دعا زعيم التيارالصدري السيد مقتدى الصدر في تغريدة له يوم امس على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) ، دعا إلى تشكيل حكومة (تكنوقراط نزيهة وأبويّة)، وهنا اضع خط احمر تحت كلمة (الأبويّة ـ الوصائية ـ Patriarchy)،والتي تشير سياسيا إلى حكومة مشكلة بأكملها من قبل (الذكور)، كذلك تشير إلى هيمنة الرجال على الأنظمة الثقافية والاجتماعية والسياسة في البلد. 

 ان الكل يعلم تمام العلم ، ان النِظام الأبويّ الوصائي والذي يمتلك فيه( الرجال) السلطات الأساسية في المجتمع مرفوض بشكل كبير من قبل (المنظمات النسوية والاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية والمدنية) لان النظام الابويّ يناقض الديمقراطية المدنية جملةً وتفصيلاً.

لهذا السبب ولاسباب كثيرة اخرى خذرنا قبل اجراء الانتخابات البرلمانية العراقية من خطورة التحالف بين الاحزاب اليسارية والعلمانية والديمقراطية التي تحمل أفكار ورؤى سياسية وأيدلوجية واهداف واضحة وتناضل من اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، حذرنا من خطورة التحالف بين الاحزاب التقدمية والاحزاب والتيارات التي انبثقت على أسس تقليدية جامدة لا تؤمن أصلا بمبدأ الديمقراطي كمنهج أو مفهوم او ممارسة اضافة الى تورطها بالفساد والقمع وخنق الاراء والافكار الحرة وممارستها التعسفية لمفهوم الديمقراطية الحقيقية داخل الحزب من خلال سيطرة ( الزعيم الاوحد وترسيخ قداسة الطوطم الديني المتذبذب) على هرم قيادة الحزب وهو ما جعل هذه الأحزاب ( بشكل عام ) تكهل وتتعكزعلى رموزها التي تبقى مقدسة حتى بعد موتها....!!

وعليه نقول مجددا، ان الشعب العراقي بحاجة الى احزاب مدنية وديمقراطية حقيقية وليس إلى احزاب تنادي بالدولة المدنية وترفع زورا وبهتانا شعار العدل والمساواة ( بين الرّجل والمرأة )وتوزيع الثروات توزيع عادل على أبناء المجتمع وفي نفس الوقت تطالب بتشكيل حكومة (أبويّة مستبدة )...

نعم...ان الشعب العراقي بحاجة الى دولة مدنية تحكمها قوانين تُضمن الحريات الفردية كما حريات كافة مكونات المجتمع، لا تفرض فيها طائفة على أخرى ماذا تفكر أو تلبس او تعتقد او تقول...

باختصارشديد، ان العراق بحاجة الى دولة مؤسسات، وان يكون الجميع تحت حماية القانون على قدم المساواة دون أي تمييز في المعاملة، فلا ينبغي أن تقوم في المجتمع البشري أي فوارق نابعة من اختلاف (الجنس أو الدين أو الأصل او اللغة )... 

 اخيرا اقول : ان الابويّة نقيض الديمقراطية الحقيقية، تستاثر بالسلطة والفكر وتطبق القانون بشكل انتقائي بالضبط كما هو اليوم في العراق. 

والسؤال هو : كيف نفسر ازدواجية المعايير في خطاب ( السيد مقتدى الصدر ) وهو في طريقه ليكون (رجل المرحلة القادمة في العراق ) ، كيف نفسر ازدواجية (الصدر ) الذي يدعي (بانه ماض وجاد باتجاه إقامة الدولة المدنية التي تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية و انحداراتهم الدينية والقومية والمذهبية ، كما يدعي ايضا بإن (المرأة )هي نواة المجتمع، إن تكاملت تكامل المجتمع، وإن تسافلت تسافل المجتمع) من جهة ، ومن جهة ثانية يطالب (السيد الصدر)بإلحاح بضرورة تشكيل ( حكومة بطريركية تكنوقراطية ) ؟ و هل تسعفنا مقولات الدياليكتيك الماركسي ومفاهيم السوسيولوجيا السياسية في تفسير هذه الازدواجية في المعايير وتناقض الأقوال مع الأفعال..؟!

لم يبقى لي الا ان اقول : ان النِظام الديمقراطيّ و النِظام الابويّ الوصائي قُطْبان مُتَنافِران لايَلْتَقِيَان أبَداً.