اثار فوز الروائية العمانية جوخة الحارثي بجائزة (المان بوكر) للرواية المترجمة عن روايتها (سيدات القمر)، جدلا كبير في الاوساط الثقافية العراقية بالتحديد ، وتم فتح باب (الحجاب والسفور) ليكون مشرعا ازاء التأثيرات على الكاتبة كأمرأة مبدعة وليست مجرد كاتبة ،وامتلأ الفضاء الإعلامي والميديائي العربي والعراقي خاصة بكتابات وتعليقات تتناول الموضوع من جوانبه العديدة حيث يؤكد البعض ان الابداع نقيض الحجاب وان المرأة المحجبة لا يمكن لها ان تكون مبدعة لانها مقيدة مهما كانت حريتها الفكرية ، باعتبار ان الحجاب قيد..والابداع حرية وتحرر ..، أو خروج من الإطار المعهود وهما خطان متوازيان لا يلتقيان !، فيما يرى البعض الاخرى ان لا علاقة بين الكتابة الابداعية والحجاب الذي قد يمثل جزء من التقاليد المجتمعية ،موضحين قد تكون المرأة سافرة متحررة داخليا لكنها ترتدي الحجاب لباسا متداولا ظاهرا،مشيرين انه ليس من الضرورة ان يكون الأبداع قضية ملبس،سواء كان عمامة أو حجابا أو قبعة أو عقالا أو قلنسوة؟ معززين اراءهم بتساؤل : اذا كان الحجاب كذلك فان من يخرجن بالمايوه يجب ان يكن اكثر فوزا بالجوائز لانهن اكثر ابداعا!!.

الحجاب قيد..والابداع حرية
فقد اكد الكاتب رضا الأعرجي ان المرأة المحجبة، لا يمكن أن تبدع في الأدب، شعراً أو قصة أو رواية..، وقال : هذا رأي شخصي لا يلزم احداً، والهدف منه ليس النيل من العمانية جوخة الحارثي الفائزة بجائزة "انترناشيونال مان بوكر" البريطانية المرموقة. كما لا أعني بذلك أن المرأة السافرة مبدعة بالضرورة.وقد لفتني وصف صحيفة "الغارديان" لرواية " سيدات القمر" أنها تقدم "لمحة عن ثقافة غير معروفة نسبيا في الغرب". وتساءل : ترى هل مازال الغرب يستثار بعجائب ثقافتنا وغرائبها، ولم تشبعه، مثلاً، روايات الطاهر بن جلون وغيره من الروائيين الذين يتملقون مشاعر القارئ الأجنبي!،وهل كان لهذه الـ (لمحة) دور في الفوز بالجائزة؟ وأوضح : الحجاب قيد..والابداع حرية..وهما خطان متوازيان مهما امتدا لا يلتقيان..،يمكن للمرأة المحجبة أن تكتب لكن من غير المتوقع أن تبدع لأن من الصعب عليها أن تذهب بعيداً، فتخرج من قيودها وعن "ثوابت الأمة"، وتقفز على تقاليد مجتمعاتها الصارمة. واضاف : كثيرون يكتبون لكن لا يبدعون، فالكتابة مهارة أما الابداع فهو موهبة لا يمتلكها كل من مارس ويمارس الكتابة.ومن الوهم، والأحرى العبث، أن نبحث عن الأخلاق والفضائل في الابداع.. وتابع : أروع الأعمال كتبها متهتكون وشاربو خمر ومتعاطو مخدرات ومثليون وأصحاب سوابق ومتشردون..،لن استشهد ببودلير أو هنري ميللر أو سيليفيا بلاث أو جان جينيه، فنحن كأمة مشهود لها بالشعر، لدينا أدلتنا الشاخصة ابتداء من أمرؤ القيس مروراً بأبي نؤاس وصولاً إلى الجواهري.. وختم بالقول بالمناسبة، جواهرينا ( الشاعر محمد مهدي الجواهري) لم ينطلق، ويمتلك ناصية الإبداع، إلا بعدما رمى عمامته في الكناسة.

هل الأبداع قضية ملبس؟
من جهتها دافعت الكاتبة الروائية انعام كجه جي عن الكاتبة العمانية ، فقالت : أننا جميعاً محكومون بعقائد وتقاليد، هناك من يطيعها عن قناعة وإيمان وهناك من يساير المجتمع. وتساءلت : هل الأبداع قضية ملبس؟ عمامة أو حجاب أو قبعة أو عقال أو قلنسوة؟ واضافت: أرى أن هذه العمانية، جوخة الحارثي، امتلكت من الشجاعة ما جعلها تكتب رواية جيدة بهذا القدر أو ذاك، عن الحب وعن الحرية وعن العبودية وعن العقول الضيقة وعن الضيم الواقع على الرجال والنساء في مجتمع كان في آخر الركب ثم تطور بحيث يسمح لامرأة مثلها أن تعبر عن نفسها وأن تسافر للدراسة وأن تكتب روايات تلفت نظر القائمين على جائزة مرموقة. وتابعت : هل كانت ستكتب أفضل لو خلعت حجابها؟ لا أظن. لنكن منصفين ونبارك لها بدل أن نقسو في تقييمنا لمنجزها. أما الغرب الذي يتصيد غرائبنا فلن يكون سبباً لأن نخرس عن تناول عيوبنا في الروايات.

الصورة مختلفة هنا
اما الكاتب الدكتور ضياء خضير ، فقد رأى ان الصورة مع الكاتبة العمانية مختلفة ،وقال : باعتباري واحدا من الذين قرأوا في فترة مبكرة هذه الكاتبة العمانية وكتبوا عنها وشاركوها في مناقشة بعض الرسائل الجامعية خلال وجودي في عمان ، أرى أن الصورة مختلفة هنا ، وأن لدى الكاتبة من القدرة والجرأة في مناقشة بعض القضايا الخاصة بالمرأة وبالعائلة والشخصية العمانية بشكل عام، ما يفصح عن قدرة ابداعية مكتسبة وطبيعية أصيلة. واضاف: وأظن أن كاتب التعليق في الغارديان البريطانية مأخوذ هو الآخر بهذه الصورة العامة التي يتوقعها عن فتاة محجبة ومجتمع غير معروف بالنسبة له، علما بأن جوخة الحارثي تحمل شهادة الدكتوراه في الآداب من بريطانيا،وتعمل استاذة مساعدة بجامعة السلطان قابوس.

الحجاب عادة
من جهته قال الناقد والروائي داود سلمان الشويلي : من خلال مشاهدتي لبرنامج (مشّاء) العماني ومقابلته لسيدتين احداهما السيدة الحارثي و الاخرى شاعرة وجدت ان الحجاب هو زي يجب ان تلتزم به السيدات ضمن ثقافة المذهب الاباضي المنتشر في عمان وهو مذهب خارجي أصولي، والحجاب المستعمل بزي عماني كبير وطويل ومزخرف. واضاف: ان الحجاب عادة وهذا ما اعتقد انه في عمان .

اكره الرأس بقماط ولكن
فيما قال الروائي علي حداد : انا اكره الرأس بقماط ..لكني أومن ايضا أن الموهبة التي من ألله بها على قليل من خلقه هي المعجزة التي يحملها النص ،هي عصا موسى التي تضرب بها ضربة الريشة .

الإبداع والتقييد لا يلتقيان
الى ذلك قال الروائي صفاء ذياب : انفجر مجدداً بعد فوز جوخة الحارثي بالبوكر البريطانية، وقبلها احتدم النقاش حينما فازت نداء شرارة ببرنامج (ذا فويس) . واضاف: ربما أنا مقتنع مع الاراء التي تقول بأن الحجاب إشكالية كبيرة لدى الكاتبة، فكيف ستبدع وهي لا تملك حتى نفسها أو جسدها،لكن بالنسبة لي إن الحجاب لا يختلف كثيراً عن العمامة أو أي زي ديني، فالإبداع والتقييد لا يلتقيان، الأمر نفسه لا يلتقي الابداع مع من يسبق اسمه بلقب: د. او الدكتور،ولا يلتقي مع من يسبق اسمه بالكاتب،فإذا كان مقتنعاً بنفسه أنه كاتب لما اطلق هذه الصفة عليها. وختم بالقول : أن تكون مبدعاً عليك أن تتحرر من كل شيء، بشرط أن لا تسئ للآخرين.

ما علاقة الحجاب بالابداع
وقال الروائي والناقد علي لفته سعيد : حقا اعحب ان يربط أديب او مثقف الابداع بالحجاب.. حقا استغرب لان العمانية التي فازت تعيش في دولة محافظة وتقرا في دولة هادئة وتطبع في دولة قليل فيها الاديبات واضاف : ثم ما علاقة الحجاب بالابداع فهو زي مثل العقال ومثل اي زي نسائي في في كل يلاد مختلف.. ثم اذا كان الحجاب كذلك فان من يخرجن بالمايوه يجب ان يكن اكثر فوزا بالجوائز لانهن اكثر ابداعا. وتابع : انا لدي سؤال عن كيفية الفوز ساكتبه في وقت لاحق ولكن ليس لماذا فازت، ومهما كان السبب فالف مبارك للروائية العمانية فهي فخر بلادها والعربية.