بعد&«فراشة الميدان»&و«ناشطة سياسية»&و«الحاشية»، أصدر الكاتب الصحفي والروائي سلطان الحجار، روايته الرابعة بعنوان&«دموع على جدران الحي»، والتي صدرت عن&«دار نبطي للنشر»، وصمم لها الغلاف الفنان ورسام الكاريكاتير خالد جلل، وتميزت بالطابع الغامض منذ سطورها الأولى، حيث نجح الكاتب في توظيف شخوص الراوية ووضعها في دائرة محكمة حيث تتداخل الأحداث وتصطدم ببعضها البعض من خلال سياقها الزمني والمكاني.&

يمتلك الحجار قدرة فائقة على رسم المشاهد، الأمر الذي يسهل على القارئ متابعة مضمون الراوية كأنه يشاهدها على الشاشة، وهو ما يجعل من الراوية بطابعها الاجتماعي الغزير سهلة الدخول إلى عالم السينما أو الدراما، فهي تحكي قصة&(سالم)&الطفل البائس الذي يتعرض في صغره لقسوة زوجة الأب&(دلال)، ليتجرع المرارة دون بوح ويتحمل الكثير من المصاعب، لكن سالم الذي يغدو مع الأيام شاباً يسافر إلى الخارج لاستكمال دراسته ليقع في صراع مرير مع الجنس الآخر، بعد أن قرر الانتقام من أي فتاة تقع في طريقه كنوع من التشفي في زوجة الأب، التي لاقى على يديها كل أنواع العذاب.

ومع تطور أحداث الراوية، تتوالى المفاجآت بدخول سالم السجن لمدة ثلاث سنوات بعد أن تم اتهامه بقتل أقرب صديق إليه، ليجد نفسه بعد خروجه من خلف الأسوار وحيداً يصارع قسوة الحياة، لكنه ينتصر في النهاية لحب قديم فيتزوج من حبيبته&(مهرة)، والتي كانت قد رفضته في البداية من دون أسباب منطقية، فقط أرادت الانتقام لكرامتها، بعد أن علمت بخطايا سالم، وتجاهله لها، وينجب منها طفلة ويسميها&(مرام)&وفاء لأخته الغريقة، ولكن كيف ستكون علاقته بـ(دلال)، التي تدخل إلى مصحة نفسية نتيجة فقدانها لابنتها، وهل يتسامح معها، أم يسعى للانتقام منها..؟.

الرواية مليئة بالتفاصيل المثيرة في لغة سردية عالية وحبكة درامية محكمة، وقد قدم للطبعة الأولى منها الأديب والكاتب الصحفي ناصر الظاهري بأسلوب ممتع وشائق، حيث قال&«حملت رواية الصديق الكاتب سلطان الحجار في تلك الحقيبة المسافرة، حيث للقراءة متعة الاسترخاء، والكسل اللذيذ، فقضيت معها وقتين، وقتاً لمتعة القراءة، ووقتا لكتابة مقدمة لها..&الرواية عمل آخر، وجديد، ومختلف للكاتب والمبدع&«الحجار»، بعد تجارب أدبية متنوعة، طرق بها باب الإبداع، وتركها لتعيش بين الناس، محدثة ذلك الضجيج».

بالأخير، ومما لا شك فيه، أننا أمام رواية تعالج قضايا اجتماعية وتغوص برغبة مجنونة في محاكاة الواقع وتجسيد مآسي الحياة، لكنها تملك خصوصيتها وطابعها الحميم في نسج علاقات إنسانية متشابكة تنتصر لذاتها فتهزمها الحياة ويغيبها الموت، ومن بقي حياً فهو يسعى لاستعادة وجه الحياة من أجل عدم الوقوع في أخطاء الماضي، متسلحاً بالرغبة في التسامح والانتصار للإنسانية، بعيداً عن توحش البشر الذين يلجأون للانتقام أحياناً في لحظة يغيب فيها العقل، ويموت الضمير.