في الحديث السابق تطرقت الى هذا الابتزاز من الناحية الاقتصادية وكيف ان المهجرين السوريين صاروا مصدرا يدر الارباح في عجلة الاقتصاد التركي وليسوا عبئا عليه كما تدعي الحكومة التركية .

في هذا الحديث سوف احاول القاء الضوء على الجوانب الاخرى في مأساة المجهجرين السوريين .

مقدمة لا بد منها .

منذ تشكيل الدولة التركية الحالية على يد اتاتورك عام 1923 والديموغرافيا الكردية تشكل مصدرا للقلق الى حد الرعب لجميع من حكموا تركيا على مدى مايقرب من مئة عام .

الجغرافيا الكردية تقع في معظمها في الشرق و الجنوب االشرقي من تركيا . نسبة السكان الكرد في مناطقهم هي حوالي تسعين بالمئة والبقية اي عشرة بالمئة هم من العرب و المسيحيين والآشوريين والارمن الذين يتواجدون في ولايات معينة مثل ماردين وسيرت ووان وهكاري اما الاتراك فهم الموطفون وافراد قوات الامن .

بذلت تركيا جهودا شاقة في محاولة منها لتغيير هذه الكثافة السكانية للكرد في مناطقهم ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل الذريع حتى الآن .

في الربع الاول من القرن الماضي جاءت الدولة التركية بمهاجرين اتراك من بلغاريا واتراكا آخرين من آسيا يسمون باتراك الـ آهيسكا الى بعض المناطق الكردية كخطوة اولى ليتم جلب المزيد منهم مستقبلا .

تم توطين هؤلاء في اجمل واغنى المناطق الكردية مثل وان بجبالها وبحيرتها واراضيها الزراعية وكذلك الولايات المجاورة لها ولكن بعد اقل من 15 عاما هرب معظمهم بسبب عدم الانسجام مع المجتمع الكردي .

بقي عدد قليل من هؤلاء الاتراك ولم يغادروا وذلك لاسباب متعددة وخاصة الزواج المتبادل و اسباب اقتصادية ولكن المثير هو ان معظم هؤلاء الاتراك اصبحوا اكرادا بمرور الزمن .

حاولت الدولة التركية تهجير الكرد الى الداخل التركي بعد الانتفاضات و الثورات الكردية العديدة وعلى راسها ثورة الشيخ سعيد بيران في دياربكر وكذلك انتفاضة ديرسم التي تم قمعها بوحشية وهجرت السكان او بالاحرى هجرت الاطفال اليتامى حيث لم يبقى غير عدد ضئيل جدا من البالغين احياء وذلك بعد المجازر والتدمير الذي قامت به الدولة بقيادة اتاتورك الذي اشرف بنفسه على تلك العمليات الهمجية ولكن حتى تلك المحاولات فشلت ايضا .

لقد اعلن الرئيس اردوغان بنفسه في بداية عهده بان ما حدث في ديرسم كان تطهيرا عرقيا اي مجازر جيىوسايد .

في تسعينات القرن الماضي قامت الدولة التركية بحرق وتدمير ستة آلاف قرية كردية بذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني . حصلت هجرة كبيرة حينها ولكن نحو المدن الكردية اولا وقسم آخر توجهوا الى استانبول ومدن تركية اخرى وكذلك الى الساحل الغربي الشهير بالسياحة .

النتيجة كانت ان تحولت استانبول الى اكبر مدينة كردية من حيث عدد سكانها الكرد ووصل الى حوالي 6 الى 7 ملايين كردي و يكاد يساوي عدد سكان اقليم كردستان العراق .

لن اطيل في هذا الموضوع لانه شائك ومعقد ويحتاج الى الباحثين ومراكز البحث ومؤرخين .

قد يتساءل القارئ وما علاقة المهجرين السوريين بكل ماورد اعلاه ؟

هذا ما ساتناوله في الحديث المقبل

كاتب كردي