أشيع&مؤخراً خبر مفاده&أن هنالك مساعي&حثيثة&يبذلها السيد الصدر&للتواصل&مع&أحد المخرجين العراقيين&والفنان كاظم الساهر&للعمل على جعل&أغنية الأخير&"سلام عليك"&كنشيد وطني للعراق بعد طرحها على&البرلمان&وإعلانها&من خلاله،&وقيل&أن&الصدر&قد&طلب أن ينشد كاظم&النشيد&برفقة&كورال&من طلبة مدارس العراق&من الموصل بصفتها&آخر&أراضي العراق&المحررة من تنظيم داعش،&وتحديداً&موقع&منارة الحدباء المهدم.&وفي حال صح الخبر فإنه&وكالعادة،&محاولة&ذكية&من السيد&لتحريك&مياهالسياسة&العراقية&الراكدة،&ولتمرير موضوع&ما&زال معلقاً منذ15&عاماً&دون أن&يجرأ أحد على&الاقتراب&منه،&لاستغلال الممكن بدلاً من&انتظار المستحيل، مراهناً على حب&وتقدير&غالبيةالعراقيين للفنان&كاظم الساهر&ودعمهم&أو على الأقل عدم وقوفهم بوجه المقترح، مما سيحقق له&إصابة&عدة عصافير بحجر&واحد.…

العصفور الأول يتمثل&بأنه&سينسي البعض نشيد&"أرض الفراتين"،&الذي لدى البعض الآخر حساسية منه، بسبب الخلفية البعثية لزمن&اعتماده&ولشاعره الراحل شفيق الكمالي.&والعصفور الثاني&يتمثل بكونه&سيلغي&استعارة نشيد&"موطني"&الذي&وضعه الشاعر الفلسطيني&الراحل&ابراهيم طوقان&لفلسطين&لاللعراق.&أما&العصفور الثالث&والأهم&فيتمثل بأنه&سيمرر&نشيد "سلام عليك" رغم ما فيه&من&إشارات دينية&واستعارات&طائفية بلون&معين، ما دام الموضوع من طرف&حبيب ملايين العراقيينالقيصر كاظم الساهر.

بالنهاية،&من وجهة نظر السيد،&سيكون الموضوع مُرضِياً&لجميع الأطراف دون&وجود خاسر، أو&سيرضي&الغالبية&وباقل الخسائر، وهي&وجهة نظر&وإن&كان فيها&بعض&الصحة، إلا أنها&غالباً&لنتنجح&أو&تعَمر&على&المدى البعيد،&لأنها&محاولة ترقيع&تستغل ظرف&طارئ&ومرحلة قلقة لتمرير&ما لا يتناسب مع العراق&كبلدمتعدد الحضارات،&وكشعب&متنوع الأديان والأعراق. لذا&ممكن&لهذا النشيد أن يكون&أغنية وطنية أو دينية&مقبولة،&لكن كنشيدوطني&لا، لأن كلماته&ليس&عمومية&جامعة،&بل&تخصص وتركز&علىأجزاء&معينة&من&أديان العراق وطوائفه ومكوناته&وتغفل&الكثير غيرها، والعراق&يحتاج&الى&نشيد&افضل&يساهم في&استقراره لا&في&زعزعته، وأغلب الظن&أن مساعي السيد لن تنجح،&لأنها&ستصطدم بالكثير من المعوقات&التي بدأت تظهر وتثار&تباعاً، وآخرها&ما أشيع&من&أن الجملة اللحنية التي&اعتمدها الفنان كاظم الساهر لتلحين النشيد،&مأخوذة أو مقتبسة من الجملة اللحنية&الأساسية للسلام الجمهوري الذي وضعه الملحن&لويس زنبقة لحكومة إنقلاب 1958، والذي كان موسيقى فقط دون كلمات.

الجيد في&هذا الموضوع هو أنه&من الممكن أن يدفع&العراقيين لمراجعة&وسؤال أنفسهم عن&الإشكالية التي يعيشونها&معنشيدهم الوطني منذ&عقود،&والذي لم يكن ولا مرة نشيداً بسيطاً&عمومياً&عميقاً&ومختصراً&عن&كل&العراق&ولشاعر&وملحن عراقي!فالأول&كان&"والله زمان يا&سلاحي"&وهو&نشيد حرب حماسي&لا&صلة&له&بالعراق&إطلاقاً&للشاعر&المصري&صلاح جاهين وألحان&الموسيقار&المصري&كمال الطويل!&تلاه&"أرض الفراتين"&وهو قصيدة عن العراق&للشاعر شفيق الكمالي،&أقحمت فيها&للأسف&الكثير من الإشارات للبعث،&لحنها&الموسيقار&اللبناني&وليد&غلميه!&وبعده إعتُمِد&نشيد&"موطني"&الذي&كتبه&الشاعرالفلسطيني&إبراهيم طوقان&لوطنه&فلسطين&وليس&للعراق،&ولحنه الموسيقار اللبناني&محمد فليفل!&وكل هذا&لم يستفز&مشاعر&أي&شاعر&عراقي&ليَنظُم&قصيدة&بسيطة معبرة&عن وطنه&على غرار"موطني"&و" بلادي"&لأنه&اختزل الوطن&بولاءاته&الايدلوجيةوالحزبية والطائفية،&وكان مشغولاً&بنَظم القصائد&عن&حزب&العمال&وزعيمهم&الأوحد،&أو حزب الجماهير&وقائدها&الضرورة،&أو حزب الطائفة&وخطوطها الحمر!

لطالما كان&موضوع&إختيار النشيد الوطني&في&العراق، كماالعَلَم&أو&اليوم الوطني&أو&أغلب الأمور الرمزية الأخرى،&مزاجياً&يعتمد على&المشاعر،&وكيفياً&يتبع ولاء الشخص الذي يقوم به.وللأسف النشيد الأخير لم يخرج عن هذه الدائرة الضيقة&من&فئوية الاختيار، فالطائفة ورموزها حاضرة فيه&بوضوح،&لأن المشاعر&الحالية،&حتى على مستوى النخب، هي&بهذه الاتجاه،&أما الوطن فهو&عنوانها الرئيسي&فقط&وليس محركها&وهدفها.لكن&ربما&يكون&نشيد "أرض الفراتين"&بمقدمته&فقط&(وطن مد على الافق جناحا..&وارتدى مجد الحضارات وشاحا..&بوركت&أرض الفراتين وطن..&عبقري المجد عزما وسماحا)،&هو&حتى الآنالأفضل&نسبياً لشاعر&عراقي، لأنه&يدخل&بعد المقدمة&بجزئياتإشكالية&لا&يفترض&للنشيد الوطني&أن يخوض فيها.