أحتفل عدد من فناني الخزف العراقيين بمعرضهم السنوي النوعي الذي حمل عنوان (حكايات الطين/ Clay Tales) على قاعة جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين ببغداد، في اول اتفاق بين الجمعية ووزارة الثقافة بعد خلاف استغرق وقتا طويلا وجفاء فني مكثف،وحضر افتتاح المعرض عدد كبير من الفنانين والاعلاميين والسفير الفرنسي في بغداد (بورنو أوبيير) فضلا عن عدد من الخزافين العرب وجمهور من متذوقي الفن التشكيلي.

احتضنت القاعة الكبيرة اكثر من تسعين عملا فنيا لأكثر من ستين فنان وفنانة من بغداد والمحافظات العراقية ،من مختلف الاعمار ،بينهم ٨ فنانين عرب ضيوف شرف، توزعت الاعمال على ارجاء القاعة باحجامها الكبيرة والصغيرة وبمدلولاتها المختلفة، وتميزاتها باختلاف الأساليب والرؤى وطرائق العمل والتنفيذ، فضلا عن الالوان التي زينت تلك الافكار والاجساد من الفخار ،وظهر الشغف بالطين واضحا وهو يحكي قصصا تتراءى على سيماء الزجاج الذي انتجته افران الفنانين وجهودهم المبذولة لتكون حكاياتهم معبرة وجميلة ،لكن الشكل العام للمعرض لم ينل المديح الكامل بل كانت هنالك وجهات نظر احتجاجية على بعض الاعمال التي رآها البعض غير مستوفية لشروط المشاركة في معرض كبير ومهم مثل هذا الذي يحمل صفة (معرض الخزف السنوي)، لكن الكثير من الفنانين كانوا سعداء باللقاء وعودة الوفاق بين المؤسستين المعنيتين بالفن التشكيلي،مؤكدين ان هذا المعرض (يبشر بانعطافة خزفية متطورة) او كما قال الناقد مؤيد البصام (معرض السنة للخزف استطاع من تجاوز النفعية الى الجمالية بخطوات محسوبة وباكثرية ملحوظة، مما شكل ظاهرة، نعم لم تكن بالاجماع ولكنها نقطة مهمة لانها حملت الاغلبية..) .

وئام

واعرب المدير العام لدائرة الفنون العامة الدكتور علي عويد&عن سروره لعودة الوئام بين الدائرة والجمعية وتحقيق اقامة معرض ناجح، وقال : هذا معرض مميز فعلا ومعرض ناجح بكل المقاييس بالجهود المبذولة للفنانين المشاركين حيث انه يتضمن أعمالاً قادرة على المنافسة دوليا، وارى ان هذا المعرض يعكس القيمة الحقيقة للفن التشكيلي العراقي ، وهذا ما نتمناه في كل المعارض التي تقيمها دائرة الفنون او الجمعيات والمنظمات التي تهتم في الشأن الثقافي والتشكيلي.

واضاف: فرحتني هذه المشاركة المميزة لكل الفنانين المشاركين والاعمال الخزفية التي تستحق الاشادة والثناء، وقد رسمت صورة تستحق التقدير والثناء لما تم تقديمه من اعمال جميلة حظيت بأعجاب كل الحضور من فنانين وجمهور .

وختم بالقول: لابد من تقديم الشكر الى رئيس جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين الفنان التشكيلي قاسم سبتي، لحسن تنظيم المعرض والى كل وسائل الاعلام التي كان لها حضور متميز في تغطية الفعالية التي تمثل باكورة التعاون الجديدة بين دائرتنا والجمعية.

تميز

اما رئيس جمعية الفنانين التشكيليين الفنان قاسم السبتي، فقد اكد على تميز المعرض ،وقال :ها نحن نقيم معرض الخزف السنوي ونُحقق ما نطمح إليه بالتنسيق والتعاون مع دائرة الفنون العامة من اجل ارتقاء بواقع الفن التشكيلي العراقي، فقد قدمنا معا معرضاً يحوي نحو مائة عمل قدمها ستون فناناً وفنانة من مختلف محافظات العراق بأساليب مختلفة، واعتقد ان ما حققه من نجاح دليل على قدرة الخزاف العراقي على الابداع.

وأضاف : وصل الى الجمعية أكثر من 400 عمل ، إلا اننا ومن خلال اللجان التنسيقية التي شكلناها ما بين جمعية الفنانين ودائرة الفنون العامة استطعنا أن نختار أهم الاعمال التي تحتوي على مقاييس حرفية واستثنائية، اضافة الى الموضوعة والخامات المستخدمة والطريقة في خلق العمل .

وتابع: كان من الممكن ان نقدم أكثر من 100 عمل ، فيما لو كانت القاعة تتسع لذلك ،لأن هناك الكثير من الاعمال التي تستحق ان تعرض على الجمهور .

الخزافون يحكون بالطين

الى ذلك اكد الناقد والفنان علي إبراهـيم الدليمي ان فناني السيراميك تلوا حكاياتهم البصرية وليست السمعية، امام الجمهور ، وقال : مثلما هو معروف، فان فن الخزف يعتمد على ثلاث ركائز مهمة وأساسية لكي يكون العمل متكاملاً ولائقاً للآخرين.. فأول هذه الركائز هي: (الخيال) الفكري الخصب، الذي يعتمد على الثقافة الشاملة والإطلاع العام على جميع التجارب الفنية العالمية الناضجة.. وإبداعات الفنان نفسه، اما ثاني الركائز فهي: المهارة المهنية العملية المتواصلة، ومعرفة خصائص التراكيب الكيمياوية التي تدخل في عملية صناعة وتحضير العجينة الأولية، والتعامل معها وفق مواصفات وقياسات خاصة..فيما ثالث الركائز هي: المعرفة التفصيلية الكاملة في التعامل الدقيق مع (الفرن) ودرجات حرارته التي تتلائم وخصوصية كثافة ونوعية الطين والألوان المستخدمة عليها.

واضاف: هذه الأساسيات المهمة المكملة بعضها مع الأخرى، لكي يتم نجاح العمل الخزفي ومن ثم جعله أمام الجمهور.. حيث أصبح فن الخزف من الفنون الجمالية التي تستخدم في حياتنا اليومية بما فيها (الوظيفية) بطرائق عصرية مقبولة للجميع.

وتابع : لقد اتسمت الأعمال الخزفية المشاركة في المعرض.. بتنوع التناول وإستلهام المواضيع العامة في التعبيرية والرمزية والجمالية.. مثلما تعددت طرائق تنفيذها ما بين الجداريات والأشكال الإسطوانية والمستطيلة والحلزونية.. إلخ.

وختم بالقول : في هذا المعرض ألبس المشاركون الثوب الجمالي الخالص، بعيداً عن الجانب الوظيفي التي أنتفت الحاجة إليه.