إيلاف: جاء الجزء الافتتاحي في كتاب "الساحر: تاريخ ممتد من الخوف منذ العصور القديمة حتى الوقت الحاضر"، للكاتب رونالد هاتون، ليُبَيِّن أن خطوط المعركة قد رُسِمَت في الفترة ما بين ستينات وتسعينات القرن الماضي بين هؤلاء العلماء الذين أصرّوا على تبني نظرة عالمية للسحر الشرير وبين هؤلاء الأشخاص الذين جادلوا لنهج أكثر محلية.

الصورة الكبرى هي أن الناس يفضلون أن يكونوا جيلًا أكبر من علماء الأنثروبولوجيا الذين يتصورون أن كل تعابير السحر يمكن إرجاعها لكثير من المصادر القديمة.

تحيز إثنوغرافي

هناك ميزات محلية – مثل التعلق عاريًا رأسًا على عقب بأحد الأشجار في أوغندا أو إلباس ضفدعك الأليف كنزة صوفية في بلاد الباسك – كانت مجرد نسخة للهجة تخص لغة شامانية عالمية ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ. 

كما اعتبر فوج من العلماء جاء في وقت لاحق قليلًا أن ذلك النهج تفوح منه رائحة التحيز الإثنوغرافي. وكان من السذاجة تصور أن الأمور لا تتطلب سوى تغيير الملابس أو تغيير المناخ لشرح الخلافات بين الهماسين الأقزام في إسكندنافيا وآكلي الأطفال في غينيا الجديدة.

وفي وقت ينمو فيه السحر الأبيض بشكل سريع في بريطانيا وخارجها، يبدو من الواضح أن هاتون مشغول بالسحر الأسود الذي بَثَّ الرعب في النفوس الفقيرة على مدار قرون.

مزج جغرافي تاريخي

ويحرص هاتون في النهج الذي يتبعه على المزج بين الاجتياح الجغرافي الواسع وبين الاهتمام الدقيق بالتاريخ المصغر. وما برز بوضوح على وجه السرعة هو أن السحر الأسود دائمًا ما يكون شخصيًا بغضّ النظر عن المكان أو الزمان. 

وتبيّن أن السحرة يميلون أيضًا إلى الظهور في تلك اللحظات التي يخسر فيها المسؤولون على ما يبدو المؤامرة. 
وفي الجزء الأخير من الكتاب، اهتم هاتون بقصر أفكاره على بريطانيا، وأجاب عن السؤال الذي لطالما أثار حيرة الأشخاص الحسّاسين وأبقاهم يقظين خلال الليل، وهو المتعلق بمن يمكنه حسم المعركة إذا نشبت بين السحرة والجن!. 

يمكن القول إن الكتاب نجح في معالجة موضوع السحر بطريقة مثيرة بعد نجاح هاتون في جعل الموضوع مثار الجدل عابر لحواجز الزمان والمكان، وإن أبقى كذلك على تحذير في ثناياه.

 

أعدت "إيلاف" المادة نقلًا عن صحيفة "الغارديان" البريطانية، الرابط الأصلي أدناه:
https://www.theguardian.com/books/2017/jul/28/witch-history-of-fear-ronald-hutton-review