في هذا الكتاب، تتكلم صوفي بيدير، رئيسة مكتب "إكونوميست" في باريس، عن الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون الذي قابلته قبيل انتخابه في عام 2017، فتراه شخصيةً سياسيةً استثناثيةً، ولديه طموحات مفاجئة.

إيلاف من بيروت: تذكر صوفي بيدير في كتابها "الثورة الفرنسية: إيمانويل ماكرون والسعي إلى إحياء أمة" Revolution Française: Emmanuel Macron and the Quest to Reinvent a Nation (المؤلف من 310 صفحات، منشورات بلومسبوري، 25 جنيهًا إسترلينيًا) أن طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القيام باصلاحاتٍ في الداخل الفرنسي وسعيه إلى مطابقة القوانين المالية للاتحاد الأوروبي ليسا سوى جزء من التدابير التي تهدف إلى طمأنة برلين. فمن خلال دعم الاقتصاد الفرنسي وتأمين استقرار المالية العامة، يأمل ماكرون في أن يحصل على الدعم الألماني ليحقق طموحه بمزيدٍ من الاندماج في منطقة اليورو.

قبل الانتخابات وبعدها
تعود بيدير، رئيسة مكتب "إكونوميست" في باريس، بالذاكرة إلى ما قبل انتخاب ماكرون في مايو 2017، عندما قال لها أحد مستشاريه إنه سيفاجئ الألمان، لأنهم لا يتوقعون أن يفوز، فقد خابت آمالهم مرارًا في فرنسا قبل ذلك.

هنا، تناقش بيدير أن المستشار كان على حق. لم يخدع ماكرون الألمان، لا بل في أقل من سنة في قصر الإليزيه، نجح في إصلاح سوق العمل، التي كانت تثير الجدل، وخفف الضرائب على المستثمرين، واستطاع أن يخرج سالمًا، حتى الآن، من مواجهاتٍ عديدةٍ مع نقابات السكك الحديدية.

ومن الواضح بالتالي أنه يطمح إلى إعادة التلاحم بين فرنسا وألمانيا، الذي كان قائمًا في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية. وكانت قد وثّقت هذه العلاقة في معاهدة الإليزيه في عام 1963، من قبل الرئيس الفرنسي شارل ديغول ومستشار ألمانيا الغربية في حينها كونراد أديناور. ونصت هذه المعاهدة على أن تستشير الجهتان بعضهما بعضًا في المسائل المهمة المتعلقة بالسياسة الخارجية.

الجرأة والطموح
بالفعل، في خطابٍ لماكرون في أثينا خلال الصيف الماضي، صرّح أنه يلعب دور ديغول تجاه أنجيلا ميركل. وهنا، ترى بيدير أن طموح ماكرون يوقعه في فخ التفخيم، إذ إنه يمشي بخطى كبيرة ليكون "كبيرًا" على الصعيد العالمي. كما تنوّه بأنه تكلم عن إعادة هيكلة أوروبا، ودعا جميع جيرانه إلى الانضمام إليه في هذه الخطوة، وذلك عندما تطرق إلى موضوع الديموقراطية الأوروبية، عارضًا الحسنات والسيئات، فبدا بذلك مرةً جديدةً جريئًا في خطابه.

من مزايا هذا الكتاب أن إعجاب الكاتبة الواضح بماكرون لم يمنعها من رؤية ما سيتحقق في المستقبل. كما تقرّ بأن لا ضمانة بأن تتحقق جميع مخططاته، وتأتي بثمارٍها، كذلك سعيه إلى الاندماج في منطقة اليورو.

كما تشير الكاتبة إلى أن برلين ليست الجهة الوحيدة التي تشكك في اقتراحاته. فقد سبق أن شكل رئيس الوزراء الهولندي تكتلًا من 8 ولايات أعضاء في أوروبا الشمالية، لمعارضة الأفكار الآتية من فرنسا.

استعادة الشرعية
وكما قال مرةً السياسي آلان بيرفيت، إن ديغول يسعى إلى استعادة الشرعية الضائعة، كذلك ترى بيدير أن ماكرون يطمح إلى استعادة الشرعية، من خلال وضع حدّ للسياسات التي تثير استياء الشعب وللأداء الاقتصادي الضعيف الذي بدأ في عام 1995.

تقول إن الهدف ليس إعادة تأكيد مدى القوة التي يمكن الوصول إليها عندما تقترن السلطة بالكاريزما فحسب، إنما هناك بعد سياسي أيضًا.

وفي إحدى مقابلاته مع الكاتبة، يقول ماكرون إنه ليبرالي بلغة الشمال، وهذه مفاجاة يكشفها الكتاب عن شخصيةٍ سياسيةٍ غير عادية. &
&
&
أعدّت "إيلاف" هذا التقرير عن " فاينانشيل تايمز". الأصل منشور على الرابط:
https://www.ft.com/content/a45681e8-6028-11e8-9334-2218e7146b04
&
&