أسامة مهدي: بعد ضجة الاستياء التي اثارها قرار هيئة المساءلة العراقية لاجتثاث البعث بمصادرة أملاك اكثر من 4 الاف من عناصر النظام السابق وابنائهم واحفادهم وزوجاتهم واعتباره نسفا لكل جهود الخروج من دوامة الصراع والثأر والانتقام العشوائي، فإنّ الاتجاه يسير حاليا نحو تعديل قانون الاجتثاث بما يخفف من اجراءاته العقابية ويقلص عدد المشمولين بها.

وتشير وثيقة صادرة بتاريخ 5 مارس الحالي واطلعت عليها "إيلاف" اليوم الى ان القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي قد اصدر امرا بإستثناء 455 ضابطاً ومنتسباً أمنياً من إجراءات هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث التي كانت تقضي بطردهم من مؤسساتهم العسكرية. ووقع الخطاب الرسمي للاستثناء الفريق محمد حميد كاظم السكرتير الشخصي للعبادي.

وكانت هئية المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث قد اصدرت في الخامس من الشهر الحالي قرارا ينص على حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لرئيس النظام العراقي السابق صدام حسين وأولاده وأحفاده وأقاربه حتى الدرجة الثانية وأكثر من أربعة آلاف آخرين من مسؤولي النظام وحزب البعث.

البرلمان يعد بإنصاف من تضرر

ومن جانبه بحث رئيس مجلس النواب سليم الجبوري مع اعضاء هيئة المساءلة للاجتثاث بحضور عدد من اعضاء لجنة المصالحة والمساءلة والعدالة النيابية ومستشاري البرلمان وبالتفصيل الأسماء التي وردت في قوائم مصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة التي اعلن عنها مؤخراً من قبل هيئة المساءلة والعدالة والتي تجاوز عددها 4 الاف اسما لعناصر ومسؤولي النظام السابق وابنائهم واحفادهم وزوجاتهم حيث اكد على ضرورة انصاف من قارع الارهاب وساهم في بناء المؤسسات الدستورية او من لم تتلطخ ايديهم بدماء العراقيين او من لم يثري على حساب المال العام.

وشدد على ضرورة اجراء مراجعة دقيقة لتلك القوائم وان تأخذ بنظر الاعتبار كل الملاحظات التي اثيرت من قبل العديد من الجهات التنفيذية والتشريعية والشعبية كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تسلمته "إيلاف"، موضحاً "ان البرلمان سيتخذ جملة من الاجراءات بالتعاون مع هيئة المساءلة والعدالة لمعالجة هذه الاشكاليات وانصاف من تضرر جراء ممارسات النظام السابق لتكون القوانين والقرارات عادلة ومنصفة وانسانية لكل شرائح المجتمع العراقي".

واشار الى ان "اجراءات الحجز السابقة كانت تشمل 49700 شخصاً بينما القوائم الصادرة مؤخرا شملت 4354 شخصاً فقط مما يتيح للألاف ممن حجزت اموالهم وفق القرارات والقوانين السابقة بالتصرف بها بشكل حر".

تعديل قانون الاجتثاث

علمت "إيلاف" ان مجلس النواب العراقي يتجه الى تعديل قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث للتخفيف من اجراءاته العقابية الواسعة ضد عشرات الالاف من العراقيين.

وتتضمن مسودة قانون سيناقشها المجلس على 5 مواد هي كما يلي:

1- يستثنى من المساءلة والعدالة وقانون 72 لسنة 2017 (كل من الشهداء وذويهم ومن تصدى للارهاب وساهم بدحرة مادياً ومعنوياً ومنتسبي الجيش والشرطة والحشد الشعبي والحشد العشائري وضحايا الارهاب والمتوفين وكل من لم يؤشر عليه اي نشاط معادي خلال الفترة الماضية وغير مطلوبين للمحكمة الجنائية العليا).

2- اعتماد القوائم التي اقرت في تحديد الرتب العسكرية لغرض توزيع الاراضي السكنية على الجيش والشرطة والاجهزة القمعية وفقاً لقرار 117 لسنة 2000 والموجودة حاليا لدى ادارات التسجيل العقاري.

3- تتولى هيئة المساءلة والعدالة اعداد القوائم الجديدة خلال شهر من تاريخ اقرار هذا التعديل وسحب القوائم القديمة من الجهات ذات العلاقة.

4- تمدد فترة تقديم طلبات رفع الحجز عن الاموال والممتلكات الى نهاية هذا العام 2018.

5- تنجز اللجنة الوزارية عملها خلال ستة اشهر وبخلافة تحال القضايا غير المنجزة الى القضاء للنظر فيها وفقاً للقانون.

وتشير المسودة التي حصلت "أيلاف" على نصها ألى ان هذه التعديلات على القانون "تأتي تقديراً لدماء الشهداء وجهود الذين تصدوا للارهاب بكل اشكاله ومراعاة للجوانب الانسانية ".

نسف لجهود الخروج من دوامة الصراع والثأر والانتقام 
كما وصف حزب نائب الرئيس العراقي أياد علاوي قرار هيئة اجتثاث البعث بحجز ومصادرة أملاك وأموال الرئيس السابق صدام حسين وأولاده وأحفاده وأقاربه حتى الدرجة الثانية وأكثر من أربعة آلاف من مسؤولي النظام وحزب البعث بأنه أحد أشكال العقوبات الجماعية والسياسات والإجراءات المعطلة لمشروع المصالحة الوطنية. 

واشار الى انه منذ سنين هناك طلبات وقرارات جائرة بحرمان الألوف من المواطنين والعسكريين من حقوقهم في حصولهم وذويهم على تقاعد كحق أساسي لهم ومنذ عام 2015 تحت لافتة اجتثاث البعث المجحف.

وحذر من ان مثل هذه الإجراءات المحبطة تنسف عن سبق إصرار كل الجهود الوطنية للخروج من دوامة الصراع والثأر والانتقام العشوائي ، وتعطل الانتقال صوب التسامح والعقلانية وبناء المؤسسات ، فضلا عن انها تجهز على سيادة القانون ومبادئ المواطنة وإشاعة روح الألفة والمحبة وحقوق الإنسان ، فيما تكرس النزعات الفئوية، وتزيد حالة الانقسام المجتمعي بالتزامن مع تصاعد حدة السجال الانتخابي.

وشدد الحزب على ان الحل الصحيح لهذه القضية هو ما أقدمت على الحكومة المؤقتة عام 2004 برئاسة اياد علاوي بتشريع إنهاء أعمال اجتثاث البعث خلال ثلاثة أشهر واحالة الموضوع برمته الى القضاء، لكنه عبر عن الاسف ان ذلك التشريع لم يكتمل لاعتراض احد أعضاء هيئة الرئاسة عليه في ذلك الوقت.

.. والعبادي ممتعض ايضا

الثلاثاء الماضي، انتقد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وقرارها بحجز ومصادرة الأموال بعد جملة انتقادات طالت القرار نتيجة شمول قادة عسكريين قتلوا في الحرب ضد تنظيم داعش.

وقال العبادي إن القائمة التي أصدرتها الهيئة أظهرت عدم وجود مراجعة حقيقية على الأرض، وأضاف أن عمل المساءلة والعدالة اتسم بالازدواجية.. ودعا إلى إبعاد ملف المساءلة والعدالة عن مسائل الابتزاز والفساد والصراع السياسي.

وأبدى استغرابه من وضع بعض الشخصيات التي ساهمت في قتال تنظيم داعش على القائمة وقال إن هناك "أشخاصا ينتمون إلى الحشد الشعبي في محافظتي صلاح الدين والموصل صدرت بحقهم قضايا اجتثاث، فيما لم يتم تفعيل ملفات حقيقية صدرت بحق آخرين ساهموا في سقوط الموصل وعليهم ملفات اجتثاث حقيقية". وأكد أن الحكومة فتحت تحقيقا في الأمر ودعا القائمين على هيئة المساءلة إلى الالتزام بالعدالة وشدد "أنهم ليسوا بعيدين عن المحاسبة والتدقيق".

ولم تقتصر الانتقادات الموجهة لقرار هيئة المساءلة على وزارة الداخلية فقط، بل صدرت أيضا تصريحات من نواب سنة في البرلمان العراقي تهاجم القرار لشموله مئات القادة العسكريين الذين شاركوا في بناء المؤسسة العسكرية بعد عام 2003.