إيلاف: حين انهار نظام طالبان في أفغانستان في نوفمبر عام 2001 هرول صحافيون ممن كانوا يتواجدون في مناطق تقع خارج سيطرة حركة طالبان الإسلامية أو في دولة الجوار باكستان إلى معسكرات التدريب المقصوفة والمدمرة، التي استطاع أن يُكَوِّن فيها تنظيم القاعدة القوة الضاربة التي قامت بتنفيذ هجمات 11 سبتمبر.

رحلة صوب التشدد
عن تلك الفترة وما أحاط بها من ملابسات، تطورات وخفايا على صعيد الأحداث وتلاحقها، صدر أخيرًا كتاب بعنوان "تسع أرواح: فترتي كأبرز جاسوس لجهاز إم آي 6 داخل القاعدة" لكاتب يُدعى أيمن دين. وقد ساعده باحث وصحافي مقيم في أميركا، يدعى بول كروكشانك. وكان لديهما فهم عميق للموضوع، مع امتلاكهما القدرة على تحويل المادة الخام لمذكرات أي جاسوس إلى شيء مستساغ للجمهور (بمساعدة كذلك من مراسل محطة سي إن إن الأميركية المحنك تيم ليستر).

لفتت في هذا الخصوص صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى أن الكتاب عمل على مستويات عدة، كقصة بشرية عن الإيمان، العنف، الصدمة، وأخيرًا صورة من صور الفداء، وكغوص مستفيض في العمق الداخلي لواحد من أسوأ التنظيمات الإرهابية سمعة على مر العصور وكقصة قصيرة عن التهديد الذي لا يزال يواجهه العالم إلى الآن.

في الكتاب، يسرد دين (وهو ليس بالضرورة اسمه الحقيقي) سنوات حياته الأولى في المملكة العربية السعودية، وكيف تم اقتياده إلى مجموعة تعنى بدراسة الدين، وتبدو بريئة في ظاهرها، غير أنها أفرزت في الأخير عددًا كبيرًا من المتشددين.

في صف الإسلام ضد الغرب
تحدث دين عن الفترة التي قضاها في البوسنة بحلول عام 1994، حيث كان لا يزال وقتها في سن المراهقة، موضحًا أنه كان يقاتل مع مسلمين ملتزمين جنبًا إلى جنب مع الكروات، وأنه خاض غمار القتال مرارًا وتكرارًا، وكان شاهدًا على كثير من الفظاعات.
وهو ما أثَّر فيه بشكل دائم، وعزز التزامه الانخراط أكثر في الدفاع عن الأمة الإسلامية في مواجهة العدوان الحاصل من الغرب وحلفائه المحليين في العالم الإسلامي.

ثم لفت إلى أنه سافر بعدها إلى أفغانستان، وإلى دارونتا، حيث شارك في محاولة صنع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، كما انضم إلى القاعدة، وتقابل مع أسامة بن لادن نفسه.

تشكيك بجدوى الجهاد
بعد مرور بعض الوقت، واشتراك دين في تصنيع قنابل الغاز (التي تم اختبارها على مئات الأرانب)، بدأت تنتابه بعض مشاعر القلق، خشية أن تستخدم تلك الأسلحة ضد المدنيين، ما قاده إلى التشكيك أصلًا في جدوى الجهاد، وهل هو أمر مبرر أم لا.
&
أخيرًا اُحتُجِز في البحرين، ثم تم نقله إلى جهاز إم آي 6 في بريطانيا، الذي استعان به كجاسوس لسنوات عدة، فأعاده مرة أخرى إلى أفغانستان ودارونتا. وربما كانت المفاجأة الصادمة والمثيرة التي أبرزها ذلك الكتاب هو أن المملكة المتحدة كانت تمتلك جاسوسًا مقربًا من كبار قادة تنظيم القاعدة، ويعمل في مثل هذا المكان الحساس.

وأكدت "الغارديان" في الأخير أن الطريقة التي استعرض بها دين حياته المزدوجة – سواء قبل أحداث 11 سبتمبر أو بعدها – جاءت لتقدم لمحة رائعة عن واقع التجسس.

أعدت "إيلاف" التقرير بتصرف عن صحيفة "الغارديان" البريطانية. المادة الأصل على الرابط أدناه:
https://www.theguardian.com/books/2018/aug/19/nine-lives-my-time-as-mi6-top-spy-inside-al-qaida-aimen-dean-review