هذا يكتب يبحث في أخطاء حملة هيلاري كلينتون الرئاسية التي كان يمكن تجنبها، لتصل إلى البيت الأبيض، لكنها كما سفينة تايتانيك التي أغرقها جبل من الجليد كان ممكنًا الابتعاد عنه.

إيلاف من بيروت: شكّل فوز دونالد ترامب على هيلاري كلينتون في نوفمبر الماضي صدمة للعالم. فقد أشارت استطلاعات الرأي والتقارير الإخبارية وكل ما أظهرته حملة كلينتون في الأيام الأخيرة إلى أنها ستصبح أول رئيسة في تاريخ أميركا.

كتاب الأسرار المكشوفة لفشل هيلاري كلينتون

في كتابهما الجديد المثير للإعجاب "محطّمة: داخل حملة هيلاري كلينتون الفاشلة" Shattered: Inside Hillary Clinton’s Doomed Campaign (464 صفحة، منشورات كراون، 28 دولارًا)، كتب الصحافيان جوناثان ألين وإيمي بارنيس أن خسارة كلينتون أعطت معنى لكل التقارير التي أعدّاها في عام ونصف عام - التقارير التي أفادت بأن كل أنواع " نُذُر الشؤم" التي غالبًا ما بدت في ذلك الوقت مناقضة للدلائل المشيرة إلى أن كلينتون كانت تملك فرصًا أكبر للفوز.&

وعلى الرغم من تغطية حملة كلينتون على نطاق واسع، وإجراء عمليات تحليل لأسباب الخسارة في الأشهر القليلة الأخيرة، فإن التفاصيل المملة في الكتاب، والملاحظات التي أبداها مطّلعون على الحملة وعناصر من الحزب الديمقراطي، مدمّرة فعلًا، ليس لمؤيدي كلينتون فحسب، بل لكل من تهمّه نتائج الانتخابات وعواقبها الوخيمة.&

تايتانيك سياسية
في الواقع، صورة حملة كلينتون التي تنبثق من هذه الصفحات هي كارثة تشبه كارثة تايتانيك: فشل ملحمي من سلسلة من الأخطاء الحمقاء التي كان يمكن تجنبها في كثير من الأحيان من قبل مرشحة معزولة عن التطورات المستجدّة، وموظفيها الذين حولوا "سباقًا يمكن الفوز به" إلى "سفينة الحملة التي تبحث عن جبل جليدي".

إنها قصة حملة مختلّة وظيفيًا و"ساحقة للروح" اعتمدت استراتيجية&معيبة (استنادًا إلى البيانات المعيبة) وفشلت، مرارًا وتكرارًا، في تصحيح مسارها. حملة سلبية عدوانية أهملت العمل على التحذيرات التي أرسلها الناشطون الديمقراطيون على أرض الواقع في دول متأرجحة حاسمة، وتجاهلت مشورة زوج المرشحة، الرئيس السابق بيل كلينتون، وزعماء آخرين في الحزب الديمقراطي، قالوا إن الحملة تحتاج بذل جهد أكبر لإقناع الناخبين المترددين والمتناقضين (مثل البيض من الطبقة العاملة وجيل الألفية)، بدلًا من التركيز بإصرار على إقناع المؤيدين الأساسيين.&

بطبيعة الحال كانت ثمة عوامل أخرى ساهمت في خسارة كلينتون، بما في ذلك التدخل الروسي في الانتخابات للمساعدة على فوز ترامب، والقرار المثير للجدل الذي اتّخذه مدير "إف بي آي" جيمس كومي، بإرسال رسالة إلى الكونغرس عن البريد الإلكتروني الخاص بكلينتون قبل أقل من أسبوعين من يوم الانتخابات؛ والموجة العالمية من السخط الشعبوي بسبب الوضع الراهن، ما ساعد على زيادة نهوض كل من ترامب وبيرني ساندرز. وفي مقابلة جرت أخيرًا، قالت كلينتون إنها تعتقد أن "لكراهية النساء دورًا في خسارتها".

عرقلت فرصها
مع ذلك، يكتب مؤلفا الكتاب أن بعضًا من أصدقاء كلينتون ومستشاريها يعتقد أنها "تتحمل اللوم على هزيمتها"، معتبرين أن أفعالها قبل الحملة (كإنشاء خادم بريد إلكتروني خاص، والتورط في مؤسسة كلينتون، والخطب التي وجّهتها إلى بنوك وول ستريت) "عرقلت فرصها إلى درجة أنها لم تستطع أن تتعافى".

الجدير بالذكر أن المؤلّفين ألين و بارنس ألّفا كتاب " H R C" في عام 2014، وهو صورة متعاطفة إلى حد كبير مع سنوات كلينتون حين كانت وزيرة للخارجية. ويعكس هذا الكتاب وصولهما إلى سكان منتمين منذ فترة طويلة إلى دائرة معارف كلينتون.&
وقد أجريا مقابلات مع أكثر من مئة مصدر شرط ألا يذكرا أسماءهم - مع الوعد بأن المواد التي جمعاها لن تظهر قبل الانتخابات - وبينما يبدو واضحًا أن بعض هؤلاء الناس يلقي اللوم بأثر رجعي، فإن عددًا منهم كان صريحًا بشكل مدهش في شأن الإحباط الذي عانوه خلال الحملة.&

يؤكد الكتاب الصعوبة التي واجهتها كلينتون في توضيح الأساس المنطقي لحملتها (غير فكرة أنها ليست دونالد ترامب). وهو يشير إلى أن النزعة إلى تفضيل الولاء على الكفاءة قد أدت إلى عملية بطيئة بيروقراطية، تردّد فيها الموظفون في البوح بالحقيقة إلى السلطة، وزرعت فيها القبائل المتنافسة "الارتباك والقلق والقتال الداخلي".

أخطاء شبه قاتلة
على الرغم من سنوات من التحليل بعد الخسارة، يلاحظ المؤلفان أن أسلوب إدارة كلينتون لم يتغير منذ خسارتها في انتخابات الحزب الديمقراطي أمام باراك أوباما في عام 2008: قامت هيكلية قوة فريقها الملتوية بتشجيع سكان هيلاريلاند على الاهتمام بدعمهم لها أو فرص عملهم في المستقبل، أكثر من العمل على فوزها في الانتخابات.

وبحسب المؤلّفين، كثيرًا ما ضاعت جهود الحملة كردّ على الأزمات والنداءات العاجلة من الديمقراطيين على مستوى الولاية والوطن. وكتبت اللجنة خطابات كبيرة. وبقي "تطوير الرسالة الأساسية" يشكل كفاحًا مستمرًا. وقام مقر حملة بروكلين - التي فاقت مصاريفها حملة ترامب - بتخييب أمل المنسقين في الولايات الحاسمة مثل كولورادو، بسبب البخل وتقليص الإنفاق على التلفزيون والبريد المباشر والإعلان الرقمي.

وكما يصف كتاب "محطمة"، فإنّ مدير حملة كلينتون، روبي موك، الذي ركّز عملية كلينتون على تحليلات البيانات (المعلومات عن الناخبين، التي زوّدته بها مكينات الأرقام) بدلًا من أساليب اقتراع أكثر تقليدية، طارقًا الأبواب ومحاولًا إقناع المترددين، قد ارتكب خطأ استراتيجيًا تلو الآخر، لكنّ كلينتون أبقته معها.

كتب بارنيس وآلين: "ارتكب موك الأخطاء شبه القاتلة: التقليل من قيمة ساندرز وعدم استثمار شيء تقريبًا في وقت مبكر في نهاية التقويم الأساسي". وبدا أن الحملة تعلّمت القليل من نضالات كلينتون المبكرة. على سبيل المثال، خسارتها في الانتخابات التمهيدية في ولاية ميشيغان في مارس سلّطت الضوء على المشكلات التي قد تلاحقها في الانتخابات العامة – كانت الشعبوية آخذة في الارتفاع، وهي فقدت الاتصال بالناخبين البيض من الطبقة العاملة – ولكن لم ينتج من ذلك إلا عدد قليل من التعديلات واضحة.&

الولايات المتأرجحة
أضاف المؤلّفان أن ميشيغان بيّنت أيضًا فشل موك فى وضع عدد كاف من المنظمين على الأرض، وكشفت أن بياناته كانت متفائلة إلى حد ما "وهذا يعني أن الحملة لم تكن تعرف أن بيرني كان متقدمًا".&

لم يتم تصحيح هذه المشكلات في السباق ضد ترامب. ويفيد ألين وبارنيس أن دونا برازيل، رئيسة اللجنة الوطنية الديمقراطية، كانت قلقة في أوائل أكتوبر في شأن الغياب عن الولايات الرئيسة المتأرجحة، وأن موك رفض "استخدام استطلاعات الرأي لتتبع تفضيلات الناخبين في الأسابيع الثلاثة الأخيرة من الحملة"، على الرغم من مطالبات المستشارين في الولايات الحاسمة.

بعد تأجيل ظهور مخطط له في غرين باي مع أوباما، كتب المؤلفان أن كلينتون لم تطأ قدماها ولاية ويسكونسن، وهي ولاية رئيسية. في الواقع، أشارا إلى أن الحملة مالت إلى اعتبار أن الفوز في ولايات حاسمة مثل ويسكونسن وميشيغان أمر مسلّم به، إلى أن فات الأوان.

من خلال تسجيل هذه الأخطاء، ينشئ كتاب "محطمة" صورة لحملة غير كفوءة لدرجة تثير الصدمة، عصفت بها الغطرسة والأخطاء غير المبررة، وسيطر عليها شعور بالشفقة والخسارة، يمكن تلخيصها في شعار أحد مساعدي كلينتون في الحملة: "لا يُسمح لنا بالحصول على الأشياء اللطيفة".


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "نيويورك تايمز". الأصل منشور على الرابط الآتي:
https://www.nytimes.com/2017/04/17/books/shattered-charts-hillary-clintons-course-into-the-iceberg.html?_r=0