الوحام مصطلح عاميّ يُقصد به المزاج الشهواني المتقلّب الذي يرافق المرأة في فترة الحمل، أو هو مجموعة من الرغبات الخاصة ببعض الأطعمة التي ترغب الحامل بتناولها خلال هذه الفترة.
ويحصل في بعض حالات الوحام أن تشتهيَ الحامل شيئاً غريباً لا يشتهيه الإنسان الطبيعي، ولا يفكر بتناوله إطلاقاً، كرغبتها مثلاً بقضم قطعة من الصابون!
لكنَّ هذا السلوك غير العقلاني في ظاهره يخفي وراء كواليسه، في بعض الحالات، سلوكاً عقلانياً وبامتياز.
فلنأخذْ هذا المثال: امرأة بسيطة من بيئة قروية متواضعة، خلال فترة حملها بولدها كانت تقوم بين الحين والآخر بتناول مقدار صغير من التراب، تقول بأنها كانت تشتهي تناول التراب! الأمر حينها لم يكن مستهجناً لأنه قد حصل ما يُشبهه لدى غيرها، ولأنه يحصل تحت عنوان ما يُسمّونه "الوحام" حيث الانزياح في المزاج والرغبات.
الشيء المهمّ في هذه القصة أنّ الطبيب الذي كان يُشرف على حالتها كان يعلم جيّداً بأنَّ لديها نقصاً عضوياً في عنصر الحديد؛ الأمر الذي قامت بتعويضه من خلال تناول كميات صغيرة من التراب الغني بعنصر الحديد.
فإذاً ثمّة جهة عضوية معينة في جسم الإنسان تراقب وتقيس وتتدخَّل في الوقت المناسب لتعويض نقص ما، وذلك عن طريق إرسالها برقية عضوية إذا صح التعبير كما حصل في المثال السابق، حيث تمَّ تعويض نقص عنصر الحديد من خلال الرغبة بتناول التراب.
اللغة المستخدمة للتخاطب ما بين "الأنا الحشويّ" والوعي هي لغة الرسائل المرمَّزة. لكن السؤال: لماذا يأتي هذا الإخطار المرسل من قبل العضوية إلى الوعي ويظهر بشكل مشفّر ولا يأتي واضحاً وصريحاً كالكثير من الإشعارات الأخرى التي ندركها ونتجاوب معها مثل الإحساس بالعطش والحاجة إلى شرب الماء (أنا عطشان)، أو الإحساس بالنعاس والبدء بالتثاؤب (أنا نعسان)؟
والإجابة بإيجاز هي أنَّ ساعي البريد الحامل لهذه البرقية، في حالة مثل حالة الوحام والشهوة المقصودة، قد تمَّ إيقافه وتعطيل مهمته في زاوية ما من الدماغ ولم يتمكن من إيصال رسالته بالشكل الأمثل إلى المكان المسؤول عن الإفصاح المباشر والواضح. أو بمعنى آخر، لقد تمَّ إجهاض المشروع في منتصف الطريق فخرج المولود مشوَّهاً وغير مكتمل الملامح.