ترجمة حسونة المصباحي

رجلان جديران بالثقة يرويان (لكن الله أعلم بكل شيء) أنه في أيام الكون الأولى، جمع ملك &مُهندسيه المعماريين، ورجال مملكته، وأمرهم ببناء متاهة في غاية التعقيد والدقّة بحيث لا يتورّعُ أحد ممن هم الأكثر &حكمة في رعيته على دخولها. فإن دخلوها، ضاعوا فيها فلن يخرجوا منها أبدا. وكانت هذه المتاهة بمثابة فضيحة إذ أن العَجَبَ واللّبسَ من شأن الله، وليس من شأن خَلْقه. &

مرّ زمن، وذات يوم جاء إلى البلاط ملك عربي. ولكي يسخر من بساطة &ضيفه، أدخله ملك بابل إلى المتاهة، وفيها هام على وجهه مرتبكا وحائرا ومُهانا إلى أن هبط الليل. عندئذ طلب &العون من الله فجاءه العون ليهتدي أخيرا إلى مسلك الخروج من المتاهة. ولم يتلفظ الملك العربي بأي كلمة توحي بالتذمر أو الغضب أو العتاب، بل اكتفى بأن قال للملك البابلي أنه يملك في الصحراء متاهة أفضل من متاهته، وأنه إذا ما قدّر الله بذلك، فإنه سيدعوه لزيارتها ذات يوم.

ثم عاد الملك &العربي إلى صحرائه ليجمع قواده ورجال مملكته وأمرهم بالهجوم على مملكة بابل ليعودوا منها بثروة طائلة بعد أن أحرقوا قصورها، وهزموا جيشها، بل &أنهم أسّرُوا ملكها. وبأمر من الملك العربي، شدّ الملك البابلي بحبل إلى جمل سريع، وقاده &إلى الصحراء. وعلى مدى أيام ثلاث، &ظل يتوغل به &فيها، ثم قال له :" يا ملك الزمن، أنت يا &رقم القرن ومادته ! في بابل، &كنت تريد أن أضيع في متاهة من البرونز، مليئة بالمدارج، والأبواب، والجدران، واليوم أراد الله العليّ الجبار أن أعرفك بمتاهتي التي &ليس فيها لا مدارج ولا أبواب ولا ممرات طويلة ولا جدران تمنعك من المرور ولا حديد ولا برونز...". ثم قام الملك العربي بفكّ" وثاق الملك البابلي، &وأهْمله في الصحراء حيث مات من شدة الجوع والعطش... المجد والخلود لمن يظل حيّا إلى الأبد". &