كرم الإسلام إنسانية الانسان فرفعها الى اسمى الدرجات ولم يفرق فيها بين الرجل والمرأة، بل جعل الانسان (رجلا&وامرأة) اهم ما في هذا الكون، ولما كانت المرأة نصف المجتمع البشري وهي الأم والأخت والزوجة والبنت، فمن الطبيعي ان تشارك الرجل مشاركة كاملة في كل مظاهر الكرامة الإنسانية. قال تعالي: "ولقد كرمنا بني آدم". والإسلام هو الدين الذي يصف الانسان بالقدرة على العلم واستيعابه الى ابعد الحدود، قال تعالى: "وعلم آدم الأسماء كلها". والإسلام الزم الرجل والمرأة ان يتعلما وان يتفهما كل&شيء&ويتفقها في الدين&والعلم، والزمهما بالجهاد&السلمي&لنشر العقيدة والمعاني السامية كلا في الحقل الذي يستطيع العمل فيه.

ولقد نظر الإسلام الى جهاد المرأة ومشاركتها الرجل في شتى ميادين الدعوة واحتمالها الأعباء&حتى (في الحروب)&نظرة غايرت نظرة&العرب اليها في الجاهلية، وسعت بها حتى دفعت الرسول (ص) الى مبايعتها&لتشارك الرجل حتى&في هذه الميزة التي كان يظن انها مقتصرة عليه. يقول سماحة الشيخ "حسن الصفار" في كتابه "شخصية المرأة": عاشت المرأة في ظل الإسلام واقع العزة والكرامة، لكن ذلك لم يدم طويلا حيث عادت رواسب الجاهلية وبقايا آثارها الى الظهور، وصار ينظر الى المرأة نظرة دونية وكأنها انسان من الدرجة الثانية، وتعرضت حقوقها&للامتهانوالانتهاك، واسوأ ما في الأمر هو تبرير وتسويغ ذلك الظلم والعدوان من الناحية الدينية والشرعية&باختلاق نصوص موضوعة على لسان الشرع تارة، وبتحريف مقصود للنصوص تارة أخرى".

واجهت المرأة المسلمة منذ عصور الانحطاط والجمود الفقهي والفكري والاجتماعي قبل اكثر من ألف سنة تقريبا ثلاثة تحديات أساسية شكلت معوقات في مسيرة تطور العالم الإسلامي. التحديات الثلاثة هي: (1) حق المرأة في العلم والتعلم، (2) حق المرأة في العمل، (3) حق المرأة في المشاركة السياسية تصويتا وانتخابا. هذه التحديات لم تكن من الإسلام&في&شيء، بل فرضتها عادات قبلية واجتماعية سيئة مدعومة بفتاوى شرعية لنخب دينية معادية للمرأة، ترى طبقا لتفسيرها المتشدد للإسلام ان التعليم والعمل يفسدان المرأة، وأن المرأة ليس لها أي حقوق سياسية في الإسلام.

هذه التحديات سقطت الواحد تلو الآخر لأنها كانت من الأساس افتراء على صحيح الدين، ومتناقضة مع متطلبات الحياة في العصر الحديث، فالمرأة المسلمة في هذا العصر - كغيرها من النساء حول العالم – قد درست اغلب&الاختصاصات&العلمية وتفوقت في بعضها على الكثير من الرجال. وفي العمل، فالمرأة اليوم تمارس كل أنواع العمل الذي يناسب طبيعتها، بل إن بعض النساء قد اقتحمن بعض الأعمال التي كانت&في الغالب الأعم&مقصورة على الرجال وأبدعن فيها، وهي كذلك عنصر فاعل في مؤسسات المجتمع المدني.

أما المشاركة السياسية، فهذا التحدي كسبته المرأة في وقت متأخر مقارنة بالتحدين الأول والثاني (أي العلم والعمل) وان كان لا يزال يواجه مقاومة عنيفة من بعض المتشددين&الإسلاميينوخصوصا في منطقة الخليج العربي. المعارضون لحقوق المرأة السياسية يستندون الى فتاوى شرعية صدرت منذ قرون لفقهاء عاشوا في زمن الاستبداد السياسي، والحديث الذي يتكئون عليه "ما افلح قوم وليت امرهم امرأة" يعتبر من الأحاديث الموضوعة من وجهة نظر الكثير من كبار الفقهاء في عصرنا الحاضر.

عاشت&الشعوب العربية والاسلامية&قرون طويلة لا تعي دور المرأة الحقيقي ولعل ذلك ما أدى&إلي تأخر مسيرتها&الحضارية&لفترات طويلة،&وحين&أصبح العقل&العربي والاسلامي&على&درجة عالية من النضج لتقبل فكرة المساواة والمشاركة،&وما أن بدأت المرأة في حمل شعلة التقدم بالمشاركة مع الرجل حتى&قطعت&هذه الشعوب&دروبا أطول في التقدم والخير والرخاء،&ومن المتوقع المزيد حيث لم تدخل المرأة مجالا إلا وأثبتت&فيه&جدارة منقطعة النظير بل وتفوقت على&الرجل في بعضها.

في كتابه "الفساد السياسي في المجتمعات العربية والإسلامية"، يقول الشيخ "محمد الغزالي" رحمه الله: "لو ان امرأة حكمت العرب من طراز&"أنديرا غاندي"&او&"جولدا مائير"&لكان ذلك أجدى على العرب من عسكر وضعوا على صدورهم اعلى الأوسمة والنياشين، فلما جد الجد تحول عمالقة الاستعراض الى معز وضأن".&ويقول كذلك: "إن امرأة على رأس حكم شورى&افضل من مستبد على رأس سلطة مغتصبة".