يُقال إن المعيار الأفضل لقياس حدة أزمة مالية ليس اسعار الأسهم والفائدة وإجمالي الناتج المحلي وإنما من يوليها اهتمامه. &فإذا كان الممولون وحدهم يتابعونها، تكون على الأرجح عثرة زائلة وإذا بدأ السياسيون ينتبهون إليها فإن الوقت حان للشعور بالقلق. &وعندما يصبح الفنانون مهتمين بها فهذا سبب وجيه للهلع.&

وفي فجر القرن الثامن عشر استأثرت اوضاع باريس باهتمام واحد من أعظم الكتاب الذين أنجبتهم فرنسا عندما هتف فولتير قائلا "لا أحد يتكلم عن شيء سوى الملايين". وكتب ان شحاذين اصبحوا أثرياء وأثرياء أصبحوا فقراء.&

&ورأى دانيال ديفو ان الفرنسيين حولوا حتى "الهواء النقي" الى ربح فيما قال فولتير أنهم عثروا على "حجر الفلاسفة في معمل الورق" في إشارة الى المادة الأسطورية التي تستطيع ان تحول عناصر رخيصة مثل الرصاص الى ذهب. &&

كان فولتير قريباً من اصابة الهدف. فالهوس الذي اجتاح عالم المال في فرنسا كان من صنع جون لو، الاقتصادي الاسكتلندي الذي كان يتبجح بالعثور على حجر الفلاسفة رغم أنه كان يرى أن السر في "تحويل الورق الى ذهب". وعندما تسلم لو مسؤولية القطاع المالي في فرنسا سارع الى تطبيق رأيه مروجاً النقود الورقية وصانعاً فقاعة مالية كان من المحتم أن تنفجر.

يكتب جيمس بوكان في سيرة حياة هذا الاقتصادي الاسكتلندي التي نشرها بعنوان James Law: A Scottish Adventurer from the Eighteenth Century "جيمس لو: مغامر اسكتلندي من القرن الثامن عشر"، &أن لو كان مقامراً في الحياة كما في سوق المال، مشيراً إلى أنه أصبح خارجاً على القانون في سن الثالثة والعشرين بعد أن قتل رجلا في مبارزة وصدر عليه حكم بالاعدام. &

وفي عام 1695 هرب من السجن وغادر الى هولندا حيث كانت النقود تتطور بسرعة مذهلة في سوقها الى جانب السوق الايطالية. وفي تلك الفترة أخذ لو يحلم بصنع ثورة مالية، بحسب كما مجلة الإيكونومست في مراجعة للكتاب.&

ولفت لو انتباه الوصي على عرش فرنسا وقتذاك دوق اورليان عندما كانت فرنسا في ضائقة مالية بسبب الحروب وتبذير لويس الرابع عشر إلى أن فرغت الخزينة تماماً. &

كانت فرنسا تحتاج إلى معجزة، وكان لو حاضراً لإحداثها. &فعينه الوصي عام 1720 مراقباً عاماً على مال المملكة. &وتابعت فرنسا مبهورة طباعة نقود ورقية وارتفاع الأسهم في شركتها الجديدة التي كانت تدير مستعمرة لوزيانا بسرعة صاروخية. &وظهرت مفردة "مليونير".&

ثم انفجرت الفقاعة. وانهارت الثقة بنقود لو الورقية. وتوجه أصحاب الودائع مذعورين الى البنوك حتى أن مستثمرين سُحقوا أثناء محاولتهم تحويل نقودهم الورقية إلى فضة من جديد. &

بوكان يؤرخ هذا الانهيار بتفاصيل مروعة واصفاً ذهول الفرنسيين وهم يرون تحويل النقود والأسهم من جديد ولكن هذه المرة الى "ريح ودخان"، على حد تعبير رسام كاريكاتير هولندي. &&

فشل نظام لو وأصاب الخراب "أغنى مواطن في العالم". &ولكنه ربما صنع ثورته سوى انها لم تكن الثورة التي أرادها بل يعتقد بعض المؤرخين أن الثورة الفرنسية نفسها كانت نتيجة غير مباشرة للوضع الذي آلت إليه فرنسا بسببه.&

اعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الايكونومست". &الأصل منشور على الرابط التالي
https://www.economist.com/books-and-arts/2018/09/15/the-rise-and-fall-of-an-alchemical-scottish-economist?frsc=dg%7Ce