في غضون أيام قليلة ستصبح&"ماكينزي بيزوس"&رسميا رابع أكثر نساء العالم ثراء، بعد أن يسلمها الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة أمازون&"جيف بيزوس"، نسبة&4%&من حصة الشركة كتسوية طلاق. وينتظر قاضي الطلاق التوقيع رسميا على الأوراق التي تبين تحويل مبلغ 38 مليار دولار إلى حساب&"ماكينزي".ويعد هذا الطلاق، وبفارق كبير جدا، أغلى طلاق في التاريخ، إذ إن الرقم القياسي السابق المسجل لأغلى&طلاق في العالم بلغ 2.5 مليار دولار، وحصلت عليه&"جوسلين ويلدنستاين"&بعد طلاقها من تاجر اللوحات الفنية&"أليك ويلدنستاين"&عام&1999م.

وكانت&"ماكينزي"&المؤلفة البالغة من العمر 49 عاما، قد تعهدت بالتخلي عن نصف ثروتها على الأقل وذلك دعما لمبادرة «غيفينغ بليدج» للأعمال الخيرية إلى جانب المستثمر الملياردير&"وارن بافيت"&ومؤسس مايكروسوفت&"بيل غيتس"، لتشجيع الأثرياء على الالتزام بمنح نصف ثرواتهم لصالح الأعمال الخيرية.

في منتصف العام&2010م قرر&أربعون&مليارديرا أمريكيا التبرع بنصف ثرواتهم&للعمل الخيري ومساعدة الفقراء،&حيث&اعلن&وقتهارجل الأعمال&والملياردير&المعروف بعطائه للجمعيات الخيرية "وارن بافيت"، ان 40 من اغنى اثرياء&الولايات المتحدة تعهدوا بإعطاء نصف ثرواتهم على الأقل للمحتاجين.&جاء&ذلك&الإعلان بعد 6 أسابيع من اطلاق&"بافيت" مع مؤسس شركة مايكروسوفت "بيل&غيتس"&حملة باسم "تعهد العطاء" لإقناع اغنى اثرياء الولايات المتحدة بالتبرع بـ 50%&من ثرواتهم لقضايا متعددة تساعد على&تحسين&أوضاع العالم.

تقديرات&مجلة "فوربس"&كانت تشير&وقتها&الى وجود&403 ملياردير&في الولايات المتحدة، وانه&إذا&نجحت&خطة "غيتس وبافيت" في اقناعهم بالتنازل عن نصف ثرواتهم&فإن حجم الأموال التي ستذهب لأعمال الخير&تقدر بحوالي&600 مليار دولار.&وستقوم&مؤسسة "بيل غيتس" الخيرية باستخدام&تلكالأموال في&محاربة الأمراض في دول العالم الثالث، وتأمين&فرص العمل، وتخفيف معاناة الأطفال، وتحسين أوضاع المدارس التي يتلقون فيها العلم لتخليصهم من شبح الأمية البغيض.&تلك&الأموال سوف&تستثمر في عمل مؤسساتي منظم&ومراقب تكفل له النمو والاستمرارية،&بحيث&يمتد اثره ليشمل اكبر شريحة&من الناس في أماكن متفرقة في العالم، من دون تمييز&على&أسس دينية او عرقية او اثنية.

ومن ضمن الذين تجاوبوا&مع المبادرة&حينها&أسماء لامعة مثل "لاري ايليسون" المستثمر في مجال برامج الكومبيوتر الذي&كانتثروته&تقدر&بنحو 28 مليار دولار، وعمدة نيويورك&"مايكل بلومبيرج" الذي تقدر ثروته&بنحو 18 مليار دولار، والمستثمر "رونالد بيريلمان" بثروة تقدر بنحو 11 مليار&دولار، واثرياء آخرون لا يسعنا&ذكرهم في هذا المقال القصير.&

وفي هذه العجالة سوف نذكر بعض الكلمات الجميلة التي عبر بها عن شعورهم بعض هؤلاء المتبرعين:

"مايكل بلومبيرج":&"اذا كنت تريد&ان تفعل شيئا لأولادك&وتظهر لهم كم تحبهم، الأمر الأفضل&الذي&يجب ان&تقوم&به هو دعم مؤسسة تجعل العالم&افضل لهم ولأبنائهم".&

"جورج لوكاس": "سأقدم معظم ثروتي لدعم التعليم، لأن التعليم مفتاح الحياة البشرية".

"بيير وبيام&أوفيدار": "اننا نملك&اكثر مما تحتاج اليه&عائلتنا، وليس هناك ما يستدعي الجلوس على&كل هذه الأموال بدلا من توظيفها لأعمال خيرية اليوم".&

"وارن بافيت": "ان الثروات الطائلة التي يتدفق جانبا&ضخم&منها&من جيوب افراد المجتمع الى خزائن الأثرياء، يجب ان يتدفق جانب ضخم منها أيضا في&الاتجاه&المعاكس&لصالح&المجتمع". هذه ليست كلمات جميلة بل حكم نطق بها اشخاص ذوو عقول&مستنيرة وأنفس كريمة.

اين اثرياء العرب والمسلمون&الذي لا يقل مجموع ثرواتهم عن ثروات من&ذكرناهم من اعمال الخير هذه؟ ام انهم لا يعلمون&ان اكثر من&نصف العرب والمسلمين في العالم يعانون من الفقر والجهل والمرض، وان الكثير من الدول العربية والإسلامية&التي جلد سياط الفقر شعوبها&حتى&اهترأت&جلودهم&ومبادئهم&تعاني توترات أمنية داخلية، وارتفاعا&في معدلات الجريمة، وتدني المستوى الأخلاقي المتجسد في انتشار&ثقافة النصب والاحتيال والاستجداء.

دائما كنت&أتساءل، لماذا لا يطلق الأثرياء&في المجتمعات العربية والإسلامية حملة مماثلة&لتلك&الحملة التي&اطلقها كل من "بافيت وغيتس"، ولو من باب اثبات&أننا خير&أمة أخرجت للناس، وان المجتمعات العربية والإسلامية لا تخلو من&أصحاب الخير والنزعات الإنسانية الخيرة&الاستثنائية؟&جاءني الجواب&على لسان&احد رجال الأعمال&العرب، بقوله: " لا يمكن&لرجل الأعمال في هذه المنطقة ان يتبرع مثل أولئك العمالقة الغربيين إلا اذا ضمن إحدى الحسنين:&إما حظوة عند صناع القرار&يستفيد&منها لا حقا ماديا ومعنويا، وإما كسبه ثقة&المسؤولين المتنفذين وحصوله على عقود لاحقة تضمن له&عائدا ماديا&اضعاف ما تبرع به، وما عدا هذا فلا يمكن التفريط&في دينار واحد.

من المفيد ان نذكر القراء الكرام بقصة ذلك الرجل الصالح في&احدى دول&الخليج&العربية&قبل حوالي 10 سنوات، كان رجل اعمال&من الله عليه بالخير الكثير، وعندما بلغ من العمر السن الذي&يشعر فيها كل انسان انه&من الممكن ان يلاقي ربه&في أي لحظة، قرر وهو في كامل صحته وقواه العقلية ان يتبرع بجزء يسير&(530 مليون دولار) من ثروته الضخمة لأعمال الخير، كبناء المساكن للفقراء، والمستشفيات،&والمنح الدراسية&للمتفوقين الفقراء، واعمال الخير الأخرى. هل تعرفون ماذا فعل به&أولاده العاقون؟ لقد حجروا عليه، واقنعوا المحكمة&بأنه&مجنون ويهذي، ويهدر ثروته كمراهق. طبعا هو لم يكن&كما اتهموه زورا وبهتانا، كل ما أراد فعله هو ان يشكر الله على ما انعم&عليه من خير كثير، ويترك وراءه عملا خيرا&ينفعه لذلك&اليوم "الذي لا ينفع فيه مال ولا بنونإلا من اتي&الله بقلب سليم". وقد حاول الرجل الصالح الطعن&على حكم المحكمة، ولكن&أولاده العاقون شكلوا عصابة من&شيوخ الدين الذين&"باعوا آخرتهم بدنياهم"&ايدوا حكم المحكمة.

المضحك المبكي، انك اذا ناقشت شيوخ الدين&في موضوع تبرع الأثرياء في الدول الغربية&بأموالهم التي كسبوها&بجهودهم الذاتية وبطرق شرعية، وقلت لهم&ان هذا عمل إنساني نبيل حثت عليه كل الأديان السماوية، جاءك الرد الجاهز الذي لم يتغير&منذعقود من الزمن: "ما لهم في الآخرة من نصيب". لقد صدق الشاعر حين قال: " يا أمة ضحكت من جهلها الأمم".