كانت العلاقات بين البيض والسود في الولايات المتحدة ولا تزال شائكة يتخللها الكثير من الصراعات والنزاعات، لاسيما مع سعي السود إلى تحقيق المساواة مع الغالبية البيضاء المتنفذة في البلاد. 

إيلاف: انعكست هذه العلاقة وتقلباتها على الصحافة البيضاء والسوداء بشكل عام، وهو ما يدرسه المؤرخ والمحاضر في جامعة ولاية كينيساو فريد كارول في كتابه "سباق الأخبار: الصحافيون السود والنضال من أجل عدالة عرقية في القرن العشرين"، مستندًا إلى أرشيف ضخم يتعلق بما نشر في هذه الصحافة على مدى القرن.

معظم الصحافيين السود ناضلوا ضد النظام الرأسمالي الأميركي

يمثل هذا الكتاب إضافة مهمة لفهم دور الصحافة السوداء في الحركات التي نشط فيها السود من أجل تحقيق المساواة المدنية والاجتماعية والسياسية في الولايات المتحدة، وهو يسهم في فهم تاريخ الصحافة الأميركية من أصول أفريقية وتاريخ الأفارقة الأميركيين وتاريخ نشاطاتهم في مجال الحقوق المدنية.

البداية
كانت أول صحيفة أصدرتها المجموعة السوداء في الولايات المتحدة هي "صحيفة الحرية"، وكان ذلك في عام 1827. منذ ذلك التاريخ حرص الصحافيون الأميركيون من أصول أفريقية على التأكيد على حقوقهم، وواصلوا مساعيهم لوضع حد للتمييز العرقي من خلال عملهم في هذا المجال. 

صدرت في إطار ذلك صحف ومجلات عديدة ومتنوعة، بعضها ينتمي إلى الصحافة العامة التي تتناول شؤون البلاد، فيما ركز بعضها الآخر على المجموعات الملونة وحقوقها بشكل خاص.

كان لكل نوع من هذه الإصدارات جمهوره ومتابعوه، وكان الصحافيون والمحررون يمارسون المهنة من دون إشراف من مسؤولين بيض. 

لكن الكاتب يلاحظ أن هؤلاء الصحافيين لم يستطيعوا فصل أنفسهم عن مجريات الأحداث في العالم، مثل الحرب العالمية الأولى والثورة البلشفية، ثم فترة الكساد العظيم، فالحرب العالمية الثانية، وهو ما لفت إليهم انتباه المسؤولين الفيدراليين الذين كانوا يتابعون كل ما يكتبون بهدف رصد مدى تأثرهم بالأفكار الحمراء التي كانت تنتشر بسرعة في ذلك الوقت في أنحاء أخرى من العالم. 

وكانت النتيجة أن غالبية الصحافيين السود بدأت تبتعد عن الاتحاد السوفييتي وعن الشيوعيين والمتحالفين معهم، واتخذت قرار مواصلة نضالها في إطار النظام الرأسمالي الأميركي نفسه. 

معايير صحافية خاصة
يركز فريد كارول على جهود الصحافيين السود من أجل تحقيق العدالة العرقية خلال القرن العشرين، ويتتبع صحافتهم اعتبارًا من بداية القرن العشرين حتى ثمانيناته، وقد اعتمد في كتابه على بحث متعمق وشامل، حتى جاء كتابه مليئًا بالنقاط المهمة والسرد الممتع الذي يدعو إلى التأمل.

يقول الكاتب، وهو صحافي سابق، إن كتابه حاول أن يقدم تحليلًا للطريقة التي تناول بها الصحافيون السود الأحداث العالمية الجارية ثم الأحداث المحلية، لا سيما تلك المتعلقة بالمجموعة السوداء، وكيف أن الصحافة البيضاء كانت تتهمهم أحيانًا بالسعي إلى إشعال فتيل فتنة من خلال كتاباتهم وتقاريرهم الصحافية. 

ويشرح الكاتب أيضًا كيف عمل الصحافيون السود ومسؤولو التحرير على وضع معايير صحافية خاصة بهم، والطريقة التي غطوا بها الحركات الناشطة في مجال الحقوق المدنية. 

يدرس المؤرخ في كتابه الطريقة التي غطت بها الصحف البيضاء القضايا المتعلقة بالسود، علمًا أن ناشطين عديدين كانوا قد أشاروا إلى أن الصحافة البيضاء لم تعمل على تغطية قضايا السود بطريقة شاملة وموضوعية.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الصحف التي يملكها بيض كانت لا تستخدم صحافيين من أصول أفريقية حتى نهاية الستينات وبداية السبعينات، لا سيما في غرف تحرير الأخبار، ولكنها بدأت تتعرّض لانتقادات واسعة مع تصاعد الحركات المطالبة بمنح السود حقوقهم المدنية، وهو ما دفع مسؤولي التحرير إلى استخدام عدد من محرري الأخبار من أصول أفريقية لاحقًا، لكن بشكل حذر ومحدود. 

 
أعدت "إيلاف" هذا التقرير نقلًا عن "blogs.lse.ac". الأصل منشور على الرابط أدناه


http://blogs.lse.ac.uk/lsereviewofbooks/2018/04/25/book-review-race-news-black-journalists-and-the-fight-for-racial-justice-in-the-twentieth-century-by-fred-carroll/