يبدو أن المحطات اللبنانية أعجبها الشتام الذي يمارسه السياسيون على محطاتها وقررت أن تعلب اللعبة هي أيضاً، كيف لا فهي صاحبة الملعب وتمون على الحكام أكثر مما يمون السياسيون، وربما أكثر من مونة هي تفرض أجندة وعلى الأخبار والبرامج أن تنفّذ.

بالأمس وبعد مقاطعة طويلة لسهرات الثلاثاء على المحطات اللبنانية رغبت في أن أتابع، ليتني لم أفعل لأني أطفأت التلفزيون مشمئزة! ما الذي دفع بمحطاتنا اللبنانية الى هذا الدرك؟ وهل أصبحت المنافسة قذرة بهذا الشكل؟ لما لا تفرض كل جهة حضورها بالمضمون الذي تقدمه وتترك للمشاهد أن يحكم؟ ما ذنبي أنا كمشاهدة أن أعيش صراعاتهم في بيتي.. ما ذنبي أن أزّج، في منزلي، في حفلة شتام هنا وهناك؟ لوهلة شعرت أني عالقة بين شلة "زعران" في الشارع ومجبرة على سماع السباب بينهم أو على حد تعبير المثل اللبناني بين "نسوان الفرن"، نساء يقضين وقتهن بالتحدث على الآخرين أو بالحرفية اللبنانية "اللقلقة"! 

هل هذا هو الإعلام الذي يريدونه؟ لطالما كانت المحطات اللبنانية رائدة في تقديم المحتوى المتميز.. لطالما كنا قدوّة تحتذى؟ ما الذي أخذ بإعلامنا إلى هذه الحفرة المتسخة؟ يقول المثل عندما تتصارع مع الخنزير كلاكما يتسخ ولكن هو يستمتع بذلك.. وعلى ما يبدو أن هناك من يستمتع بحفلة السباب تلك!!! 

كمشاهدة ببساطة أغيّر الموجة، فما أكثر المحطات في عصرنا الرقمي هذا، ولكن الأزمة أن حفلة الشتام تلك ليست محصورة بالشاشات فهي تلاحقنا على وسائل التواصل الاجتماعي كافة، فلا مهرب من هذا التلوّث!! يجرون الشارع إلى هذا الصراع، كما يفعل السياسيون، فيتجند المتابعون ليدافعوا عن هذه المحطة أو تلك... عن وعي أو غير وعي باتوا جزءا من صراع بين أصحاب المحطات العتيدة، قد يكون صراعاً شخصياً أو تقاتل على ال ratings، ولكن هذا الصراع الشخصي شملنا نحن كمشاهدين غصباً عنا! 

كان يفترض بمن يعتبرون أنفسهم محترمين ومتعلمين أن يحترموا عيوننا وآذاننا في بيوتنا.. ولكن للأسف المحطات الإعلامية التي يفترض أن تكون صورة حضارية عن بلدنا هي الأخرى باتت تشبه منظر نفاياتنا على المحطات العالمية... مقززة!