ميدان ورقم جديد يدخله العراق، يتقدم فيه على الكثير من دول الجوار والعالم، ويحتل المرتبة الـ 32 من بين الدول التي تنتشر فيها المخدرات، وهي مرتبة متقدمة ومؤسفة، لكنها حقيقة وقد تتفاقم وتزداد حسب تصريحات مسؤول حكومي في الفريق الوطني لمكافحة المخدرات التابع لاستشارية الأمن الوطني العراقي.

المخدرات التي لم يعرفها جيلنا بل وأجيال كثيرة من العراقيين حتى عام 2003، تحولت إلى خبر يومي معتاد في وسائل الإعلام، عن إلقاء القبض على تجار أو تفكيك عصابة أو غيرها من الأخبار اليومية التي تبين حجم وانتشار هذه الآفة، والتي تحولت إلى أكبر خطر يواجه العراقيين، بل هي إذا صح التعبير أم المخاطر والمهالك، التي تمثل الباب والمدخل لكل الجرائم والمخاطر والأزمات التي تعصف بالحياة.

العراق الذي كان يصنف بأنه من البلدان الخالية أو النظيفة من المخدرات، والتي لم نكن نعرفها أو نشاهدها إلا من خلال الأفلام والمسلسلات، تحولت إلى واقع نعيشه في العراق الجديد، كما أن الأمر الخطير هو تحول العراق بسبب موقعه الجغرافي وضعف الدولة وانتشار مراكز قوى تملك السلطة والسلاح والنفوذ وهي خارج إطار الدولة، لكنها في بعض المناطق والمواقع أكبر حتى من الدولة، وهي تمارس الفساد والإفساد والتهريب والإرهاب والقتل والغاء الخصوم، وهي تحتاج إلى أموال وتمويل لبسط سيطرتها وفرض نفوذها، وهذا لا يتحقق إلا عن طريق المخدرات، والذي حوّل العراق خلال السنوات القليلة الماضية من بلد مرور أو عبور للمخدرات إلى مستهلك ومركز تهريب وتصدير واستيراد بل وحتى زراعة وإنتاج بعض أصنافها.

الواقع المفروض
وبالرغم من الإحصائيات والأرقام التي تنشرها مختلف الجهات عن المخدرات في العراق، وصدور الأحكام القضائية على التجار والمتعاطين، وإعلانها عن النجاح في السيطرة على طرق التهريب والتجارة فيها، فإنَّ انتشار الكثير من الجرائم المُروعة والبشعة وتغول الفساد وتحوله إلى ما يشبه الواقع المفروض والمعاش في مختلف جوانب الحياة، بل وانتشار الإرهاب وقدرته على المناورة والانتقال بين أكثر من مكان وموقع، يعود في الدرجة الأساس والرئيسية إلى تشابك المصالح والتخادم في الأداء والنشاط بين مختلف العصابات والجهات ومراكز السلطة والقرار، والوصول إلى نتيجة واحدة وهي أن يربح ويستفيد الجميع على حساب تدمير الوطن والإنسان.

إنَّ دخول فئات وأصناف من المتعاطين مثل النساء والطلبة بل وبعض منتسبي القوى الأمنية والجيش، يعد مؤشراً خطيراً على توسع وانتشار هذا الوباء، والذي تبدو جهود الحكومة في مواجهته بسيطة وخجولة، حيث نحتاج إلى حملة وطنية مستمرة ومكثفة للتوعية تساهم فيها المنظمات والقوى المؤثرة في المجتمع والمؤسسات الدينية والاجتماعية من أجل بيان أخطارها وطرق الوقاية منها وآثارها، والتمييز بين المتعاطي الذي هو مريض يحتاج إلى علاج، والمروج والتاجر الذي يحتاج إلى بتر وتنفيذ العقوبات التي يقررها القضاء بإعدام التجار بشكل علني بما يخلق الردع لدى الآخرين.