صدر للكاتب العراقي الدكتور فوزي هادي الهنداوي كتابه الذي يحمل عنوان (عملية احفاد بابل / قصة سرقة الارشيف اليهودي العراقي) عن دار اشور بانيبال للنشر والتوزيع - بغداد ، وعنوان الكتاب محاكاة للتعبير الذي تطلقه وسائل الاعلام الاسرائيلية على عمليات سرقة الارشيف اليهودي العراقي ونقله الى متحف (ارث احفاد بابل) الذي اقامه اليهود العراقيون في منطقة (يهودا اور) قرب القدس ،كما يوضح الكتاب، حيث يضم المتحف آثارا ووثائق يهودية عراقية .

يقع الكتاب في 184 صفحة من الحجم المتوسط ،ويضم ترجمة للكتاب باللغة الانكليزية قام بها الدكتور مهدي الجنابي، وافتتح المؤلف كتابه بـ (شهادة) لـ (أدون شكر ، يهودي عراقي غادر بغداد عام 1971) قال فيها (.. كنا نعيش في حي البتاويين،وكان الحي يضم مسلمين سنة وشيعة ومسيحيين ويهود وأناسا من جميع الديانات والطوائف، وكنت صبيا صغيرا العب واتجول في شوارع الحي ،بينما لم اكن اعرف أيا من اصدقائي أهو سني او شيعي او ارمني او مسيحي، التسامح هو ما حملناه معنا من ذكريات) ، ويتوزع الكتاب على 92 صفحة باللغة العربية و76 صفحة باللغة الانكليزية وبينهما 18 صفحة (ملحق صور / لقطات توثق الحياة الاجتماعية ليهود العراق) ، ويتضمن الكتاب ثلاثة فصول هي: الاول : يهود العراق عرض تاريخي موجز ، والثاني :لمحات من الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ليهود العراق في القرن العشرين ، اما الثالث فكان عن قصة سرقة الارشيف اليهودي العراقي، وتضمن الكتاب ايضا (استنتاجات وتوصيات) فضلا عن المقدمة التي كتبها المؤلف .

يفتتح الكاتب مقدمته بالقول (لم يكن اليوم السادس من شهر مايس (آيار) عام 2003 يوما عاديا في تاريخ العراق المعاصر كبلد عرف بالتعددية الدينية والقومية والمذهبية منذ اقدم الازمنة، ففي هذا اليوم طويت اخر صفحات تاريخ طائفة عراقية يمتد الى اكثر من 2600 عام ، وهي الطائفة اليهودية العراقية من خلال عملية اميركية- اسرائيلية منظمة وممنهجة سابقة الاعداد وبمساعدة جهات محلية واقليمية ومافيات تجارة الاثار اسفرت عن سرقة الارث (الارشيف اليهودي العراقي ) .

ويؤكد الكاتب في المقدمة ايضا (في هذا الكتاب نحاول تسليط الأضواء على عملية واسعة متعددة الأطراف، هي كشف الأرشيف اليهودي العراقي والاستيلاء عليه ونقله إلى الولايات المتحدة تمهيدا لترحيله إلى إسرائيل، فضلا عن سرقة أجزاء منه في بغداد مباشرة ونقلها إلى

إسرائيل عبر عواصم ومدن إقليمية من خلال عصابات تتاجر بالآثار لم يقتصر عملها على الأرشيف اليهودي بل شمل معظم الارث الحضاري العراقي)

في الفصل الاول يقدم الكتاب عرضا تاريخيا موجزا لاحوال اليهود في العراق منذ موجات السبي الذي تعرض له اليهود من الآشوريين والبابليين الكلدان الى الحكم الساساني واثناء الحكم الاسلامي ثم في العهد العباسي وصولا الى العهد العثماني ، ثم بستعرض احوالهم في اهم واصعب حقبة تاريخية مرت عليهم ، وهي في العهد الملكي (1921- 1958) ،حيث اكد المؤلف بإن عدد اليهود في العراق حسب إحصاء سنة 1947 هو ( 118 ) ألف نسمة من مجموع سكان العراق البالغ(4500000) نسمة،ثم تطرق الى (عمليات الفرهود عام 1941 ) والتي تعرض فيها الكثير من اليهود الى القتل والاصابات فضلا عن نهب ممتلكاتهم ،ثم يستعرض الهجرة الجماعية لليهود (عملية هزرا ونحميا) التي كانت بين عامي 1950-1952 اي بعد عامين من تأسيس إسرائيل!!،حيث يشير الكاتب الى (جهود مخابراتية من الموساد الاسرائيلي التي قام بتفجير المناطق التي يقيم فيها يهود العراق لدفعهم الى مغادرة العراق) ، كما يستعرض الكاتب احوالهم في ظل (العهد الجمهوري 1958 – 2003) حيث يشير الى (إعادة الحقوق المدنية المسلوبة لليهود في عهد عبد الكريم قاسم ،واطلاق سراح اغلب السجناء اليهود وابعادهم إلى اسرائيل برغم اعتراض بعض السجناء الشيوعيين الذين اكدوا ان العراق هو وطنهم وهم يرغبون البقاء فيه،! ، كما يشير الى عهد عبد السلام عارف حيث تمت إعادة إحياء اسقاط الجنسية وتقيد حرية الحقوق المدنية ابرزها (إلغاء الجوازات العائدة لليهود وعدم إصدار جوازات جديدة لهم) كما يشير المؤلف الى ما بعد استلام حزب البعث السلطة عام 1968 حيث (عاد الاضطهاد وعادت القيود على اليهود، وقد شنق 11 يهوديا عام 1969 بتهمة التجسس لصالح إسرائيل)، ويؤكد الكاتب نقلا عن رئيس الكائفة اليهودية في العراق (لم يبق في بغداد سوى 80 شخصا او دون ذلك ومعظمهم من الشيوخ والعجائز،والاقل القليل من الشباب ) ، ويشير ايضا الى ان هذا العدد رحل بعد اندلاع حرب الخليج عام 1991 بينما هرب آخرون في الأشهر التي تلت سقوط النظام العراقي اثر الاحتلال الأمريكي عام 2003

واذ تضمن الفصل الثاني لمحات من حياة اليهود العراق في القرن العشرين في المجالات كافة ويشير لى نشاطاتهم الايجابية وانسجامهم ، وتأكيده على ان الطائفة اليهودية في العراق مارست حقوقها المدنية لولا المؤامرات التي استهدفت تلك الطائفة واجبرتها على الهجرة الى إسرائيل.، فأنه يقف طويلا عند الفصل الثالث الذي يتناول تفاصيل (سرقة الإرشيف) مشددا على ان ( أحد أهداف الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 هو تدمير الموروث الحضاري والثقافي للبلد وتشويه هوية أبناء وادي الرافدين على امتداد تاريخهم) ويوضح الكاتب (ولاجل تنفيذ تلك الاهداف ضمت القوات الامريكية والبريطانية المحتلة للعراق الكثير من اليهود الأمريكيين والبريطانيين الذين لهم اهتمام بالبحث عن الآثار والتراث اليهودي في العراق من أجل نقله إلى إسرائيل) وينقل المؤلف عن باحثين قولهم (هذا الإرشيف هو ما يحتاجه الاسرائيليون لأثبات انهم صناع حضارة العراق وانهم بناة هذه الحضارة) ، وتضمن هذا الفصل الكثير من التفاصيل المشوقة عن سرقة الارشيف اليهودي عبر روايات عديدة من داخل العراق وخارجه، فيستشهد الباحث بمقولة المختصيين الامريكان في تحديد محتويات الارشيف اليهودي العراقي ،وبالذات تصريحات اليهودي العراقي أدون شكر الذي غادر العراق عام 1971 وعثر

على شهادته المدرسية ضمن المعروضات في واشنطن (يحتوي الأرشيف على عشرات الآلاف من الوثائق، وما يقرب من 2700 كتاب، تم عرض 24 قطعة منها فقط في المعرض) كما تشير المعلومات التي كشف عنها المعرض الذي حمل عنوان (الاكتشاف والاسترداد) : الحفاظ على التراث اليهودي العراقي والذي اقيم عام 2013 في مركز الأرشيف الوطني الامريكي تضمنت : الكتاب المقدس مع تفاسير إلى عام 1568 بالإضافة إلى التلمود البابلي1793 التوارة من سفر التكوين، كتاب التصوف 1815 ووثائق اخرى.