باريس: شهد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تراجعاً حاداً في شعبيته فيما ينتظر الناخبون نتائج اصلاحاته المحابية للأعمال، ولكن هذا لا يمثل مشكلة بالنسبة لرؤساء شركات مثل بيار لوستريك.&

وقال لوستريك "لا أشعر بخيبة أمل لأنني أعرف ما هي الأمور التي يجب القيام بها لتحريك فرنسا" ويتوقع لوستريك أن يساعد خفض الضرائب وتليين أنظمة التوظيف التي يدعو لها ماكرون في النهاية شركته المتخصصة في العطور على توظيف المزيد من الأشخاص.&

واضاف "الأمر هو نفسه بالنسبة لمدير الأعمال: عندما تريد تغيير استراتيجيتك فإنك لن ترى النتائج قبل بعض الوقت".&

عندما تولى ماكرون الرئاسة في مايو 2017 على وعد بإخراج الاقتصاد الفرنسي من سباته، كانت مستويات البطالة ثابتة عند 9,4%، أي أعلى بكثير من معدل دول الاتحاد الأوروبي وضعف معدلها في ألمانيا.&

&وبعد نحو 18 شهرا وسلسلة من اصلاحات العمل، انخفض معدل البطالة ولكن بشكل طفيف حيث وصل 9,1%، فيما انخفضت شعبية ماكرون إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.&

ولا شك في ان مصرفي الاستثمارات السابق يتعلم الدرس من ألمانيا حيث مهدت الاصلاحات المؤلمة في مطلع الألفية الثالثة الطريق لانتعاش اقتصادي أدى إلى موجة كبيرة من التوظيف.&

إلا أنه أقر أن التغييرات التي تهدف إلى تحرير الشركات من متاهة الالتزامات القانونية ربما لن تظهر نتائجها قبل "نحو خمس سنوات".&

وصرح جان-لوي مورييه الخبير الاقتصادي في اوريل بي جي سي "الكثير من الشركات لم تطبق التغييرات التي تمت المصادقة عليها في الربيع الماضي".&

وتمت الموافقة على تلك الاجراءات من خلال مرسوم، ويدعم البرلمان حاليا مجموعة من التغييرات الجديدة التي تهدف إلى التيسير على مالكي الشركات والأعمال بشكل أكبر.&

ومن بين هذه الخطوات الاعفاء من التدقيق المالي ومجالس العمل والعشرات من المتطلبات الأخرى للشركات الصغيرة، ووضع سقف للمبالغ المدفوعة عند الاستغناء عن الموظفين، وهو ما يجعل توظيف أشخاص جدد أقل خطرا على الشركات.&

كما تسهل القوانين على الشركات الصغيرة تطبيق برامج تقاسم الأرباح ومنح الأسهم.&

وقال لوستريك "هذا الأمر يهمنا". وتطور شركته تكنولوجيا لنشر العطور في المنازل والمكاتب دون الاعتماد على المواد المذيبة أو الكحول.&

ومنذ إنشائها في 2004، استقطبت شركة "سانتيز" العديد من الزبائن في فرنسا والخارج، إلا أنها لم تبدأ في تحقيق الأرباح سوى العام الماضي.&

وقال "ليس صائباً أن&المستفيدين&من الأرباح هم&المدراء التنفيذيون&والمستثمرون&فقط".&

"أقل ثورية"

ولكن ورغم دعم قطاع الأعمال له فقد يجد ماكرون أنه من الأصعب الاحتفاظ بدعم أوسع لاجندته المحابية للأعمال إلا إذا بدأ الناخبون الفرنسيون في رؤية إما دخل أعلى أو عروض وظائف أكبر.&

وقد هبطت نسبة تأييده إلى مستويات قياسية حيث لم تتجاوز نسبة من قالوا إنهم ينظرون بإيجابية إلى رئاسته 30%.&

ويواجه ماكرون صعوبات إضافية في تطبيق اصلاحاته لتحرير الأعمال فيما يتخذ في نفس الوقت خطوات لا تلقى شعبية بخفض الانفاق العام.&

ووعد بالتخلص من 120 ألف وظيفة في القطاع العام قبل انتهاء فترة رئاسته في 2022، ولكنه لم يعلن حتى الآن سوى عن خفض اقل من 10 آلاف وظيفة.&

ويقول المحللون إنه إذا لم يسجل النمو ارتفاعا كبيراً عن المعدل المتوقع هذا العام وهو 1,6%، فإنه من غير المرجح أن يفي ماكرون بوعده الانتخابي بميزانية متوازنة، مع وجود الفجوة المتوقعة بين الإنفاق الحكومي والدخل في 2019 لا يزال عند نحو 100 مليار يورو.&

وقال مورييه "لقد قالوا إنهم سيخفضون العجز وفي الوقت ذاته خفض الانفاق، ولكن ذلك لم يحدث" واصفا برنامج ماكرون حتى الآن بأنه "أقل ثورية مما قيل لنا".&

ومما يعقد الحسابات الاقتصادية انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة في مايو المقبل، حيث يأمل ماكرون بأن يقود الحملة ضد موجة الشعبوية المعارضة لأية اقتطاعات إضافية في النفقات.&

وفي حال انتكاس تحالفه الوسطي الموالي لأوروبا، فإن ذلك قد يعيد الحياة إلى المعارضة لشد الاحزمة أو السياسات التي تعتبر محابية للشركات على حساب قوة انفاق الناخبين، بحسب ما يعتقد المحللون.

ولكن جماعات الضغط في أوساط الأعمال لا تزال مصرة على أن الضرائب على الرواتب وغيرها من الضرائب الاجتماعية لا تزال مرتفعة جدا في فرنسا حيث تصل إلى ما يقرب من 45% من راتب الموظف.&

وذكر اتحاد أصحاب الشركات الصغيرة ردا على خطة الميزانية التي أعلنها ماكرون الشهر الماضي "حتى الآن لم يشعر أصحاب الشركات بأي تخفيف للاجراءات المالية التي تخنقهم".&

ورغم ذلك إلا أن العديد من المدراء التنفيذيين يقولون أن ماكرون ساعد على ترويج رؤية لفرنسا بأنها بلد لريادة الأعمال ترحب بالابتكار والقطاع الخاص.&

وقال لوستريك "عليك أن تغير العقليات .. والأهم هو أن تظهر للناس أن فرنسا كانت بحاجة إلى الاصلاح".&