بعد اعتراف الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية اليها في&الرابع عشر من شهر مايو 2018م الموافق للذكرى السبعين لقيام اسرائيل،&هذا&القرار الذي قوبل بانتقادات دولية واعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي ورفضته العديد من العواصم العالمية الكبرى مثل برلين وباريس ولندن على أساس أن مصير القدس يجب أن يحدد ضمن مفاوضات الوضع النهائي طبقا لاتفاق أوسلو،&ثم&توقيعه مرسوما رئاسيا بحق إسرائيل في السيادة على هضبة الجولان السورية المحتلة خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها "نتنياهو" للولايات المتحدة.

ثم&إقرار الكنيست لقانون يهودية دولة اسرائيل خلال شهر يوليو&2018م،&وهذا القانون هو جزء من التشريعات الاساسية لإسرائيل، ويعني أنها "الدولة القومية للشعب اليهودي"، ويعطي اليهود الحق الحصري في تقرير مصير البلاد. هذا&التشريع يلغي عمليا حق العودة للاجئين الفلسطينيين المنصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة ويرسخ الاستيطان، ويؤكد أن القدس كاملة عاصمة موحدة لإسرائيل، وبالتالي ينهي هذا التشريع كل الملفات العالقة التي كانت محل تفاوض، ويجعل&مشروع&حل الدولتين غير&قابل للتطبيق.

يضاف الى كل ما&ذكر أعلاه، تأكيد السفير الأمريكي لدى إسرائيل&"ديفيد فريدمان"&مؤخرا&أن إسرائيل تملك الحق في ضم جزء&من أراضي الضفة الغربية المحتلة،&ففي المقابلة التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»&يوم&السبت&من الأسبوع الماضي، اعتبر&"فريدمان"&أن ضم أراض في الضفة الغربية بدرجة ما هو أمر مشروع.&حيث قال: «في ظل ظروف&معينة،أعتقد أن إسرائيل تملك الحق في المحافظة على جزء من، لكن على الأغلب ليس كل، الضفة الغربية».&

منذ توليه رئاسة الحكومة الإسرائيلية في 31 مارس 2009م، بقي "بنيامين نتنياهو" يتحدى الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" في جهوده&لإحلال السلام&في الشرق الأوسط القائم على حل الدولتين والقرارات الدولية (181، 242 و 338) ذات الشأن وخريطة الطريق. وعمل "نتنياهو" بكل ما أوتي من قوة، مدعوما من قوى اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة وخصوصا&منظمة&"إيباك"، على تفريغ مبادرات "أوباما" من مضامينها عبر استغلال الظروف السياسية والاقتصادية في الداخل الأمريكي، والملفات الخارجية الساخنة التي ورثتها&إدارته&&من سلفه "جورج بوش&الإبن" وعلى رأسها الحرب في أفغانستان والملف النووي الإيراني.

بوصول "دونالد ترامب" الى الرئاسة في الولايات المتحدة، ونقله سفارة بلاده&الى القدس، تعزز موقف "نتنياهو"&وحلفائه من&الأحزاب اليمينية المتطرفة&الذين لا يؤمنون ولا يسعون الى تحقيق السلام العادل الذي يؤدي الى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الخامس من يونيو عام 1967م.

إن جل اهتمام "نتنياهو" وحلفائه هو إدارة هذا الصراع لأطول فترة ممكنة بدلا من العمل&على حله نهائيا طبقا للقرارات الدولية، واقصى ما يقبلون&به -&في حالة ممارسة ضغوط قوية وحقيقية عليهم من قبل الولايات المتحدة والقوى العالمية الكبرى&-&هو قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح على ما يعادل 23% فقط من&مساحة&فلسطين التاريخية، لا&يحق لها ان&تقيم تحالفات عسكرية مع أي طرف عربي او غيره، وتكون حدودها البرية والبحرية والجوية مفتوحة ومستباحة لإسرائيل، مقابل اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل وعاصمتها القدس الموحدة، وعدم المطالبة بعودة لاجئي عام 1948م الى ديارهم في فلسطين، والتطبيع الكامل وغير المشروط مع جميع الدول العربية. &&

في الحقيقة، لا يوجد على الأرض ما يجبر "نتنياهو" او أي رئيس وزراء آخر على القبول بحل القضية الفلسطينية طبقا للقرارات الدولية ذات الشأن، بل كل ما يريده الساسة الإسرائيليون هو انهاء القضية الفلسطينية وتصفيتها تماما. ولتحقيق ذلك هم يراهنون على عامل الوقت لسببين: الأول، انه لا يبدو في الأفق القريب او المتوسط ان قطبي الصراع الفلسطيني – الفلسطيني، أي حركتي فتح&وحماس&في وارد الوصول الى المصالحة الوطنية رغم النكبات التي حلت بالشعب الفلسطيني منذ انقلاب غزة في 14 يونيو 2007م والى يومنا هذا، بل إن الأمور تتجه من سيئ الى أسوأ نتيجة تدخل بعض الأطراف العربية وغير العربية في الشأن الفلسطيني – الفلسطيني. والثاني، اعتقاد الساسة الإسرائيليين ان هناك قادة دول عربية لا يستهان بهم&لم يعودوا – منذ عمت الفوضى العالم العربي – يرون في إسرائيل عدوا لهم، بل ربما حليفا لهم يعتمدون&عليه&في&مواجهة بعض الدول الإقليمية غير العربية، ولهم ارتباطات أمنية واستخباراتية مع الدولة العبرية.&

فيما يخص الساسة الإسرائيليين، ان الخيارات التي يطرحونها لحل القضية الفلسطينية هي: إما حكم ذاتي على مساحة ارض لا تتعدى 23% من مساحة فلسطين&التاريخية&وعدم المطالبة بعودة اللاجئين في الخارج والذي يقدر عددهم بحوالي 6.5 مليون شخص،&او دولة&(بأي تعريف كان)&خارج حدود فلسطين التاريخية وهي&الدولة&التي تروج لها صفقة القرن الأمريكية.&