أجل فلسطين والقدس الشريف، ذلك لأنَّ كربلاء لم تكن سوى وسيلة لبلوغ الغاية، ولم تكن ولن تكون لدى خميني ونظامه عقيدة سليمة لا بالقدس أولى القبلتين ولا بكربلاء التي استشهد على ترابها سبط رسول الله (ص)، والمؤسف في الأمر أنه، بالرغم من أنَّ مدرسة خميني ونظامه تسوق القدس على أنها مدينة بلا قدسية، وهو ما يتناقض مع شعاراتهم من أجل تحرير القدس، ومع ذلك هناك من العرب من يقعون فرائس وضحايا لتلك الشعارات الكاذبة، ويلهثون وراء نظام ولاية الفقيه في إيران مخلصين له في حين يرفضه شعبه وينادي بسقوطه، فعلى مَن يا تُرى سيصبح ولي الفقيه إمبراطوراً؟ على فرق من خارج أراضيه أم على مجموعة من المنتفعين داخل وخارج أراضيه وتحت أي شعار؟ شعار الشيعة وقد أهلكهم أو شعار الإسلام الذي شوهه أو شعار تحرير فلسطين وهو يحتل كربلاء وبغداد ودمشق وبيروت على مقربة من فلسطين ولم يحررها ولن يحررها، وقد احتل صنعاء وسيحتل غيرها من المدن العربية من بعدها ولن يحررها، ويريد احتلال الأردن لكي يحرر القدس، وتتساقط غزة وتهوي في الجحيم لأنه أراد معركة بالنيابة عنه حتى آخر فلسطيني، من أجل إخلاء غزة من أهلها، وهو الأمر الذي كان ينتظر مسبباته الاحتلال الإسرائيلي. كل ذلك ولم ولن يحرر القدس بل فكك وحدة الفلسطينيين، ويبدو أن كل ما فعله كان بمباركة دولية وبتوافق مع الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر.

متى يحرر الملالي فلسطين.. ألم يحن موعد تحريرها؟
ألم يحن موعد تحرير فلسطين بعدما تحررت كربلاء قبل أكثر من عشرين عاماً ووقعت بعدها دمشق وبيروت وصنعاء في أسر الملالي، وما أكثر السلاح المنفلت الذي في أيدي الملالي وجنودهم في المستعمرات العربية مثل كربلاء وبغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.. ولم يتوجه سلاحهم نحو الاحتلال الصهيوني الذي أباد غزة وهم يتفرجون، وكأن لا تعني لهم فلسطين ولا القدس ولا غزة شيئاً، وتلك هي الحقيقة التي يجب أن يدركها العرب ويقفوا عندها: لا تعني فلسطين ولا القدس شيئاً عند كهنة المعبد ملالي إيران! ولن تتخطى كونها شعار لصنع أزمة بالمنطقة تخدم مصالح الغرب الذي يدعم ملالي المعبد في إيران بشكل غير مباشر.

أما جديد اليوم فلم يعد فيه الطريق إلى القدس عبر كربلاء بل عبر الأردن بحسب ما طالعتنا به صحيفة ابتكار، إحدى صحف الملالي الرسمية، بمقال قصير أشبه برسالة عدائية موجهة لإحداث فتنة وتبييض وجه الملالي بعد افتضاح أمرهم وتقديمهم خدمة جليلة للمعتدين على الشعب الفلسطيني وعلى غزة المنكوبة، سعياً إلى تحويل المجرمين وقتلة الأطفال إلى ضحايا تتهاوى عليهم صيحات التعاطف ومليارات الدعم المادي وأمواج التسليح العسكري...! نعم الرواية الجديدة للملالي بحسب رسالة صحيفة ابتكار أن طريق تحرير القدس يمر عبر الأردن.