إيلاف من لندن: فيما بدأ العراقيون احتفالاتهم مساء الاثنين بليلة رأس السنة الميلادية الجديدة وسط اجراءات أمنية مشددة فقد اعتبر قادة الطوائف المسيحية العراقية تحريم رجلي دين عراقيين شيعي وسني للاحتفال بعيدي&الميلاد ورأس السنة وتهنئة المسيحيين بهما طرحا خرج منه الفكر الارهابي مشيرين الى ان اي مسيحي لم يعد يشعر بالامان في العراق بعد فتواهما بهذا الخصوص.. فيما تم رفع دعاوى قضائية ضدهما بتهمة التحريض على الكراهية.

وكان الشيخ مهدي الصميدعي مفتي العراق الرسمي لاهل السنة قد افتى خلال خطبة الجمعة الماضي بحرمة الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية او تهنئة المسيحيين باعياد الميلاد قائلا "لا تشاركوا النصارى الكريسمس لان هذا معناه بانكم تعتقدون بعقيدة الثالوث" وذلك في تعليق على إعلان الحكومة العراقية يوم 25 ديسمبر من كل عام عطلة رسمية بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح.

كما قال رئيس الوقف الشيعي علاء الموسوي من جهته "إن المسيحيين يرتكبون جميع الرذائل والفجور في ذكرى مولد السيد المسيح وهذا لا يليق بنبي" مفتيا بحرمة المشاركة بحفلات الفجور هذه على حد وصفه.&
وبمواجهة ذلك فقد رفضت فعاليات دينية وسياسية وشعبية هذه التصريحات، وقال المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في رد على سؤال وجه إليه من قبل أحد أتباعه يسأله فيه "هل يجوز تبادل الود والمحبة مع غير المسلم إذا كان جارا أو شريكا في عمل أو ما شابه؟.. فقال السيستاني "إذا لم يكن يظهر المعاداة للإسلام بقول أو فعل فلا بأس بالقيام بما يقتضيه الود والمحبة من البر والإحسان إليه".&

أما المجمع الفقهي العراقي السني فقد اشار الى إن "التهنئة في العام الجديد جاءت من باب التوقيت الزماني الذي تستخدمه بلادنا في الحساب الفلكي ولا يدخل في باب العقائد".. معتبرا في بيان انه "يجوز تهنئة غير المسلمين برأس السنة الميلادية وتبادل الهدايا معهم، فالمسيحيون أخوة لنا في الوطن والإنسانية وقد تعرضوا لبلاءات مثلنا وشوهت صورة ديننا عند الكثير منهم وحقهم علينا أن نبرهم".

كما عبر القادة العراقيون اليوم في رسائل الى المواطنين عن املهم بأن يكون العام الجديد عاما "للازدهار والتقدم نحو بناء الدولة وعودة جميع النازحين الى ديارهم".

رؤساء الطوائف المسيحية: فكر بعض رجال الدين داعشي

وعبر رؤساء مجالس الطوائف المسيحية الثلاثة عشر في العراق في رسالة الى الرئيس برهم صالح ورئيس الحكومة عادل عبد المهدي الاثنين حصلت "إيلاف" على نصها عن الالم لما قالوا انه "بعد كل المعاناة والعذاب&الذي ذقناه وذاقه العراقيون نتيجة الكراهية والتطرف والتكفير ان يخرج علينا في اعيادنا مفتي الديار العراقية ورئيس ديوان الوقف الشيعي ويكفراننا".

&

بيان رؤساء مجالس الطوائف المسيحية في العراق

&

واكدوا انه "لم يعد اي مسيحي او اي احد من غير المسلمين يشعر بالامان الان بعدما طرحه الشيخ الصميدعي والسيد الموسوي عن المسيحيين". وتساءلوا بالقول "هل يعقل بعد احتلال داعش لثلث العراق وبحار الدم التي سالت من المسلمين والمسيحيين والابادة الجماعية التي حلت بالايزيديين وتلعفر ومجزرة سبايكر يخرج علينا الشيخ الذي يحمل لقب مفتي الديار العراقية ليكفر جزءا من الشعب العراقي ودون الولوج في التاريخ وبالسكان الاصليين (فكل العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات في الدستور وامام القانون).. واضاف على ذلك وزاد الشيخ علاء الموسوي".

واكد رؤساء مجالس الطوائف المسيحية قائلين "إن داعش والقاعدة وغيرهما من التنظيمات التي اوغلت بدماء العراقيين والبشر من شتى الجنسيات والاديان والاعراق ليست بتنظيمات بل هي فكر ونهج.. فكر خرج من رحم هذه الطروحات التي تفوه بها الشيخ الصميدعي ورئيس ديوان الوقف الشيعي".

وتساءلوا مستغربين "كيف يمكن ان يبنى وطن وكيف يمكن ان يصاغ عقد اجتماعي في بلد عندما يخرج رجلا&دين بهذه المكانة ويكفران جزءا من الشعب؟ وكيف يمكن ان يتحقق التعايش في ظل مثل هذا الطرح؟ ويحصل هذا بعد الكارثة التي حلت بالعراق ؟.. شيء&لايصدق.

واشار قادة مسيحيي العراق في ختام رسالتهم الى "ان الشيخ ابن تيمية الذي استشهد بكلامه الشيخ الصميدعي عاش قبل اكثر من 650 عاما ولم يكن هناك عراق ولم تكن هناك دول وطنية.. ومن غير الممكن الغاء عقل وتطور البشر لحوالي سبعة قرون والخروج بمثل هذا الرأي اليوم".. في اشارة لما رواه الصميدعي عن ابن تيمية "قال ابن القيم رحمه الله من هنأ النصارى في أعيادهم كمن هنأهم في السجود لصلبانهم".

دعوى قضائية

وقد تقدمت 63 عائلة مسيحية بدعوى قضائية إلى محكمة في بغداد ضد الصميدعي، وقالت في شكواها ضده "في حال تعرضت أي عائلة مسيحية في بغداد والمحافظات إلى تهديد أو ترحيل قسري فنحمل الصميدعي كل&المسؤوليات&بخصوص ما سيحدث لأبناء المكون المسيحي".

&كما دانت الكنيسة الكلدانية كلام الصميدعي.. منوهة في بيان الى ان "المعروف عن رجل الدين من أي دين كان أن يدعو إلى الأخوّة والتسامح والمحبة وليس إلى الفرقة والفتنة". وأضافت أن "من يتبنى (هكذا) خطاب هو شخصية غير مكتملة ومن المؤسف أن نسمع (هكذا) أدبيات مستهلَكة بين حين وآخر".

وطالبت الكنيسة الحكومة العراقية بالتحرك ضد هذا النوع من الخطب ومقاضاة مروّجيها خصوصاً عندما تصدر من منابر رسمية.

احتفالات واسعة في عموم العراق وسط اجراءات أمنية مشددة

وبدأت في عموم العراق مساء الاثنين احتفالات ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة 2019 وسط اجراءات امنية مشددة.

واعلن الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن عن بدء انتشار امني لشرطة النجدة امام المطاعم والمتنزهات وقاعات المناسبات واستنفار كل طاقات المرور العامة بمشاركة جميع القطعات العسكرية والاستخبارية في تأمين احتفالية هذه الليلة.

واشار الى ان العنصر الاستخباري المدني سيلعب&دورا&مهما&الليلة كتأمين وملاحظة اي حالة تثير الشك بالاضافة الى التواجد في المتنزهات العامة منها الزوراء والمولات في بغداد ومنع اي حالات للتحرش.. منوها الى انه ستكون هناك بعض القطوعات المرورية قرب المتنزهات والمولات في حال وجود عدد كبير من المحتفلين لتأمين الوضع الامني لهم.

واكد انه "سيتم القاء القبض على كل شخص يقوم باطلاق النار لجعل الاحتفال حضاريا ويكون الاحتفال بالالعاب النارية بصورة صحيحة وعدم رميها امام المختلفين والمركبات والابتعاد عن الاماكن السكنية وبخلاف ذلك يتم القاء القبض على المخالفين " ودعا المواطنين الى التعاون مع القوات الامنية وابلاغها في حال مشاهدة أي جسم مشبوه او غريب.

واحتفل العراق الرسمي والشعبي الثلاثاء الماضي بميلاد السيد المسيح واقيم قداس بكنيسة مار يوسف في بغداد بمشاركة الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس وزراء الفاتيكان بترو بارولين و بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل الأول ساكو.

&والمسيحية هي من اقدم الاديان في العراق والثانية بعد الاسلام من حيث معتنقيها، لكن اعداد المسيحيين تناقصت بعد التغيير في العراق عام 2003 أثر استهدافهم من قبل جماعات اسلامية مسلحة متطرفة.. وتناقص عددهم من حوالي المليون ونصف المليون نسمة آنذاك الى حوالي 400 الف حاليا.

وبعد عام 2003 تعرضت حوالي 60 كنيسة للتفجير أو الهدم فيما أغلقت 12 كنيسة أبوابها في العاصمة بغداد إثر تزايد ظاهرة هجرة المسيحيين.
&