نعيش في عالم تسيطر عليه التكنولوجيا في مختلف المضامير، ويشمل ذلك عالم الأسلحة، التي وصلت إلى مرحلة بعيدة على صعيد الاستقلال الذاتي، وأصبحت تتحرك مثل سيارات غوغل ذاتية القيادة، وتتخذ قراراتها بدون تدخل بشري في بعض الحالات. 

إيلاف من بيروت: تثير هذه الاستقلالية تساؤلات عديدة على الصعيد الأخلاقي، إذ كيف يمكن منح آلة حق اتخاذ قرار يتعلق بحياة إنسان وموته ومهاجمة أهداف بشرية من دون تدخل بشري؟.

30 دولة تملك أسلحة ذاتية التحرك تعمل تحت إشراف بشري

الخبير في مجال تكنولوجيا الأسلحة بول شار يتناول هذه القضية الشائكة في كتاب صدر حديثًا حمل عنوان "جيش من دون عديد، الأسلحة المستقلة ومستقبل الحرب" (Scharre, Paul 2018, Army of None: Autonomous Weapons and the Future of War) تابع فيه هذه التطورات والطريقة التي تتغير بها أنماط الحروب وأساليب خوضها وكذلك القضايا الأخلاقية والقانونية والسياسية المرتبطة بها.

وجهات نظر
يتضمن الكتاب مقابلات مع ذوي الشأن وخبراء ومتخصصين وعلماء نفس ونشطاء، ويطرح وجهات نظر مؤيدة ومعارضة، وينظر في تحديات محتملة قد تتضمنها حروب المستقبل.

يطرح الكاتب أسئلة عديدة، مثل إلى أي حد يجب تطوير هذه الأنواع من الأسلحة؟.. وهل يمكن الاتفاق على حظرها جزئيًا أو كليًا؟، وفي حالة تم التوصل إلى مثل هذا الإتفاق، هل يمكن ضمان التزام الدول كافة به؟. ويذكر الكاتب أن ما يقارب من 30 دولة تملك أسلحة ذاتية التحرك، ولكنها تعمل تحت إشراف بشري.

نهاية العالم؟
يقع الكتاب في ستة أجزاء، يركز أولها على نهاية العالم على يد الأسلحة الروبوتية، ويناقش فكرة الاستقلال ومسؤولية البشر.ويتطرق الجزء الثاني إلى تاريخ الروبوتات العسكرية والأسلحة التي يتم تطويرها حاليًا.

فيما يخصص الكاتب الجزء الثالث للأخطاء التي قد ترتكبها الأجهزة بسبب أعطال لا يمكن التحكم بها في الوقت المناسب. أما الجزء الرابع فيتناول مفهوم السرعة في الفعل وردود الفعل والمخاطر التي تتضمنها.

في جزئه الخامس يتطرق الكتاب إلى التحركات الهادفة إلى حظر هذه الأسلحة والحجج الأخلاقية والمعنوية التي تستند إليها. ويتناول الجزء السادس الوسائل الكفيلة بتجنيب البشرية حرب نهاية العالم. ويتساءل عمّا إذا كان الاعتماد على أسلحة مستقلة مسألة حتمية.

محاولات حظر
يتناول الكتاب أيضًا تاريخ تطوير الأسلحة المستقلة والجدال الدائر بشأنها حتى في أروقة الأمم المتحدة واجتماعاتها. ويذكر أمثلة سابقة مثل الحظر الذي فرض على استخدام أسلحة الليزر التي تصيب رجال العدو بالعمى، لأسباب تتعلق بضعف جدواها. لكن محاولات لمنع استخدام الغواصات والقاصفات في فترة ما بين الحربين العالميتين لم تحقق أي نجاح.

من جانب آخر يعبّر الكاتب عن قلقه من أن الحملات التي تسعى إلى فرض حظر على هذا النوع من الأسلحة تقودها منظمات غير حكومية، وليس دولًا كبرى، وهو ما يؤثر على فعاليتها الحقيقية، كما يلاحظ أن الدول التي تسعى إلى فرض حظر هي دول صغرى، ليس هدفها حماية المدنيين، بقدر اهتمامها بإيجاد وسائل لفرض قيود على الدول الأكبر.

يذكر أن الكتاب كان قيد الطبع عندما أعلنت الصين في الثالث عشر من إبريل عام 2018 تأييدها فرض حظر على الأسلحة ذاتية التفكير والقرار، لتكون بذلك أول دولة من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تتخذ هذا الموقف. 

أخيرًا يفضّل الكاتب فرض قيود على تطوير هذه الأسلحة واستخدامها، وليس منعها بشكل نهائي، ويأمل في أن تتوصل دول العالم إلى نوع من الاتفاق على ما هو مقبول أو غير مقبول أخلاقيًا وقانونيًا وإنسانيًا، ولكنه يعتقد في الوقت نفسه بأن إمكانية التوصل إلى مثل هذا الاتفاق مشكوك بها حاليًا.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير نقلًا عن "سنترال بلو. ويليامز فوندايشن". الأصل منشور على الرابط
http://centralblue.williamsfoundation.org.au/army-of-none-a-review-sean-welsh/