دائماً ما تصوّرت أن الغرض من الإيقاع هو مدّ لحظة التأمل ­ تلك اللحظة التي نكون فيها نائمين ومستيقظين في الوقت نفسه، وهي لحظة خلق تجلب لنا الهدوء برتابتها الساحرة، في حين تشدنا إلى اليقظة بتنوعها فنبقى في حالة ربما تشبه الغيبوبة الحقيقية حين يتحرر العقل من ضغوط الإرادة، ويتفتح على عالم الرموز. ولو أن بعض الأشخاص الذين يتميزون بالحساسية أنصتوا لصوت الساعة الرتيب، أو نظروا بإمعان إلى ضوء متقطع رتيب، فانهم يصابون بغيبوبة مغناطيسية. إن الإيقاع هو صوت الساعة، ولكنه أكثر نعومة مما يجذب السامع للإصغاء، ومنوّع حتى لا ينجرف السامع إلى ما وراء الذاكرة، أو يصيبه الملل من الإصغاء؛ في حين تقوم التشكيلات التي يصوغها الفنان بدور الضوء المتقطع الذي تم نسجه بجمال يخطف الأبصار. ولقد سمعت أثناء فترة تأملاتي أصواتاً نسيتها بمجرد نطقها، كما انجرفت في حالة التأمل العميق إلى ما بعد الذاكرة بين الأشياء الآتية من وراء عتبة حياة اليقظة. وذات مرة كنت اكتب قصيدة مغرقة في الرمزية والتجريد، وحدث أن سقط قلمي على الأرض, وبينما أنا منحن لالتقاطه تذكرت مغامرة عجيبة، لم تبد عجيبة في حينها، ومغامرة أخرى شبيهة، وعندما سألت نفسي متى حدثت هذه الأحداث، وجدت أنني كنت استرجع أحلامي لعدة ليالٍ مضت. وحاولت أن أتذكر ما الذي فعلته في اليوم السابق، وبعد ذلك ما الذي فعلته في صباح ذلك اليوم، وإذا بكل حياتي الواعية تختفي من أمامي؛ فلم أتذكر هذه الأحداث إلا بعد صراع كبير. وما إن استعدت هذه الأحداث، حتى اختفت كذلك تلك الحياة الأخرى القوية المذهلة. فلولا سقوط قلمي، الذي حوّلني عن الصور التي كنت أنسجها في شعري، لما كنت قد علمت أن التأمل قد تحول إلى غيبوبة؛ لأنني كنت مثل من يخترق غابة وهو لا يدري لأن عينيه مثبتان على الطريق. ولذلك فأنني اعتقد انه عند إبداع العمل الفني وفهمه، بخاصة إذا كان يذخر بالتشكيلات والرموز والموسيقى، فإننا ننجذب إلى عتبة النوم، وربما إلى ما وراءها دون أن ندري أين نحن.

&