وقف الزعيم أمام أتباعه مندداً بكل من لا يقبله واصفا كل من هو ضد سياسته الحكيمة بالتبعية والانسياق هنا صرخ الجموع نحن معك.. نحن معك.. صائحين الويل لكل لمن لم يتبعك.. سوف ندمرهم.. سوف نذلهم.. سوف نسحقهم تحت أرجلنا.

للحظة فقط وسط الصياح ندم الزعيم ماذا فعلت!! إن كلماتي هذه قادرة على تحويل أتباعي إلى سفاحين ساديين سوف يئن منهم كل من يقابلهم، سوف يسود الرعب والخوف كل منطقة يحلون بها.. وللأسف وسط صيحات الغوغاء من الأتباع صمت صوت الضمير داخل الزعيم وتوج نفسه على البسطاء زعيماً حكيماً مشهوداً له بالطبع من رفاقه وأتباعه وسط تهليل وتصفيق الراقصين الذين يجيدون ألعاب السيرك العام.

هذا سيناريو بسيط لصناعة ديكتاتور في بلادنا التعيسة، صناعة الديكتاتور صناعة محلية، وبمراجعة تاريخية لعدد من الزعماء، ستؤكد لك ذلك فنظرة بسيطة ثاقبة سوف تتأكد أن شعار حكام المنطقة من ليس معي فهو عليً.. ففي التاريخ الحديث تأمل مرسي في إستاد القاهرة!! من هم المصفقون؟ من هم الصائحين؟ إنهم أتباعه من قتلة وسفاحين ومتطرفين.

تأمل بعد فض مظاهرات رابعة والنهضة، راجع أعمال الحرق والسلب والنهب والقتل، أيضاً قتلوا كل من لم يؤمن برئيسهم وحرقوا دار عبادة كل من ليسوا معهم.. والعجيب ليس في أعمال القتل والحرق والنهب بل في إيمانهم أنهم ينفذون وصايا الهية وينسبون أفعالهم المشينة ليس إلى زعيمهم بل يؤمنون أنها حسب وصية الله.

فلا عجب أن تشاهد شيخا كبيرا في السن يخطب في وجوب الكراهية للأخر رغم أن الله محبة، والمحبة لا تجتمع مع الكراهية فالله يحب الإنسان أيا كان انتمائه الديني ولكنه يكره الخطية.. الله يحب البشر ويكره الخطية ولذلك هناك حكمة تقول: "ولادة طفل جديد يحمل معه رسالة أن الله مازال يحب الانسان".

مشكلة مجتمعاتنا هي التعصب لمذهب أو دين أو شخص... فإذا وقف القاتل والذابح والمغتصب والسارق والحارق أمام الله هل ستكون أعماله حسب مشيئة الله؟ هل زارع الكراهية للآخر سوف تجد أعماله قبولاً لدى الله المحب؟ هل المغتصب للنساء يمجد الله؟ رغم أن الله كلى الطهارة؟

هل تاريخ القتل والدماء تحت أي مسمى سوف يجد قبول لدى الله الذي صرح "طوبي لصانعي السلام لأنهم ابناء الله يدعون".

المشكلة تكمن ليس في الجهل أو الفقر إنما في منابر وشيوخ كراهية شحنوا الغوغاء والدهماء بدلاً من حثهم على العمل والإنجاز أخذوا على عاتقهم إشباع رغبات هؤلاء البسطاء من الناس ليس للبناء إنما للهدم، ليس للخير إنما للشر، ليس للمحبة إنما للبغضة.

المشكلة تكمن في أن انتمائنا لمذهب أو دين جعلنا نغتصب حق الله في الحكم فأصبح القتل والذبح والنحر هي أوامر إلهية رغم أنها ليست سوى أوامر بشرية من صنع بشر.

وهنا نتساءل خطأ من أن يتحول الإنسان عن انسانيته؟؟ فيفوق في وحشيته وقساوته أكثر أنواع الوحوش افتراساً، مسؤولية من الذي يشحن اتباعه بجرعات كراهية لتسمم مجتمعات وبلاد؟؟

أخيراً: هل هذه مسؤولية الزعيم الذي هتف في أتباعه فحولهم إلى سفاحين؟؟ أم في الأتباع الساديين؟؟ بكل تأكيد إنها مسؤوليات مشتركة ولكنها تقع على الزعيم الذي صمت حينما وجب الكلام.. أخرس صوت الضمير داخله وسط إعجابه بهتاف البسطاء الذين تحولوا إلى غوغاء ودهماء وسط صيحات الأتباع.

تُرْىَ متى نقف مع أنفسنا وندرك أننا مخطئون؟