صدر للناقد العراقي محمد جبير كتابه الجديد الذي يحمل عنوان (جنائن السرد.. جدلية العلاقة بين القارئ والنصّ) عن دار التكوين للنشر والتوزيع، في العاصمة السورية دمشق، وهو دراسة نقدية محكمة عن أعمال الروائي العراقي (محمد حياوي) الروائية الأخيرة.

يقع الكتاب في 160 صفحة من القطع المتوسط ، وحمل في صفحة العنوان توضيحا جاء فيه (اطار تطبيقي اجرائي في سرديات محمد حياوي) ، حيث ان القاص والروائي حياوي واحد من الروائيين العراقيين المشار اليهم بالموهبة والابداع ،وقد وقف هذا المسعى النقدي امام ثلاث تجارب للكاتب حياوي هي (خان الشابندر) ، (بيت السودان) و (سيرة فراشة) حيث نالت هذه الروايات اهتماما عربيا واسعا وترجمت الى لغات اخرى .

وافتتح الناقد كتابه بقول للامام فخر الدين الرازي (الفصاحة.. خلو الكلام من التعقيد) قبل ان يذهب الى المقدمة التي كتبها والتي يتطرق فيها الى روائع السرد الممتع الذي كان للجيل الذي اعتاش على تلك الروايات العربية التي طالما يشده الحنين اليها حيث نخبة من الروائيين العرب الذيم كان حضورهم مميزا الى ان يؤكد (وبعيدا عن الغث من النصوص، تعتاش الذاكرة على مراجعة نصوص روائية خالدة تتوهج إبداعا، وهذه النصوص لا يمكن إغفالها حتى لو طمرت بآلاف النصوص الغثة والهشة والهابطة، فإنها تظل براقة وباذخة في عطائها، وهي تتقلب بين يدي القارئ وتنتقل من يد إلى أخرى لتشيع المتعة في النفس العطشى للارتواء بماء الابداع العذب، تلك النصوص التي تطرح الاسئلة بعمق وتزيد عذوبة السرد الروائي وتحفز القارئ على السير في تضاريسها بحثا عن عشبة الجواب التي تمنحه ديمومة القراءة، وأقصد هنا القراءة الفاعلة التي ينتجها القارئ المثالي) .

والكتاب يمثل حالة استثنائية في عوالم الكتابة النقدية التي انتهجها المؤلف الناقد عبر اصداره العديد من الكتب التي تتصدى للنتاج الروائي لعدد من الروائيين العراقيين ، لاسيما ان تجربته في هذا المجال طويلة واعتمد وسائله الخاصة في تفكيك النصوص وقراءتها لتكون مصدرا مهما للقاريء والروائي في آن واحد .

لكن الناقد قبل الدخول الى قراءة افكاره في فصول الكتاب ،يقدم للقاريء اجابة على سؤال لابد ان يخطر على باله ، فهو اعطاه عنوان (ما يشبه المدخل)، حيث يسرد بالتفصيل وعبر 13 صفحة ما يريد توضيحه عن النقد والقراءة عبر ذكر العديد من الاسماء التي لها اهمية في عالم الكتابة الروائية قال فيه : لماذا قراءة تجربة محمد حياوي الروائية؟ فيؤكد موضحا (مثل هذا السؤال يمتلك مشروعيته الخاصة في حال كان السائل يدرك معنى الكتابة ويمتلك معرفة مسبقة بالمنجز السرّدي العراقي على وجه الخصوص ويطالب النقدية العراقية بضرورة الفرز النقدي

للجهود الروائية على مدى عقود عدة، ولم ينتظر طويلا للقول (تبدو لي الاجابة القاطعة صعبة، لكنها تحفزنا على المغامرة والبحث عنها من خلال فحص ومعاينة النصوص، إذ لا توجد إجابة من دون التعرف على التجارب السرّدية الروائية، كما أن معايشتنا لتلك النصوص وكتابها منذ عقود عدة، تضعنا في أتون المحترف النقدي للقيام بمهمة الفرز، وهي ليست بالمهمة الهينة وقد لا ترضي الكثير من الكتاب أو تلقى الرفض والاستهجان منهم، لانها لا تلتقي مع أهواء البعض أو تختلف مع رغباته ومواقفه الشخصية من هذا الكاتب أو من ذاك النص. لكن لنترك كل ذلك وراءنا ونذهب باتجّاه القراءة، لانها لا تحتاج إلى تعريفات تحدد أطرها واتجّاهاتها المعرفية والفلسفية)، ثم يؤكد (نحتاج اليوم إلى قراءة واعية متحركة وليست ساكنة، لنصوص إبداعية تعتمد عىل أساسيات الفهم والادراك وهضم الطروحات الفكرية الحديثة وتطبيقاتها على النّصوص اإلبداعية بقراءة حرة بعيدة عن الوصايا والاستاذية التي تنادي بها الاكاديميات المستندة إلى ضوابط واشتراطات تقليدية للبحث الادبي) .

بعد ذلك يشرع المؤلف بالابحار في ما انتجه الروائي محمد حياوي من روايات اخذت حيزا مميزا في محطات السرد العراقية ، حيث يضم الكتاب اربعة فصول هي ، الفصل الاول يتضمن فرعين هما (دع النّص يقل ما يشاء) و (وجوه الحقيقة) ، اما الفصل الثاني فيتضمن (الاحتراق في نار الرغبة) و (الاستدراك على ما تقدم والاشكال على ما تأخر ) و (أنا أختار ) و (استفزازالذاكرة الخاملة) و (الانجذاب العاطفي) ، اما الفصل الثالث فتضمن (الدخول في مثلث النار) و (الخيال..المرأة) ، فيما تضمن الفصل الرابع (الفراشة تعرب خطوط النّار ) و (بلاغة الصمت) ، كما تضمن الكتاب سيرة ذاتية للكاتب محمد حياوي والناقد محمد جبير فضلا عن المصادر التي استفاد المؤلف منها .