قبل أيام في الاول من شباط تم احالة علم امريكي الى التقاعد .

العلم كان يرفرف مند سنوات طويلة فوق قاعدة انجرليك الامريكية الشهيرة في تركيا والتابعة لولاية اضنة في جنوب البلاد والقريبة من الحدود السورية .

بعد احالة العلم على التقاعد جرى حرقه في ظل مراسيم رسمية مهيبة حيث وقف افراد من الجيش في وضعية الاستعداد مع التحية العسكرية والقسم بالولاء للعلم الامريكي كما تقتضي القوانين الامريكية .

بدت العملية وكأنها مراسيم دفن رسمية تجري لجنرال ينقل الى مثواه الاخير ولكن الجثة هنا لم تكن لعسكري بل كانت لهذا العلم المتقاعد موضوع البحث .

طبعا يحق لكل شعب احترام العلم الذي هو رمز وطني بالاسلوب الذي يريده ويرضيه .

حرق العلم المتقاعد عرف امريكي وهم احرار في ذلك ولكن مشكلة امريكا في ما يقرب من نصف قرن هو انها اصبحت تحرق وعودها وتعهداتها مع اصدقائها وحلفائها وليس فقط الرايات المتقاعدة .

الوان واشكال الاعلام او الرايات لا تتبدل بتبدل الادارات والحكومات او الرؤساء بل هي رموز مقدسة دائمية وان وجدت هناك حالات شاذة كما هو الحال في بعض بلدان الشرق الاوسط . انا شخصيا عاصرت اربعة اعلام سورية وهي علم الاستقلال وعلم الوحدة مع مصر وعلم الاتحاد الثلاثي بين ليبيا ومصر وسورية واخيرا العلم الحالي وهو علم البعث .

المفروض ان لا تتبدل المواثيق والمعاهدات والوعود ايضا مع تبدل الرؤوساء والحكومات ولكن امريكا اصبحت الدولة التي يضرب فيها المثل في حنثها لوعودها .

امريكا فقدت مصداقيتها في هذا المجال اذ ان انقلاب امريكا على التزاماتها ووعودها بدأ تاريخيا من الغدر والخذلان الذي تعرض له شعب فييتنام الجنوبية في النصف الثاني من القرن الماضي . 

حينها انسحبت امريكا بشكل فجائي ودون سابق انذارمن فييتنام تاركة حلفائها الفييتناميين الجنوبيين عرضة للابادة والمذابح الهمجية على يد اخوتهم الشماليين و التي قل نظيرها في التاريخ .

لا يمكن الدفاع عن الفييتناميين الجنوبيين الذين خانوا شعبهم وكانوا عملاء لامريكا ضد اخوتهم في الجزء الشمالي ولكن كان بالامكان التقليل من هول المآسي والخسائر . 

مهندس تلك المؤامرة اللاخلاقية كان هنري كيسنجر مستشار الامن القومي ولاحقا وزير الخارجية .

الكرد ايضا تعرضوا لنفس المصير وذلك بعد اتفاقية الجزائر عام 1975 بين شاه ايران رضا بهلوي ورئيس العراق صدام حسين حيث تخلت امريكا عن دعم الثورة الكردية دون سابق انذار وضربت بكل وعودها للكرد عرض الحائط وانهارت الثورة .

 من سخرية القدر هو ان يكون المسؤول عن ماجرى للكرد هو نفسه هنري كيسنجر الذي كان مشهورا بالانتهازية المفرطة . 

في عهد الرئيس اوباما تعرضت السعودية ودول الخليج ايضا الى الانقلاب الامريكي على الوعود حيث انحازت امريكا الى ايران ضد حلفائها التقليديين دول الخليج .

بمجرد ان تعطي الادارات الامريكية وعودا او تعهدات لبعض الدول او التنظيمات الصديقة لها حتى نجد في نفس الوقت التساؤل المفزع و المشروع و الذي بات معروفا وهو هل ستفي امريكا بوعودها ؟

 امريكا حاليا هي في تحالف مع الكرد السوريين من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د وقواته المسلحة اي قوات سورية الديمقراطية ووحدات حماية الشعب .

امريكا تعيد وتكرر انها لن تتخلى عن حلفائها حتى ....الآن .

طبعا حتى الآن .... اذ ان امريكا فقدت المصداقية في اخلاصها لتعهداتها ووعودها . الكرد جميعا قلقون وخائفون من انفجار قنبلة امريكية موقوتة تطيح بكل الوعود والتعهدات التي اعطتها لحلفائها الكرد الذين طهروا الارض السورية من براثن ارهابيي داعش جنبا الى جنب مع التحالف الدولي تحت قيادة امريكا .

3 شباط 2018

بنكي حاجو

كاتب كردي