مقدمة لابد منها: 
ليس خافيا على احد إن من يضطهد شعبه ويسحق كل محاولة للمطالبة بحقوقه ويعلن الحرب عليه وينكل به و يُضيّق الخناق عليه ويقوم بارتكاب مجازر والتطهير العرقي بحقه، ليس فقط لايمكن ان يكون مع حرية الشعوب المضطهدة الاخرى، وانما يشكل خطراً على نضال الشعوب من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية، فحرية الشعوب لاتتجزأ ابدا.. 
ان النظام الإيراني لايزال يمتلك قوى قمعية ضاربة، تستطيع التعامل مع أي تحرك منفرد لقوى المعارضة، الامر الذي يحتم ضرورة تجميع هذه القوى المتشرذمة والمنقسمة على نفسها في عمل موحد واسع، يستطيع ان يتجاوز التفوق المؤقت لقوى القمع الإيرانية، وكسب اوساط من داخل مؤسسات السلطة الإيرانية القمعية، لقيادة الطاقات الشعبية الغاضبة والاحتجاجات التي تعم اليوم المدن الإيرانية والتي تتسع دائرتها يوم بعد يوم،فالقوى التغيير الحقيقية هي القوى الداخلية، ولايصح التعويل على القوى الخارجية لانجاز مهمة التعيير بدلا عنها. رغم ان هذا لاينفي، من جانب ثان، حاجة القوى الداخلية المعول عليها اساسأ في التغيير الجذري، الى الاسناد الخارجي، السياسي والمعنوي. 
معارضة كوردية إيرانية متشرذمة ومنقسمة على نفسها: 
تبلغ الاحزاب الكوردية الايرانية (18) حزبا، و أهم تلك الأحزاب, التي لها اجنحة مسلحة وبيشمركة مدربة: (الحزب الديمقراطي الكوردستاني الايراني (حدكا) بشقيه وعصبة كادحي كوردستان (كومه له) وحزب كوردستان (باك ) وحزب الحرية الكوردساني الايراني بزعامة علي قاضي محمد نجل الشهيد قاضي محمد (رئيس جمهورية كوردستان (جمهورية مهاباد)، وحزب كومنست الايراني بزعامة ابراهيم زادة،ومنظمة النضال الكوردستاني في إيران بزعامة بابا شيخ حسيني.، وحزب الحياة الحرة الكوردستاني (بزاك (PJAK )، ولكن وللاسف ان هذه الاحزاب المعارضة لاتزال متشرذمة ومنقسمة على نفسها بسبب خلافاتها حول عدة امور داخلية بحيث توزع كل منها على عدة اجنحة فمثلا يتألف الحزب الديمقراطي الكوردستاني الايراني( حدكا ) من جناحين مختلفين وتتألف (عصبة الكادحين كومه له ) من ثلاثة اجنحة. 
ان الارهاب الدموي الذي مارسته النظام الإيراني ضد القوى والاحزاب السياسية المعارضة، قضى على امكانية وجود عمل سياسي معارض مكشوف داخل إيران، وصعب الى ابعد الحدود خوض نضالات شعبية معارضة للنظام الملالي، توججها قيادات تعملل سرا في ظل سيطرة اجهزة القمع والارهاب والاعدامات. واضطر ذالك غالبية القيادات السياسية المعارضة، اما الى تنظيم الكفاح المسلح او ممارسة عملها ونشاطها السياسي من المهجر.
ان الاحتجاجات و المظاهرات التي عمّت مدناً عدة في إيران، والتي وصفت بأنها "ثورة جياع" لم تكن مفاجِئةً على الإطلاق, بل كان متوقعا جدا، فإيران بلد غني ولكن أكثر من نصف سكانه يعيشون تحت خطّ الفقرو يعانون من الضائقة المعيشية الخانقة واضطراب الامن و ارتفاع الاسعار بمعدلات عالية تستنزف القدرة الشرائية للرواتب والاجور والمداخيل وتؤدي الى خفض مستويات المعيشية لذوي الدخل المحدود في ظل غياب تدابير تحمي المواطن الايراني، وهذا شيء غير طبيعي ولا يمكن إلّا أن يجرّ إلى ثورة عارمة عاجلاً أم آجلاً، اضافة الى الاضطهاد الممنهج للشعوب والاقليات التي تعيش في ايران، فهناك أزمة عميقة جدا يعاني منها النظام الإيراني, فمسيرة الاحداث والاوضاع وخاصة خلال العقود الاخيرة اكدت من جديد ان النظام الإيراني ليس لديه ما يقدمه للمواطن باستثناء الشعارات البراقة وخطب حماسية لغرض الدعاية الانتخابية أو حتي للخداع فحسب..
وعليه أن الجميع يعلم تمام العلم،ان الخروج من المازق الذي تعيشه إيران وانهاء معاناة شعبها لن يتحقق إلا بتغيير جذري في طهران، للخلاص من النظام الملالي الدكتاتوري و المباشرة في إرساء دعائم حياة ديمقراطية فدرالية سليمة، ومن الضروري هنا ان نؤكد على مسالة أرتباط الفدرالية بمسالة الديمقراطية، حيث لايمكن فصلهما، كما لايمكن الحديث عن اي بناء ديمقراطي لاياخذ بنظر الاعتبار مسالة الفدرالية السياسية في ايران، والغرض منها حل القضية القومية،وضمان حقوق الشعوب، منها الشعب الكوردي الذي حرم من ابسط حقوقه المشروعة، فموقف إيران التاريخي من القضية القومية الكوردية وتصعيدها الاخيرلإلغاء نتائج الاستفتاء الكوردستاني مرتبط بسياسة إيران القمعية لمعالجة ازماتها الداخلية خارج حدودها، فهي تعاني من ازمة هوية الدولة احادية القومية المفروضة على مجتمع متعدد القومية والغاء هوية القوميات الاخرى وحرمانها من ابسط حقوقها وفقاً (للمعايير الإسلامية وبما يخدم المصالح العليا للبلاد). 
المادة( 15) من دستور إيران الصادر عام ( 1979 شاملا تعديلاته لغاية عام 1989 ): 
الفصل الثاني: اللغة والكتابة الرسمية والتقويم والعلم الرسميين للبلاد: 
تقول المادة( 15 )من الدستورالجمهورية الإيرانية نصأ: ( حماية استخدام اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة لشعب إيران هي الفارسية. ويجب أن تكون الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة والكتابة، ولكن يجوز استعمال اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة ووسائل الإعلام العامة، وتدريس آدابها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية ) ( انتهى الاقتباس ) 
الا ان ما نراه و نلمسه على ارض الواقع هو عكس ذالك تماما، فالشعب الكوردي يعانى من البطالة بنسبة تبلغ 60%، ويتعرض الى التهميش المقصود والاقصاء المتعمد والممنهج والى الاضطهاد والاعتقالات التعسفية والاعدامات، بجانب عدم تمكين ابناء الشعب الكوردي من العمل في الوظائف الحكومية والدولية الهامة، حتى أنهم لا يستطيعون تدريس لغتهم الأم الكوردية في المدارس، وهذا يخالف (المادة 15 ) من الدستور الإيراني، التي تكفل للأقليات والشعوب استعمال اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة ووسائل الإعلام العامة، وتدريس آدابها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية....
طهران حملت ( الشيطان الاكبر والكيان الإسرائيلي ) مسؤولية الإستفتاء الكوردستاني: تزامنا مع اجراء الإستفتاء الكوردستاني، شنت إيران حملات أمنية مشددة ضد المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع المدن والمناطق الكوردية في إيران فرحًا بإجراء إستفتاء انفصال إقليم كوردستان عن العراق، وأظهرت مقاطع فيديو عربات وآليات عسكرية تابعة للقوات الأمنية المشكلة من المخابرات والشرطة والحرس الثوري، وهي تقوم بدوريات في شوارع المدن لمنع تجمع الحشود المحتفلة فور اعلان نتائج التصويت على إستفتاء إقليم كوردستان، وقامت تلك القوات بإطلاق النارعشوائياً لترهيب الناس خوفا من امتداد حمى الإستفناء إلى أراضيها.
واعتبر (كمال دهقان) نائب رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني، أن اجراء الإستفتاء في إقليم كوردستان العراق "يتعارض مع القوانين الدولية"، مضيفا في تصريح لوكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري الإيراني خبرگزاری تسنیم ) أنه إذا انفصلت المحافظات الكوردية في العراق فان المناطق المتاخمة للإقليم مع إيران وتركيا والعراق "ستلحق بها تبعات أمنية واسعة."
من جانبه، قال عضو لجنة الأمن والقومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى،( محمد جواد جمالي)، إن استفتاء إقليم كوردستان العراق "قد يؤدي إلى نتائج خطيرة كإضعاف الدول وقواها العسكرية وبالتالي إزالة أي تهديد يواجه (الكيان الصهيوني )على حد تعبيره.
واتهم (جمالي) أمريكا وإسرائيل بالسعي إلى اختراع أزمات جديدة في المنطقة عبر مسألة تنظيم استفتاء إقليم كوردستان مضيفا: ( لطالما سعت القوى الاستعمارية إلى تجزئة وتقسيم الدول من أجل إضعاف قواها العسكرية وبالتالي إزالة أي تهديد يمكن أن يواجهه الكيان الصهيوني, واضاف، ان استفتاء إقليم كوردستان يحمل تبعات خطيرة على المنطقة ليس أقلها تحريك باقي القوميات الموجودة في المنطقة من أجل المطالبة باستقلالها. وهذا ما ترفضه دول المنطقة وخاصة إيران، تركيا والعراق). 
وفي نفس السياق صرح رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء (محمد باقري) وقال: إن قضية الاستفتاء في كوردستان العراق ( مؤامرة ويقف خلفها الكيان الصهيوني والاستكبار العالمي ).كما اعتبر (يحيى رحيم صفوي)، القائد السابق للحرس الثوري وكبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، ان قضية الاستفتاء في كوردستان العراق هو "مخطط جديد بعد هزيمة الإرهابيين التكفيريين في العراق وسوريا تقوم فصوله على تقسيم العراق وفصل شماله عنه ما يعني إثارة حرب طويلة الأمد في المنطقة" واضاف صفوي ان "تقسيم شمال العراق يعني بالضرورة بدء حرب وإيجاد فوضى طويلة الأمد لتلك المنطقة، وإن المتضرر الأول من هذا التقسيم سيكون أكراد شمال العراق "!
اخيرا،ان القيادة الكوردستانية قد صحت على حقيقة مرة مفادها: بدون التغيير الحقيقي في نهج وسياسات الدول العظمى من جهة, والتغيير في انظمة الدول الكولونيالية الإقليمية المجاورة المستبدة وتحديدا ( تركيا و ايران ) من جهة اخرى. وبدون التغيير الحقيقي في نظام المحاصصة الحاكم في العراق يبقى الكورد ( كشعب )بلا وطن ولا هوية. 
*( اتطرق باختصار في الجزء القادم،إلى تكملة موقف إيران من الإستفتاء وتحركاتها العسكرية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للعراق ). 
يتبع