سيدني: تجسّد الكاتبة التشيلية في روايتها الجديدة "بتلة البحر الطويلة" ملحمة الإسبان المنفيين الذين جاؤوا إلى تشيلي على متن سفينة الشحن القديمة "وينينبيغ".
" قام دونالد ترامب بإبادة جماعية على حدود بلدها". هكذا تُبدي إيزابيل ألليندي (بيرو، 1942)، الكاتبة الأكثر إنتشاراً في العالم، موقفها المعارض، والتي تكرّس روايتها الجديدة للهجرة والمنفى الإسباني في تشيلي، إلى كانب تكريس جزء منها للحب الناضج، كما هو حال كتبها الأخيرة. وتتحدث رواية "بتلة البحر الطويلة"، التي ستصدر عن دار نشر (بلازا إي خانيس) الإسبانية، عن الظروف العصيبة التي عاشها أولئك اللاجئين الذين جاؤوا إلى تشيلي على متن سفينة "وينينبيغ"، كان إستأجرها بابلو نيرودا، الذي منح حياة جديدة لألفين من المنفيين الجمهوريين. وفي الرواية يجسّد الشاعر التشيلي الحاصل على جائزة نوبل إحدى الشخصيات المعقدة، حيث ينصهر "الحب، والألم، والصداقة، والمنفى" في بوتقة واحدة. وتضمُّ إلى جانب شخصية نيرودا، سلفادور ألليندي، ودولوريس إيباروري، وباسيوناريا.
&"لم أختلق إلاّ القليل"، هكذا تقرُّ الكاتبة التشيلية، التي علمت من خلال أسرتها بالمصائب الفريدة التي شهدتها "وينينبيغ". وكانت السفينة قد وصلت إلى "فالبارايسو"، قبل ثلاث سنوات من ولادة إيزابيل.
قالت الكاتبة التشيلية مؤخراً، خلال لقاءٍ في صالة (كاسا أميريكا) في مدريد، "أكتب عندما تختارني قضية ما، أو هناك بذور أو عاطفة جد قوية، وهذه الرواية ولدت لأن قضية اللاجئين تشكّل موضوع الساعة"، مضيفة "نادراً ما يستقبلون المهاجرين بصورة حسنة"، في مقارنة بين حفاوة إستقبال تشيلي والمكسيك للمهاجرين الجمهوريين، واللامبالاة والرفض الذي يعانون منه في أوروبا والولايات المتحدة. وتقول أيضاً "أن الصينيين واللاتينيين قد تلقوا أسوأ إستقبال، لكن يجب أن لا ننسى أن الخوف من المهاجر ليس جديداً، ويفرض حالة من الهلع لا مبرر لها، وشعور التهديد في التغيير شئ أبدي".
وتؤكد صاحبة رواية "باولا"، التي تقيم في كاليفورنيا بالولايات المتحدة وتلمُّ &بالأوضاع جيداً " هذا الكتاب لم يكن ليرى النور لو كانت أوضاع اللاجئين على أفضل حال، فقد تفاقمت هذه المشكلة أكثر بكثير من السابق، وأصبحت تدعو للقلق"، مضيفةً "وبعيداً عن إيجاد الحلول، الأوضاع تزداد خطورة بسبب التغيير المناخي، واللاجئين الذين يفرّون من الكوارث الطبيعية، والجفاف، والفيضانات". وهذه الكاتبة التي أمضت سنوات مرحلة الطفولة في تشيلي، عاشت في فنزويلا كصحفية عقب الإنقلاب في تشيلي، ومنذ عام 1987 تعيش مثل "لاجئة في كاليفورنيا".

ظروف قاسية
& & &تقول إيزابيل ألليندي التي دقت ناقوس الخطر، فيما يتعلق بأوضاع اللاجئين، في عام 1982 مع صدور روايتها الأولى "منزل الأرواح"، التي لاقت رواجاً منقطع النظير في جميع أنحاء العالم، عاكسة بذلك عظمة الأدب في أمريكا اللاتينية، تقول "أشعر أنني أجنبية أبدية"، وتضيف "أتمنى لو أن هناك اليوم وينينبيغ ونيرودا"، مشيدة بأعمال الآلاف من المتطوعين على الحدود الجنوبية من الولايات المتحدة، حيث يعاني اللاجئون من "ظروفٍ قاسية تفاقمت بشدة مع ترامب، الذي قام بعملية إبادة جماعية".
الحب الناضج الذي يعيش في كنفه كل من فيكتور وروسر الكتالونيين، واللذين أبحرا على متن "وينينبيغ"، يشكل، هو الآخر، مادة أساسية &في رواية "بتلة البحر الطويلة"، حيث تختصر ألليندي، بين طيّات صفحاتها، قصة حب تجسّد ذكرى مرور 70 عاماً على وصول "وينينبيغ: إلى فالبارايسو.
ومن أعوام الأربعينات حتى أعوام التسعينات، تمر الكاتبة عبر نصف قرن من تأريخ تشيلي، البلد الذي أشار إليه نيرودا بقوله "بتلة البحر والثلج الطويلة"، وهوالشاعر المجروح بعملية إنقلاب بينوشيت.
والكاتبة التشيلية، هي الأخرى، كان الإنقلاب العسكري قد أجبرها على مغادرة بلدها، الأمر الذي أدى بها لأن تطوف العالم، من دون أن يكون لها وطن، لأنها ترى أن هويتها تكمن في رواياتها. والألم بسبب وفاة إبنتها لا زال يطاردها حتى هذا اليوم، وكذلك فقدانها لوالدتها مؤخراً جعل أيامها حالكة السواد. ومع ذلك، لم تستطع الحياة أن تجعل من روحها صلبة، وعلى العكس، ألليندي تعتبر أنها "رقيقة جداً". &
بدأت إيزابيل ألليندي بكتابة روايتها الأخيرة "بتلة البحر الطويلة" في 8 يناير/ كانون الثاني، وهو تأريخ إعتادت أن تبدأ فيه الكتابة، ومن هناك تبدأ بتنظيم وقتها، لأنها بذلك، كما تقول، تضع لحظة تقرر فيها الإعتكاف وتكريس وقتها لأعمالها الروائية، وإلاّ فسوف لن تبدأ أبداً. ومن طقوس الكتابة لديها أيضاً، أن تقضي يومين في قراءة كل أنواع الشعر، قبل الشروع في كتابة رواية، من أجل أن تسترد المفردات، والإيقاع، ومذاق اللغة.
&