هل البشر كلهم عبارة عن تجمعات قبلية وهل لا وجود لهم خارج مفهوم القبيلة وأن الكيان الأحادي فكرة خيالية لا أكثر. يحاول كتاب طرح هذه التساؤلات رابطًا العرق والطائفة حتى بالمفهوم القبلي.

إيلاف: أصدرت أخيرًا آمي تشوا، أستاذة القانون في جامعة ييل، كتابًا جديدًا في الشؤون الدولية بعنوان "قبائل سياسية: غريزة المجموعة ومصير الأمم"، وهو الكتاب الذي يستقصي الديناميات المعقدة لما تطلق عليه تشوا "القبائل السياسية"، موضحة أن البشر عبارة عن تجمعات قبلية، وأن أحلام الوحدة هي مجرد أوهام فقط لا غير.

الإطار الحالكم
وبينما تعتبر الأعراق والهويات الأخرى حقيقة في كل أنحاء العالم، فإن تركيبة "القبائل" التي طرحتها تشوا قد فشلت في الصمود تحليليًا وفلسفيًا، أثناء تنقل الكتاب من نزاع دولي إلى آخر، وعودته في النهاية إلى أميركا لتوبيخ "القبلية العنصرية".

سبق لصامويل جونسون أن أوضح في الشعر الميتافيزيقي أن أكثر الأفكار غير المتجانسة هي التي تحاط دائمًا بالعنف. وما يمكن قوله في هذا الإطار أن هذا الكتاب الجديد ليس شعرًا ميتافيزيقيًا، لكنه يمزج بين الأفكار المتباينة. وهناك أربع دول هي فيتنام، أفغانستان، العراق وفنزويلا (وكلهم ضحايا للإمبرالية والعسكرية الأميركية) مرتبطون بثلاثة أمراض أميركية هي الاستثنائية، عدم المساواة والعنصرية.

ما يوحد عناصر الكتاب المتفرقة هو الاقتران غير المقيد لكلمة قبيلة، خصوصًا وأن تشوا تنظر إلى كل شيء من منطلق قبلي، سواء كان ذلك الشيء مرتبط بالعرق، الطائفة الدينية، الإرهاب، العرق أو اللون. 

ففي فيتنام نجد أن الصينيين العرقيين أناسًا قبليين، وفي أفغانستان نجد أن البشتون والطاجيك قبليين، وفي العراق نجد أن الشيعة والسنة قبليين، وفي فنزويلا نجد أن "الأصباغ" ذات طابع قبلي، وأخيرًا في الولايات المتحدة الأميركية نجد أن الأجناس المختلفة قبلية هي الأخرى.

شعرت تشوا في كل فصول الكتابة بحرية لإزالة الطابع التاريخي لمفهوم "القبيلة" الاجتماعي، واستعانت تشوا بكلمة "القبيلة" كاستعارة، وربطتها بكل فصيل مشارك في صراعات داخلية أو دولية. لا يوجد ثمة شيء خطأ في استخدام تركيبات تاريخية كاستعارات، ومع هذا، فإن التحليل الاختزالي للأحداث العالمية المعقدة إلى "قبائل سياسية" لم يفعل أي شيء لتقديم تعليمات أو فهم الأمور بشكل حدسي.

التغاضي عن الهند
إلى جانب ذلك، فقد خلطت تشوا الهوية مع القبلية، فالهويات هي أشياء صحية، عقلانية وطبيعية بينما القبلية، حتى بالمعنى النفسي الحديث، تشير إلى ارتباط غير عقلاني بمجموعة على حساب المجموعات الأخرى. ويبدو من الواضح أيضًا أن الكتاب يفتقر إلى موضوع مركزي لتضمين الفصول الثمانية، وبينما اهتمت تشوا بتبديل عبارة "الفصائل السياسية" بـ "القبائل السياسية"، لكنها فشلت بشكل كبير في تحسين الملاحظات التي تم تقديمها في مجموعة "أوراق الفيديراليست" الأدبية. 

وفي تحليلها بالكتاب، نسيت تشوا أن تشير إلى الهند، تلك القوة الكبرى التي يزيد عدد سكانها على مليار شخص والتي تتألف من أجناس، أديان، طوائف، أصباغ وتواريخ ثقافية مختلفة. كما إن الهند، وعلى عكس أميركا، تعترف بـ 22 لغة رسمية. 

وفي الأخير، تبين أن الكتاب لم يقدم أي تحليل تجريبي أو إحصائي، ولم يعتمد على أي دراسات ميدانية سبق أن أجرتها تشوا في البلدان التي تم تحليلها وذكرها في الكتاب، لكن هذا لا ينفي حقيقة أن الكتاب يمتلك بعض وجهات النظر القوية، وأن فصوله تم سردها بلغة واضحة، صريحة وخفيفة، وأنه من السهل على القراء فهمه واستيعابه.

أعدت "إيلاف" التقرير بتصرف عن موقع "نيويورك جورنال أوف بوكس"، رابط المادة الأصلي أدناه
https://www.nyjournalofbooks.com/book-review/political-tribes