طريق القدس يمر من الهلال الشيعي: 

شهدت السنوات الماضية وتحديدا بعد سقوط الصنم في 2003 تصاعدا في تدخل الدول الاقليمية في شؤون العراق الداخلية , وتاتي تدخلات كل من تركيا وايران بالدرجة الاولى , ولم تقتصر تلك التدخلات عليهما فقط , بل شهدت الفترة الاخيرة تدخلا من قبل دول الخليج ايضا , وعليه سعت الادارة الامريكية الى خلق توازنات جديدة في البعد الاقليمي , ونجحت في تحرحكها على دول الخليج لخلق محور مناؤي للتطلعات الايرانية الساعية الى امتلاك القدرات النووية وسيطرتها على المنطقة , ورغم ان ايران لا تريد مواجهة الولايات المتحدة الان , في ظروف تبذل فيها جهودا كبيرة لامتلاك الاسلحة النووية والتحول الى اقوى دولة في المنطقة , الا انها تتحرك لفرض زعامتها وهيمنتها على المنطقة , لذالك جعلت مشاريعها متداخلة مع مشاريع الاحزاب والمنظمات الاسلامية المتنفذة خاصة في (العراق ولبنان وفلسطين واليمن وافعانستان وباكستان ) ومن ثم مصر والاردن والسودان والتنظيمات الاسلامية الشيعية في دول الخليج , لمحارية الولايات المتحدة واشغالها هناك , واستنزاف طاقاتها وذالك لكسب الوقت لانتاج السلاح النووي , باعتبارها الاداة الرئيسية في توجهاتها , لكي تكون في وقت قريب دولة اسلامية اقليمية كبرى مسيطرة على سياسة دول منطقة الشرق الاوسط وتشترك مع ( روسيا والولايات المتحدة والصين ) ودول كبيرة اخرى في تحديد مستقبلها وتطورها .

نجحت ايران في خطتها واستطاعت ان تحول العراق إلى دولة تابعة ضعيفة لها بحكم علاقاتها القوية مع بعض القوى السياسية المتنفذة داخل العراق , إضافة إلى تحويل ( سوريا واليمن ولبنان وأفغانستان وباكستان ) إلى ساحة لخدمة مشروعها التوسُّعي بمساعدة عدد من الأحزاب والجماعات والجهات المتنفذة والمتسلطة والموالية لها,. وان العقيد (أحمد غلامبور)، وهو أحد أبرز قيادات الحرس الثوري الإيراني سابقا والأستاذ في جامعة عسكرية بطهران كان واضحا وصريحا في مقابلته مع وكالة فارس نيوز حين قال : (بفضل الاستراتيجيات التي وضعها المرشد (خامنئي) فإننا نقلنا معركتنا مع العدو إلى (سوريا ولبنان والعراق واليمن وأفغانستان وباكستان) , وإن الأمان الذي ينعم به الشعب الإيراني هو بفضل خدماتنا بطرد العدو خارج حدودنا والحرب معه خارج أراضينا ) 

ومن الجدير بالذكر, ان هذا التوجه والتحرك الايراني هو ما يقلق الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا اضافة الى دول الخليج , وخاصة بعد الاحداث التي وقعت في لبنان ( في مخيم نهر البارد وتداعياتها ) والعقبات التي وضعها (حزب الله)امام المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق ( رفبق الحريري ) مع 21 شخصًا، عندما انفجر ما يعادل 1000 كيلوغرام من مادة الـ(تي إن تي) أثناء مرور موكبه بالقرب من فندق (سان جورج )في بيروت , كذالك الانقلاب الذي نظمته حماس في قطاع غزة بفلسطين بدعم وتوجيه من طهران , وتحويل العراق الى حديقة خلفية لها , ودعمها لميلشيات الحوثي وتزويدهم بالصواريخ( الباليستية) بعد ان استخدمت ايران طيرانها المدني لتزويد الحوثيين بالصواريخ والأسلحة حتى ما قبل بداية (عاصفة الحزم) عام 2015 حيث إنه بعد انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء، أبرموا اتفاقا مع خطوط( ماهان إير) الإيرانية أقام الحرس الثوري الإيراني بموجبه جسرا جويا بين طهران وصنعاء , واستمرت إيران بتزويد الانقلابيين بما كانوا بحاجة إليه من أسلحة تحت ذريعة إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن....!

ومن الجدير بالذكر ,ان ايران لم تعد تخفي رسمياً دعمها للاحزاب والمنظمات والميليشيات التابعة والموالية لها , حيث أكد (حسن روحاني )في كلمته التي ألقاها أمام مجلس الشوري (البرلمان) الإيراني وبثها التلفزيون الإيراني، على استمرار دعم ميليشيات إيران في المنطقة واليمن، قائلا: ( أقبل أیادي مقاتلي المقاومة الذین زرعوا الیأس في قلوب الاستكبار العالمي والصهیونیة. إنهم نشروا الأمن في ربوع العراق وسوریا ولبنان وسينعم الیمن بالأمن أيضا ) . 

يزعم نظام ولاية الفقيه في طهرأن أحد أهم أهدافه هو : (تحرير القدس) , وعليه يبرر تدخلاته في دول المنطقة بحجة البحث عن( طريق جديد لتحرير فلسطين) بعد ان تحررت ( كربلاء ) وتحقق حلم( الإمام الخميني) الذي كان يردد في جميع المناسبات (بأن طريق القدس يمر من كربلا) . 

(محور المقاومة والممانعة ) : 

إن إيران تعرف جيدا بان مدينة كركوك الغنية بالبترول تمثل شريان الحياة الرئيسي لتمويل دولة كوردستان , بمعنى اخر لا يمكن إقامة دولة كوردستان بدون كركوك ومواردها الاقتصادية , وان مستشار قائد الثورة الاسلامية (علي اكبر ولايتي) كان واضحا وصريحا عنما قال ان: هزيمة الاكراد في كركوك افشلت مؤامرة مسعود بارزاني، لان هدف بارزاني ومن خلفه الكيان الصهيوني كان السيطرة على آبار نفط كركوك وان هذه المسألة تبدو خطيرة جدا بالنسبة للامن الاقليمي ) 

واستطرد ولايتي قائلا : ( ان رفع علم الكيان الصهيوني في شمال العراق، يدل على انه في حالة انفصال اكراد العراق سنرى حدودا للكيان الصهيوني مع الجمهورية الاسلامية ) . 

ولفت مستشار قائد الثورة الاسلامية للشؤون الدولية الى ان ايران رسمت خطوط حدودها على بعد مئات الكيلومترات من حدودها، منوها الى انه كما تملك امريكا قواعد بحرية لها للحفاظ على نفسها في الخليج الفارسي، تملك ايران عبر دعم (محور المقاومة والممانعة) (1 ) قواعد محكمة في حديقة الكيان الصهيوني الخلفية وذلك من اجل حماية حدودها امام تهديدات هذا الكيان.

 

جناح الطالباني ( حصان طروادة) العراقي لاستعادة المناطق المتنازع عليها :

استغل قائد فيلق القدس اللواء الحاج قاسم سليماني علاقتة الشخصية المتينة مع عائلة السيد جلال الطالباني الذي يطلق عليه اسم (المجاهد الدؤوب) , واشارسليماني في برقية تعزية بوفاة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني بان الرئيس العراقي الراحل السيد طالباني كان يعتبر الجمهورية الاسلامية الإيرانية بلده الثاني , وانه كان يدافع دائما في فترة الاحتلال الأمريكي للعراق عن التضامن بين شعبي العراق وإيران وباقي دول المنطقة وذلك انطلاقا من (فهمه الدقيق لحقائق المنطقة) وكان يؤمن بتحقيق حقوق جميع القوميات والأديان في الدستور وذلك ضمن إطار عراق واحد موحد.

وعلى هذا الاساس جاء اتفاق ( طهران وبغداد والسليمانية وتحديدا مع جناح الطالباني ـ السيدة هيرو ابراهيم احمد وبافل طالباني وابن شقيق طالباني الاب لاهور واراز شيخ جنكي ) ونص الاتفاق على عدة نقاط مهمة منها: تسليم كركوك بدون قتال وتشكيل إدارة مشتركة لها، وتسليم الحقول النفطية للحكومة الاتحادية. وكذلك الانسحاب من المناطق المتنازع عليها إلى حدود ما قبل 9 يونيو/حزيران 2014، مع تعهد الحكومة بدفع رواتب الموظفين وقوات البشمركه، والتعهد بفتح مطار السليمانية أمام الرحلات الجوية، وإقامة إقليم يضم السليمانية وكركوك وحلبجة. وبهذا كان الدور الإيراني التخريبي واضحا جدا في شق الإقليم إلى إدارتين أو إلى إقليمين،( إقليم السليمانية ـ كركوك ـ حلبجة ) مع الامتيازات الكبيرة والدعم الايراني , و( إقليم أربيل ـ دهوك ) مع ازدياد الضغط الداخلي والخارجي من تركيا وإيران بالعقوبات الاقتصادية والسياسية عليه . 

وحول (الخيانة الكوردية) في كركوك اصدر النائب الأول للأمين العام للاتحاد الوطني الكوردستاني، (كوسرت رسول علي)(2 ) بيانا بتاريخ 18/10/2017 استنكر فيه ما قام به فصيل ً من الاتحاد الوطني و حمله مسؤولية انتكاسة كركوك وطوزخورماتو وجميع الخسائر البشرية والمادية والمعنوية الأخرى التي لحقت بالمنطقة في 16 اكتوبر 2017 , كما اتهمه بالمنحرف عن نهج الاتحاد الوطني الكوردستاني والتعاون مع العدو بهدف الحصول على بعض المكاسب الشخصية والمؤقتة . 

ومن الجدير بالذكر إن الصفقة التي رعاها الحاج سليماني نصت على انسحاب القوات الكوردية التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني أمام تقدم القوات العراقية، مقابل تعهد بغداد بالإبقاء على نفوذ حزب الطالباني في كركوك. وعليه لم تواجه القوات العراقية مقاومة تذكر من قوات البيشمركة الكوردية التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني ، ما أثار الجدل بشأن وجود صفقة أعدها الجنرال الحاج سليماني مع جناح الطالباني .

ان تحالف الاتحاد الوطني الكوردستاني مع الجارة السيئة ايران ليس جديداً ابدا فمنذ عام 1991 تحالف الحزب المذكور مع إيران , وخاصة أثناء الحرب الأهلية (بين الاخوة الاعداء ) في التسعينيات من القرن الماضي ونتذكر جيدا مع بدء الجولة الثالثة للقتال في اب 1996 استعان الاتحاد الوطني بالدعم العسكري الايراني تمثل في جانب منه في السماح للقوات الايرانية بالتغلغل عميقا داخل اراضي الإقليم ، ولكنّ الجديد والغريب في الامر هو تحالف( فصيل او جناح داخل الاتحاد الوطني استخدم اسم طالباني في تمرير المشاريع الشخصية)وتحالفه مع ايران وبغداد بهدف الحصول على بعض المكاسب الشخصية والمؤقتة . 

يتبع 

ـــــــ
1 ـ (محور المقاومة والممانعة) اسم أطلقته على نفسها الدول التي تعارض السياسة الأميركية ـ الاسرائيلية في العالم العربي . 

2 ـ اعلن (كوسرت رسول علي )مع مجموعة من أعضاء الحزب القياديين في الاتحاد الوطني منهم ( حكیم قادر، أرسلان بایز، شیخ جعفر شیخ مصطفى، محمود سنكاوي، آزاد جندیاني، عدناني حمي مینا، جمیل ھورامي، حمیدي حاجي خلیل، شالاو علي عسكري) واخرين , اعلنوا مساء الخمیس،الأول من أیلول ، 2016 عن انشقاقھم عن الحزب وتشكیل جناح داخل الحزب باسم (مركز القرار)، منتقدین سیاسة الحزب الحالیة وطالبوا بعقد مؤتمر نزیه خلال اقرب وقت. وقال جناح (مركز القرار) في بیانه (نرفض استخدام اسم طالباني في تمریر المشاریع الشخصیة داخل الاتحاد) . كما انتقد الإجراءات التي أدت الى احتكار االحزب . ومن الجدير بالذكر, أن ھذه الحركة جاءت بعد خلافات مع كل من (ھیرو إبراھیم أحمد، زوجة الطالباني، وملا بختیار، عضو المكتب السیاسي) في الحزب المذكور .