مهداة إلى روح الشهيدة: لينا النابلسي

1.&
&
مُغمَضَ الشَّفتين
& & يتحسَّسُ صَمْتَ الجُرْحِ
بإصبعٍ يرتعشُ
& & كحلمةٍ ثكلى
& & & & في فَمٍ جَهِيضْ

لا تَخْمِشوا
& & أديمَ أنفاسِهِ العَابِسة
& & & & بأظفارِ لَغْوِكم البَليدْ
فشهيقُهُ رُوحٌ ضَارِعة
& & تَمضُغُ رُطَبًا مِن الجَمرِ
وزفيرُهُ بيداءُ ظَمإٍ
& & مَسْجُورةٌ بعِظامٍ
& & & & مِنْ أنينٍ وئيدْ

اصرِفُوا عنه كأسَ خَمرِكم
& & فللحَببِ فحيحٌ
& & & & وفي القاعِ صَريرٌ دَبِقْ

وجوهُكم
& & قروحٌ تنتَهِشُ أحداقَ الحُلْمِ
& & & & بَرَصٌ مَسكوبٌ في أحشاءِ المَرايا
وقبورٌ مُترعةٌ بخواءٍ ثرثارٍ
& & هي حناجرُكم

كما زِرٌّ يتململُ في رَمْسِ عُروتِهِ
& & دائبًا في ارتقابٍ مَرير
& & & & ذاهلًا في انتظارِ الأناملْ
على بَرزَخٍ مِن شظايا الأرَقْ
& & دَعُوهُ جناحًا نحيلًا
& & & & يُعانقُ خَصْرَ اللَّهَب
فما القلبُ إلَّا مُضْغَةٌ
& & مِنْ لحمٍ تَشهَّى
& & & & أن يستحيلَ بَخورًا مِن الأغنياتِ&

2.*

يا سِدر يا طُهر الحَليبْ
& & يا أنگى م الفِضَّة الرُّوباصي
ما تِحتمل لَثم الحَبيبْ
& & كِيف تِحتمل مَسِّ الرَّصاصي

يا سِدر يا غافي الورودْ
& & يا شهگة العِطر السُّلافي
كِيف تِحتمل نَبْشِ البَارودْ
& & ونتا اللي تَأذيكْ الشِّفافي

3.&

"بَهَرُوا الدُّنيا
ومَا فِي يَدِهِم إلَّا الحِجَارة
وأضاؤوا كالقناديلِ
وجاؤوا كالبِشَارة
قاوموا واستبسَلُوا واستُشْهِدوا
وبَقِينا
قاتلوا عنَّا إلى أنْ قُتِلُوا
وبَقِينا"**

وبَقِينا
& & فِي مَقَاهِينَا بَقِينا
ليسَ فِينا
& & أوْهَى نَبْضٍ مِنْ جَسَارة

وبَقِينا
& & نَلْبَسُ الوَجهَ الحَزينا
قانعينَ
& & بالدُّموعِ المُسْتَعَارة

وبَقِينا
& & نَثغُو بالخُطَبِ اللَّعِينَة
آملينَ
& & أنْ يَلُوكَ القَلْبُ عَارَه

وبَقِينا
& & بالقَضيةِ صَارِخينَا
حتَّى صَارَ
& & الحَلْقُ وَكرًا لِلدَّعَارة

4.

"بَهَرُوا الدُّنيا
ومَا فِي يَدِهِم إلَّا الحِجَارة
وأضاؤوا كالقَناديلِ
وجاؤوا كالبِشَارة
قاوموا واستبسَلُوا واستُشْهِدوا
وبَقِينا
قاتلوا عنَّا إلى أنْ قُتِلُوا
وبَقِينا"

وبَقِينا
& & أيُّ وَحْشٍ
& & & & تَحْتَ بَشرتِنا الثَّخينة؟
جِيفَةٌ
& & قد عَافَهَا الدُّودُ احتقَارا


وبَقِينا
& & رَهْنَ لَيلٍ
& & & & ظَلَّ يَأبى أنْ يَلينا
ورَضِينا
& & أنْ نَقيءَ العُمْرَ زُورًا واحتضارا

إذ نَسِينا
& & أنَّ شَرَّ الكُفْرِ ذَبْحُ اليَاسَمينا
كافرينَ
& & كَمْ سَفَكْنَا
& & & & العِطرَ فِي مَبغَى التِّجَارة

إذ نَسِينا
& & أنَّ رَبًّا
& & & & قد تَجَلَّى بوَجهِ لينا
حينَ غنَّتْ
& & صَلَّتِ الأزهارُ عِشْقًا
& & & & والمَلائكُ سَاجِدينا
حينَ أنَّتْ
& & شُقَّتِ الفِردَوْسُ شَقًّا
& & & & صَعَّدَ الكونُ الأنينا

أينَ لينا؟
& & إنَّا بالأشواكِ تَوَّجْنا النَّهَارا
أينَ لينا؟
& & قد صَلَبْنَاها ونَصْلُبُها مِرَارا
وبَقِينا
&
&
* بكائية أشبه بعديدِ قريتي بجنوب مصر، والكافُ الفارسيةُ لدلالة على القافِ المنطوقةِ جيمًا غيرَ مُعطَّشة.
** مقطعٌ مِن قصيدةِ "أطفال الحجارة" للراحل الرائع: نزار قبَّاني، بتصرف طفيف.
&