يذكر الجاسوس الروسي سكريبال بجواسيس كامبريدج الخمسة الذين تقول إحدى الروايات إنهم من بين أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكون الوثائق التي مرروها كانت كحدث أهم من انشقاق ثلاثة من هؤلاء.

إيلاف: بالنظر إلى ما ينشر في الصحف اليوم، ربما يجب التذكر بأن الكريملين كان ينظر إلى سيرغي سكريبال، جاسوس إم آي 6، على أنه "جاسوس" بالطريقة نفسها التي كان ينظر بها الإنكليز إلى كيم فيلبي، دونالد ماكلين وغاي برغيس على أنهم "خونة" قبل بضعة عقود. 

تفكير مزدوج ونفاق
فسكريبال قد خالف النهج الذي كان يسير عليه العملاء السريون الروس في الغرب (وهم العملاء الذين لا يزال مصيرهم غير معروف حتى الآن) بالطريقة نفسها التي خالف بها جواسيس كامبريدج النهج الذي كان يتبعه الجواسيس الغربيون في الكتلة الشرقية.

جاء هذا الكتاب الذي صدر حديثًا تحت عنوان "أعداء بالداخل: شيوعيون، جواسيس كامبريدج وإنشاء بريطانيا الحديثة" لريتشارد دافينبورت هاينز، ليُذَكِّر في وقت مناسب بـ "التفكير المزدوج" و"النفاق" المتنكرين في شكل "قيم دول أخلاقية" في عالم التجسس الغامض.

يعتبر هاينز من الكُتَّاب المهرة، حيث لديه من الخبرات ما يتيح له التخصص في معالجة القصص والأخبار المتقنة وتقديم وجهات نظر اجتماعية وثقافية جديدة. وقد استطاع في كتابه الجديد هذا أن يميط النقاب عن كثير من التفاصيل المتعلقة بالتحريف الذاتي لقصة جواسيس كامبريدج الخمسة: فيلبي، بيرغيس، ماكلين، بلانت وكيرنكروس.

ذروة بريكست
لكن الكشف الحقيقي في الكتاب هو إبراز هاينز لفكرة أن التداعيات الاجتماعية والسياسية التي ترتبت على تلك القضية لا تزال تتردد بقوة حتى يومنا هذا. وأوضح هاينز في سياق كتابه "أن تقويض السلطة، ورفض الخبرة، والاشتباه في المزايا التعليمية واستخدام كلمات "النخبة" و"التأسيس" كنوع من الانتقاصية، قد أدى إلى تغيير المناخ الاجتماعي والسياسي في بريطانيا". 

من هنا خلص هاينز إلى استنتاج مذهل: "بلغت النتائج بعيدة المدى لانشقاق بيرغيس وماكلين أوجها بانضمامها إلى أصوات أخرى في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يوم 23 يونيو عام 2016".

انشقاق ممزق
ما استطاع أن يبرزه هاينز بمهارة في كتابه هو أن الوثائق التي مررها خماسي كامبريدج لم تكن أهم ما في الموضوع، لكن الشيء الذي كان أكثر أهمية هو ما تم كسره في الجسد السياسي حين انشق ثلاثة من هؤلاء الخمسة. 

وسواء كنا تثق في تأكيد هاينز القوي على أن جواسيس كامبريدج الخمسة كانوا من ضمن أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أم لا، فليس هناك جدال في أن هاينز قد نجح في كتابة وصف ثقافي واجتماعي مؤثر لقصة ما زالت تداعياتها مستمرة ومتواصلة حتى وقتنا هذا.


أعداء الداخل: هل مهد جواسيس كامبريدج لنشوء بريكست؟

أعدت "إيلاف" هذا التقرير نقلًا عن موقع"دي. آر. بي". الرابط أدناه:
https://www.drb.ie/essays/homosexuals-drunks-and-weirdos