بكين: تراهن الصين التي تنوي القيام باستثمارات كبيرة في أحد أنابيب الغاز في ألاسكا على الغاز الطبيعي الأميركي المسال، لتلبية تزايد الطلب لديها وتنويع إمداداتها، لكن هذا المشروع الطموح يبدو مكلفًا ومعقدًا.

وكان واحدًا من الإعلانات الكبرى لمجموعة الاتفاقات التجارية التي كشف عنها الخميس خلال قمة في بكين بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ.

فقد تحالفت ثلاث وكالات حكومية صينية، هي "سينوبيك" النفطية العملاقة والصندوق السيادي الصيني "تشاينا إينفستمنت كورب" (سي آي سي) وبنك الصين، مع ولاية ألاسكا ومؤسسة رسمية محلية، من أجل تعزيز استثمار الغاز الطبيعي المسال في الأراضي الأميركية. وهي تنوي استثمار حتى 43 مليار دولار.

تكمن الفكرة الأساسية في تحقيق مشروع خط أنابيب للغاز يبلغ طوله 1200 كلم، ويربط حقولًا عملاقة في شمال ألاسكا بالقطب الشمالي، وفي إنشاء مصنع في المستقبل للتسييل في الجنوب، يكون محطة يمكن منها إرسال الغاز إلى الصين.

يعود المشروع بفائدة كبيرة على الولايات المتحدة. فهو سيوفر حوالى 12 ألف فرصة عمل، ويقلص في نهاية المطاف بمعدل 10 مليارات دولار سنويًا العجز التجاري الأميركي، كما يقول حاكم ألاسكا.

أما بالنسبة إلى الصين فإن "تنويع الإمدادات يضمن أمنها على صعيد الطاقة"، كما قالت لوكالة فرانس برس، جيني يانغ المحللة في مركز "آي إتش إس" خصوصًا أن عمليات نقل الغاز لن تسلك طرقًا بحرية محفوفة بالمخاطر. لكن الاتفاق، المبدئي وغير الملزم "لن يتحقق بالضرورة"، كما شددت على القول.

مضاربة
يتوقف مشروع خط أنابيب الغاز "الاسكا للغاز الطبيعي المسال" على موافقة هيئة اتحادية طلب رأيها في ابريل الماضي. وفي أفضل الحالات، من المتوقع ان تصدر رأيها في اواخر 2018، لكن يمكن ان تصدره بعد هذا الموعد، ما يؤدي بالتالي الى تأخير جدول الأعمال.

وكانت مجموعات نفطية كبيرة، مثل بريتش بتروليوم وكونوكوفيليبس واكسون موبيل، مشتركة في الاصل في مشروع خط انابيب الغاز، لكنها تراجعت في العام الماضي، بسبب التكاليف التي يمكن ان تتجاوز 60 مليار دولار، والفترة المقدرة لهذه الورشة المعقدة.

تتراجع في الوقت نفسه أسعار الغاز الطبيعي. ومنذ ذلك الحين، ما زالت الأسعار متدنية، ويجري استثمار حقول جديدة، من استراليا الى خليج المكسيك، بتكلفة اقل من التكلفة في الاسكا.

لكن جايمس ماكغريغور رئيس شركة "أبكو وورلدوايد" الاستشارية في الصين، قال ان "الصينيين يتحلون بالصبر في التعامل مع اموالهم" ومع الفكرة التي تفيد ان وارداتها المستقبلية ستعوض عن الاستثمار. واضاف ان "هذا المشروع لن يبصر النور اذا لم تشارك فيه الصين". ويبدو آخرون اكثر حذرا.

وقالت كيري-آن شانكس مديرة دائرة الغاز في مكتب وود ماكينزي، ان المشروع الذي ما زال "في مرحلة أولية للغاية" يعتبر "مثل مشروع مضاربة"، لأن "نموذجه الاقتصادي لم يجر توضيحه".

واضافت ان القرار النهائي "سيحتاج على الارجح بضع سنوات"، والورشة "ستحتاج اربع سنوات على الاقل". لذلك يمكن ان تجد شركة سينوبك في هذه الاثناء "في مكان آخر، بسعر افضل، الغاز الطبيعي المسال" الذي تحتاجه.

القطب الشمالي الروسي ايضا
ينص ميثاق تجاري كبير ابرم في مايو بين بكين وواشنطن، على تسريع عمليات تصدير الغاز الطبيعي المسال الاميري الى الصين التي يتزايد الطلب عليه لديها.

وتقول شركة الطاقة "سي ان بي سي" ان الاستهلاك الصيني للغاز الطبيعي الذي تحفزه سياسات بيئية متشددة، والانتعاش الاقتصادي والتوسع المديني، قد ارتفع 17% في الأشهر التسعة الاولى من 2017. ويمكن ان يتضاعف ثلاث مرات حتى 2040، فيما تعد بكين الحريصة على تقليص الفحم الكلي الحضور، باستخدام طاقة اقل تسببا للتلوث.

القسم الاكبر من الواردات الصينية من الغاز الطبيعي المسال (8.9 مليارات دولار في العام الماضي) يأتي من استراليا وقطر، لكن هذا العرض يمكن ألا يكفي لإرواء عطشها المتزايد. وهذا هو السبب الذي يحمل العملاق الآسيوي على تنويع مشترواته. وتتطلع بكين الى الموارد الروسية.

لكن لوري ماليفيرتا من منظمة غرينبيس غير الحكومية، قال ان "استثمار مليارات في طاقات احفورية يتناقض مع ضرورة الحد من الاحترار المناخي، وهي معركة تريد الصين الاستمرار فيها حتى النهاية".