مرة أخرى يطل علينا الكاتب فادي زغموت برواية جديدة .. وتساؤلات مجتمعية عميقة تثير الرغبة في التفكير في تعدد مشكلات المرأة في المجتمع الذكوري .. ولكنها تثير أيضا وعلى نفس المستوى من الأهمية أمراض مجتمعية تلتهم كل ما في مجتمعاتنا من قيم يبدو أننا نسيناها في غمرة خوفنا من نتائج التطرق إليها وتحليلها وإلى ماذا ُنرجعها ثم الخوف من قول الحقيقة ..
في روايته الجديدة ""ليلى والحَمل "" أبدع الكاتب في خياله عن الموت .. وهو الحقيقة الثابته التي نتشارك فيها مع كل البشر .. ولكنها الحقيقة الغائبة أبعادها والتي قد يختلف العديد في تحليلها وهل هناك عودة أخرى .. حقيقة الموت التي لم يستطع العلم ولا الخيال أن يؤكد ما هي حقيقة الموت وهل تبقى الروح هائمه بعد خروجها من الجسد ؟؟؟؟ وإن كان لم يتطرق إلى الجنة أو النار الموعودة للمرأة كما يؤكد ذكور علماء الدين ؟؟؟؟
في مجتمع ذكوري يتسيد فيه الرجل في كل الأمور .. حتى في كيفية العلاقة الجنسية حاول الكاتب بقلمة أن يؤكد حق الزوجة المماثل لحق الرجل في ظمئة الجنسي .. وحاول أيضا الوصول إلى مجتمع محافظ بطبيعته ليتقبل مثل هذه العلاقة مؤكدآ على خصوصيتها بالرغم من نظرة الثقافة الجتمعية السائدة التي ترفض الإعتراف بالحق الشخصي للتفرد .. مؤكدا على الحق الفردي الإنساني بالإختلاف وإختلافها من شخص إلى آخر .. وأنها حق لكلاهما للتمتع بما ُيرضي غرائز كلا الطرفان ..
أبدع أيضا حين تخطى كل الحدود بالإعتراف الضمني أن الإستعلاء الذكوري بالوصاية على المرأة ومحاولة السطوة الجسدية من الرجل .. هو طريق التهلكة لأي علاقة زوجية مهما كان طول فترة التعارف بين الطرفين قبل الزواج .. وأن الحب وحده لا يكفي لإستمرار علاقة تقوم على هذه المبادىء الذكورية .. أو رضوخ أنثوي تام لإستمرار الرباط المقدس .. ففي مثل هذه العلاقة تبقى بلا روح وتفتح الطريق للخيانة النظرية بالخيال وُتسوّغ للخيانة الفعلية من كلا الطرفين .. ولكن الفرق في النظرة الجتمعية للخيانة . فهي سقوط إلى الهاوية للمرأة .. وشطارة في خيانة الرجل ..
تطرق ببساطة وصدقية في الرواية بالأخذ من رواية يوسف زيدان ( ظل الأفعى) عن تراجع أهمية الأنثى عبر العصور .. وأضيف أن تراجع هذه الأهمية تمت مع ظهور الأديان التي حملت تفسيرات ذكورية للإرادة الإلهية .. ُمبتعدة عن التفسيرات المنطقية للعدالة الإلهية ...

عزيزي القارىء ..
نعم الرواية برغم بدايتها التي ركزت على المشاهد الجنسية المختلفه .. التي لم أستسيغها .. إلا أنني أعود وأعترف بأنها تستحق القراءة .. لأن الكاتب سواء بعلم أم بدون علم خرج بروايته من مجرد سرد لعلاقة رجل وإمرأة وخيانتهما للفضاء العام.. بالخيانة المجتمعية للضمير وللقانون المفروض به أن الشخص بريء حتى تثبت إدانتة ... حين حكم على إنسان ما حتى قبل ظهور الأدلة التي تقطع بالجريمة ؟؟ وأثار بهذا لأفكار تتعلق بالصحة النفسية المجتمعية .. وأن الخيانة لمبادىء المهنة مستشرية بين الصغير والكبير .. في تنازل الضابط عن الحق العام لمعرفة حقيقة الجريمة والقاتل الحقيقي وتبرئة سمعة من ُحكم عليه ظلما .. إستندت إلى الحكم المجتمعي مع
خيالات الضابط ..... هل كان عدم التراجع إعفاء للقاتل الحقيقي لمركزه الإجتماعي المرموق أم لأن الجريمة إنتهت بموت إنسان حتى وإن كان مظلوما ولا داعي لإعادة فتح القضية خاصة وأن المقتولة إمرأة ساقطة تستحق العقاب أم هو بدافع الخوف على المنصب وإعفاء للنفس من مسؤولية السقوط في إمتحان التحري والبحث التام قبل المحاكمة ؟؟؟
كلها تؤكد أن الفساد والخوف على لقمة العيش مستشري حتى بين القائمين على حماية القانون وليذهب الضمير الفردي والمجتمعي إلى الجحيم فالقتيلة مجرد إمرأة خانت زوج فاشل حتى في العلاقة الجنسية وخانت مجتمع العفة ...