أكد مثقفون عرب في انطلاق فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ 29 والذي افتتحه الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وقام بجولة في أجنحته انطلاقا من الجناح الهند ضيف شرف المعرض، وذلك بحضور وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة نورة بنت محمد الكعبي، ورئيس دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي &محمد خليفة المبارك وسيف سعيد غباش وكيل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي وعبد الله الماجد آل علي المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب بالإنابة وعدد من كبار المثقفين والمسؤولين، أن المعرض يشكل جزءا مهما في الواجهة التي تمثلها أبوظبي عاصمة للثقافة والفنون، فهو يجمع نخبة المثقفين العرب والإماراتيين والأجانب. ورأوا أن أهم ما يميز المعرض هو ثراء لقاءاته وجلسات التي تشتغل على كافة العلوم والمعارف والآداب والفنون والتقنيات الحديثة في صناعة النشر.

وقال الشاعر السعودي محمد خضر إن المعرض يعتبر عرسا متجددا للثقافة واحتفالية للكتاب وصناعته، وأضاف "دائماً ما يتحول معرض الكتاب في أبوظبي إلى مهرجان ثقافي ومعرفي كبير، وجهة يلتقي فيها الكُتاب والشعراء والكثير من المهتمين في عالم الكتب، وهو بحق أحد أهم معارض الكتاب التي تولي اهتماماً كبيراً بصناعة وعي القارئ والاهتمام والتحفيز لنشر الكتاب العربي والحوار العالمي باستضافته لأسماء مهمة في عالم الكتابة والكتاب".

ورأى د.كامل فرحان صالح، الشاعر والأستاذ الجامعي اللبناني أن الكتاب يعد في حيزه الدلالي، نافذة الإنسان نحو غد أقل ظلمة، وأكثر نورا، لأن الكتاب هو العامل الأساس الذي واكب الأمم في مسيرتها الحضارية، منذ كان الكتاب رسوما على جدران الكهوف، وصولا إلى الكتاب الإلكتروني، مرورا بتاريخ عريق من ورق البردى، وجلود الحيوانات، والألواح الطينية، ثم الورق بألوانه كافة، يقول: "يبدو لافتا للانتباه أن الاحتفاء بالكتب والعناية بها، كان من ضمن الطقوس الاحتفائية لمعظم الشعوب، وقد خصصت للكتب مراكز مهمة وأساسية، فضلا عن الأسواق في معظم المدن العريقة. ويأتي في هذا السياق، كل معرض من معارض الكتب، ولا سيما معرض أبوظبي الدولي للكتاب، ليرث كل هذا الإرث العريق، فيحفز على الفعل الحضاري، ويؤكد من خلال اهتمامه بالكتاب والكتاب، هذا النشاط الإنساني الفاعل، في بناء إنسانية الإنسانية، وتشكيل وعيه في المعرفة والعلوم وفي كيفية بناء تقبل الآخر، عبر تعبيد الدروب نحو أخيه الإنسان".

وأضاف صالح "من هنا، لا بد للإنسان من الانحناء احتراما وتقديرا أمام كل فعل ثقافي حضاري، يساهم بنشر الكتب وصناعتها، وعرضها، وتأليفها وتصميمها، وتوزيعها، والدعوة إليها، ولا شك أن معرض أبوظبي للكتاب، يعد منارة ثقافية في عالمنا العربي، لما يبذله القائمون عليه من اهتمام بالكتاب، ولا سيما في مراحل صناعته كافة، من دون نسيان العناية المميزة في تخصيص مساحات لائقة له، وتوفير الأجواء المناسبة للقراء من الزوار عائلات كانوا أم أفرادا، كي يختاروا ما يناسب اهتماماتهم من كتب ووسائط معرفية وثقافية وتربوية".

وختم بالإشادة بأبوظبي الحبيبة لجميع العرب، "إن المدن الكبيرة والعظيمة تعرف من حركة التأليف والإبداع والنشر والترجمة فيها، وتحديدا من خلال مدى اهتمامها بإنتاج أوعية المعرفة المختلفة وتقديمها وعرضها وتسويقها، ولا شك أن أبوظبي تعد من ضمن هذه المدن التي تحفر عميقا لترسيخ الوعي الإنساني، والإصرار على أن خلاص البشرية لن يكون إلا عبر عودته إلى هذه النافذة، أعني الكتاب".

الشاعر السعودي معبّر النهاري من جهته اعتبر أن "ما يميز معرض أبوظبي الدولي للكتاب كونه ينسجم مع مكوّنات الرؤية الثقافية لأبوظبي مجتمعةً، فالمعرض يحتفي بالكتاب كما يحتفي اللوفر بالفنون، وكما يحتفي أمير الشعراء بالشعر العربي الفصيح المعاصر، ويحتفي شاعر المليون والمنكوس وغيرها بالشعر النبطي والشعبي، كما يحتفي مسجد الشيخ زايد ومتحف زايد وصرح المؤسس بالإرث الوطني والمسيرة الحكيمة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد، كلها مجتمعةً تصب في بوتقة إبداع ثقافي وريادة معرفة تنالها أبوظبي اليوم، عاصمةً للقراءة والكتاب العربي والعالمي".

الشاعرة الفلسطينية آمال رضوان ثمّنت عالياً دور معرض أبوظبي الدّولي للكتاب والقائمين عليه، في مدّ الجسور البنّاءة عالميًّا، بهدف تعزيز الحوارات الثقافية العربية الراقية، وتحفيز النشر والتلاقي الثقافي العربي، وقالت: "مِن خلال موقعي، سواء الإبداعيّ كشاعرة، أو المهنيّ والتّحفيزيّ كمحرّرة ثقافيّة في دار الوسط للنشر والإعلام، لا يسعُني إلّا أن أثمّن دوْرَ القائمين على معرض أبوظبي الدّولي للكتاب، وجهودَهم العظيمة في لملمةِ الشّتات الثقافيّ العربيّ كلّ عام، من خلال هذا المعرض الذي يعتبر منارةً مضيئة في الفضاء الثقافيّ العربيّ والعالميّ. وممّا لا شكّ فيه، أنّ معرضَ أبوظبي الدولي للكتاب يُعززُ مكانةَ أبوظبي على السّاحتيْن العربيّة والدّوليّة، ويؤكّد في ذات الوقت، حقيقةً رسَخت في ذهن المجموع الثقافيّ العربيّ، أنّ للثقافة العربيّة حاضنةً حقيقيّةً تبذلُ كلَّ ما يمكن، لتنميةِ دوْرِ المثقّفِ العربيّ والناشر العربيّ، سواء مِن خلال المشاركات في هذا المعرض بدوْراته المتتالية، والّذي تقف على سلّم أهدافِهِ صناعة الكتاب ورفعُ مكانةِ الثقافة، على المستوييْن العربيّ والعالميّ، والّذي يُمثّلُ أحدَ المنابر العالميّة لحوارِ الثقافاتِ بين الدّول والأمم والحضارات المختلفة".

وتابعت: "قد تكونُ المساحةُ الّتي منحتها إمارةُ أبوظبي للكتاب العربيّ والنّاشر العربيّ والقارئ العربيّ كبيرة ومهمّة، ومن أهمّ أشكال السّياحة الثقافيّة، إن جاز التّعبير، كوْنها تضعُ الزّائرَ بمَعزلٍ عن مَشاربِهِ السّياسيّةِ والثقافيّة، أمامَ ثقافاتٍ ونتاجاتٍ مختلفة، والّتي تُعبّر في مضمونها عن الحالتيْن الإنسانيّة والاجتماعيّة مِن جهة، كما تمنحُهُ الفرصةَ للتّواصل والتّلاقي مع نظرائِهِ من الدّول الأخرى".

وختمت رضوان: "أقدّرُ دوْرَ إمارة أبوظبي كرافعة ثقافيّة تساهمُ في النّهضة الثقافيّةِ العربيّة، كما أثمّنُ الدّوْر الهائلَ والرؤية الصائبة الرشيدة لراعي المعرض صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الّذي يؤكّدُ أنّ تراثَنا العربيّ الأصيلَ والكتابُ جزءٌ منه، في أيادٍ أمينةٍ ومؤتمنة. بوركتم.. وبوركت الأيادي البيضاء في صناعة الثقافة ونهضةِ الحضارة".

واعتبر الشاعر والناقد العراقي ذياب شاهين أن المعرض من المعارض المهمة جدا في منطقة الخليج، لدوره الريادي منذ بدايات الثمانينات في أبوظبي، وسمعته الممتازة وسط القراء والمثقفين العرب، يقول: "تلتقي في معرض أبوظبي الدولي للكتاب العشرات من دور النشر العربية والعالمية وتعرض عشرات الألوف من الكتب والعناوين الجديدة في فنون القول والمعرفة كافة من شعر وقص ورواية وفكر وفلسفة وكتب طفولة فضلا عن الكتب العالمية المترجمة والمهتمة بفنون الأدب والعلم والمعرفة كافة".

يضيف شاهين: "يمثّل المعرض فرصة فريدة للالتقاء بكتاب عرب وعالميين مشاهير والحديث وتبادل الأفكار معهم عن كثب، كما أن اختيار دولة لتكون ضيف شرف من الدول العربية أو العالمية في كل عام يمثل حدثا متميزا ومفارقا للاطلاع على ثقافة البلد المعني والحوار مع مثقفيه لزيادة المعرفة بآداب الأمم الأخرى التي تعاصرنا زمنيا وتبتعد عنا مكانيا، كما أن الفعاليات المصاحبة من قراءات شعرية وندوات وتواقيع كتب توسع من أفق الجمهور وتضيف متعة ثقافية للمتابعين والنقاد والقراء، ومن الفعاليات الأخرى والمهمة بالنسبة للمؤلف هو الالتقاء بدور النشر العربية وعرض مؤلفاته لمعرفة إمكانية طبعها ونشرها وتوزيعها وهو هدف أساسي ينشده المؤلفون وخصوصا الجدد ممن لا خبرة لهم مع دور النشر وخفايا العملية التجارية المصاحبة لنشر الكتاب".

وختم أن "المعرض يمثل بوابة كبيرة للجمهور القارئ والطلبة بمراحلهم كافة للمشاركة والاطلاع على هذا العرس الثقافي المهم الذي تصاحبه فعاليات عالمية كتوزيع جائزة المغفور له الشيخ زايد العالمية وتوزيع جائزة البوكر للرواية العربية".

الروائي اللبناني الدكتور علي نسر قال "في ظل هذه الضبابية الموحشة، تبقى المعارض العربية للكتاب، من معرض أبوظبي الدولي للكتاب إلى معرض الشارقة الدولي للكتاب، كما هو معرض الكتاب في بيروت، والقاهرة وغيرها، تبقى قبسا عابرًا للموت والقتل اللذين يزنران عالمنا العربي، حيث لم يبق وسيلة للتلاقي سوى الكتاب".

وأضاف أن معرض أبوظبي يأتي ليؤكد قيم الانفتاح الثقافي والحوار والتلاقي العربي والعالمي متأملين له النجاح الذي عودنا عليه حين يصبح بحيرة تصب في عمقها دور النشر العربية من المحيط إلى الخليج، الأمل معقود على مثل هذه النشاطات والمعارض التي تحتك فيها الأيادي رغم ما يحول بينها من مسافات".

وعبر الشاعر والقاص العراقي علي السباعي يعبر عن بشارة انتظام انعقاد فعاليات معرض أبوظبي للكتاب كل عام، يقوله "أشعر بأنني حي أتنفس تسامحاً وحريةً وأدباً، كلما هلّ هلال معرض أبوظبي الدولي للكتاب، هذا المعرض الذي يمنحنا عمراً جديداً يضاف لأعمارنا الإبداعية، ويجعل إشراقاتنا الإبداعية الإنسانية تحت أضواء قلوب القراء، لحظتها تكتمل معادلة: (كتاب + مؤلف = قارئ). لحظة هذا التلاقح المثمر تشرق على حروفنا التي حملت هموم الناس شموسا عدة تشاطر الضوء والفرح والحزن والهم لتوحده في موشور الحياة المتعدد الألوان الذي ينشد تغيير أحوال الناس بالقراءة".

وتابع السباعي "القراءة وحدها الكفيلة بتغيير عقولنا وتغيير حالنا من حال سيئ إلى أحسن حال، معرض أبوظبي يحفز العقول على اقتناء مغيراتها ويحفزها للحوار وفتح آفاق مضاءة بنور المعرفة ويفتح طرقاً جديدة يعبدها بالمعرفة النقية، كل ما أسلفت ورؤيتي منتجي الإبداعي تحت الأضواء الساطعة لمعرض أبوظبي للكتاب وأرواح عيون القراء التي تقرأ العنوانات وتقلب الصفحات بشغف الحبيب وهو يكتشف ملامح وجه ووهج حبيبته لأول مرة، كل تلك البهاءات تجعلني حياً، حيا بنور عيون القراء".