بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة رسمية إلى ألمانيا، للمشاركة في قمة الشراكة الأفريقية الألمانية، ويبحث السيسي مع المستشارة إنجيلا ميركل، سبل التعاون الاقتصادي، ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية.

يشارك الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في أعمال القمة المصغرة للقادة الأفارقة رؤساء الدول والحكومات أعضاء المبادرة الألمانية للشراكة مع إفريقيا وذلك في إطار مجموعة العشرين.

وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راض، إنه من المقرر أن تشهد زيارة الرئيس السيسي إلى ألمانيا عقد جولة مباحثات ثنائية مع المستشارة الألمانية، والرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير وكذلك مع رئيس البرلمان "البوندستاج" فولفغانغ شويبلة.

وأضاف أن السيسي سيلتقي عددًا من كبار المسئولين والسياسيين ورجال الأعمال الألمان، وذلك للتنسيق وتبادل وجهات النظر بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن مناقشة مجمل جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف الأصعدة امتدادا لما تشهده مسيرة التعاون مع ألمانيا من تطور نوعي خلال السنوات الأخيرة .

وقال الباحث السياسي، محمود البدوي، إن الزيارة ستنصب على محور تنسيق وتبادل وجهات النظر بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن مناقشة مجمل جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف الأصعدة ، امتدادا لما تشهده مسيرة التعاون مع ألمانيا من تطور نوعى خلال السنوات الأخيرة ، ومشروعات مصرية عملاقة يشارك فيها الجانب الألماني وفي مقدمتها مشروعات دعم إنتاج الطاقة الكهربائية.

وأضاف لـ"إيلاف" أن مستوى التقارب المصري الألماني في المرحلة الحالية يعتبر نجاحًا للقيادة السياسية المصرية في تعزيز أطر التعاون المصري الألماني، وبخاصة في ظل الموقف الذي اتخذته الأخيرة من ثورة الشعب المصري على جماعة الإخوان عقب ثورة 30 يونيو 2013، مشيرًا إلى أن الدبلوماسية المصرية استطاعت أن تعيد تصحيح الصورة الذهنية المغلوطة لدى الجانب الألماني عن حقيقة الثورة الشعبية المصرية على "فصيل الإخوان الإرهابي الفاشي" على حد تعبيره.

وقال السفير الأسبق مصطفى عبد العزيز، إن العلاقات المصرية الألمانية عميقة وأصيلة، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة الثالثة للسيسي منذ تولي حكم مصر، واللقاء السادس مع ميركل.

وأضاف لـ"إيلاف" أن العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين هي الأبرز، منوهًا بأن حجم التبادل التجاري بين مصر وألمانيا قفز في عام 2015 إلى نحو 5 مليارات يورو، لتحتل مصر المرتبة الثالثة بين الشركاء التجاريين لألمانيا في المنطقة العربية، ثم زاد التبادل التجاري بين البلدين في 2016 إلى 5 مليارات و567 مليون يورو، ثم بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 5 مليارات و814 مليون يورو في عام 2017.

ولفت إلى أن مصر عقدت العديد من الصفقات العسكرية مع ألمانيا، لتطوير قدرات الجيش المصري، لاسيما في مجال البحرية، واشترت ثلاث غواصات، منوهًا بأن هذه الصفقات الاقتصادية والعسكرية تعزز التعاون بين الجانبين.

وحسب تقرير أصدرته الهيئة المصرية للاستعلامات بمناسبة الزيارة، فإن إن هذه الزيارة تكتسب أهمية بالغة تستمدها من طبيعة الزيارة نفسها، ثم من المرحلة التي تطورت إليها العلاقات المصرية الألمانية، وكذلك القضايا الثنائية والإقليمية المطروحة على جدول أعمال الزيارة بشقيها الثنائى والجماعى، فضلاً عن أن هذا هو اللقاء الأول بين الجانبين بعد بدء الولاية الرابعة للسيدة ميركل في مارس 2018 كمستشارة لألمانيا، وبدء الفترة الرئاسية الثانية للرئيس عبدالفتاح السيسى في يونيه 2018.

وأضاف التقرير الذي تلقت "إيلاف" نسخة منه، أن هذه الزيارة تأتي في توقيت مهم بالنسبة للقضايا التي سوف تتناولها، فعلى المستوى الثنائى، كشفت السنوات الخمس الماضية أن التطور الإيجابى الكبير في العلاقات المصرية الألمانية كان في صالح الدولتين، وفى صالح السلام والتنمية والاستقرار في كل من أوربا والشرق الأوسط وأفريقيا، وجميعها أهداف مشتركة تسعى إليها مصر وألمانيا.

كما أن القضايا التي تحتل الأولية للطرفين خاصة قضيتى مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، فقد حققت مصر فيهما إنجازاً أصبح حديث العالم، ولديها الآن خبرة ناجحة في المجالين معاً يسعى الجميع للاستفادة منها، فلم يخرج من مصر أي مركب هجرة غير شرعية منذ عام 2016، كما نجحت العملية الشاملة سيناء 2018 في كسر شوكة الارهاب وتأمين حدود مصر في الاتجاهات الأربعة، وفى طريقها لإعلان استئصال شأفة الظاهرة الأرهابية من الأرض المصرية.

وعلى الصعيد الإقليمى، لاشك أن قضايا الأزمات في سوريا وليبيا واليمن وكذلك القضية الفلسطينية، جميعها في مراحل بالغة الأهمية، بالنسبة للدولتين ولأوربا والشرق الأوسط وافريقيا بما لكل من هذه الأزمات والصراعات من انعكاسات في انتشار الإرهاب وعدم الاستقرار وقضية اللاجئين وغير ذلك.
وحسب التقرير، فإن العلاقات الألمانية- المصرية شهدت تطورات كبيرة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث انتقلت مما يمكن وصفه بالجمود عقب ثورة 30 يونيو 2013 إلى التوافق والتعاون الوثيق في جميع المجالات، بعد أن استطاعت مصر تصحيح الصورة المغلوطة عما جرى في مصر من أحداث عقب ثورة 30 يونيه 2013.

وقال تقرير "هيئة الاستعلامات" إن الجانب الاقتصادي يمثل أحد أهم جوانب العلاقات بين مصر وألمانيا، وجاءت مشاركة ألمانيا بوفد رفيع المستوى في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، ترجمة للتوجه الالمانى لدعم الاقتصاد والاستثمار في مصر، وتعبيراً عن إدراكها أن مصر مقصد استثماري مهم وسوق واعد، حيث تم توقيع مجموعة من مشروعات في مجال الطاقة بنحو 12 مليار يورو مع شركة «سيمنز» الألمانية، حيث شاركت هذه الشركة الالمانية العملاقة بنصيب كبير في إنجاز ملحمة تطوير قطاع إنتاج الكهرباء في مصر في السنوات الأربعة الماضية.

وتوجد في مصر، عدة منشآت ألمانية لتعميق التعاون التجاري، على رأسها غرفة الصناعة والتجارة المصرية الألمانية، التي انشئت في مصر منذ 50 عاما لتعميق التعاون المصري الألماني التجاري.

تعد مصر الدولة رقم (1) في مجال ضمانات التصدير والاستثمار، والتي قاربت على نحو 10 مليار يورو، خلال أعوام 2015و2016 و2017 التي تقدمها الحكومة الألمانية للشركات التي تريد الاستثمار في مصر، مما أدى إلى زيادة في الاستثمارات المصرية- الألمانية في القطاعات غير البترولية خلال عام 2017 بنسبة 31%.

وتتمثل أهم الصادرات المصرية لألمانيا في المنتجات القطنية ومواد الطاقة وزيوت التشحيم والجنوط والمواد الغذائية، ومنتجات نصف مجهزة من الألومونيوم، وأهم واردات مصر من ألمانيا: تتمثل في الات ومنتجات كهربائية وسيارات وأدوية ومنتجات كيماوية وحديد وشاسيهات السيارات والمحركات، معدات وآلات للمصانع، ومعدات توليد كهرباء.

وتبلغ الاستثمارات الألمانية في مصر حالياً نحو641 مليون دولار في نحو 1100 مشروع في مجالات الصناعة والخدمات والزراعة والإنشاءات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتمويل، كما يبلغ إجمالي الاستثمارات المصرية بألمانيا 35.5 مليون دولار في مجالات التمويل والأدوية والأثاث والأجهزة والمستلزمات الطبية والسياحة والتجارة.

وفيما يتعلق بالاستثمارات الألمانية في مجال الطاقة المتجددة، توجد مشاركة كبيرة من جانب الشركات الألمانية المتخصصة في الطاقة المتجددة، في المشروعات المصرية، خاصة في محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية.

وفى مجال السياحة، تمثل السوق الألمانية أهمية كبيرة لمصر، حيث زار مصر في عام 2017 مليون و234 ألف سائح ألماني، بزيادة 90% مقارنة بعام 2016، ومن المتوقع أن يزيد عدد السياح الألمان في مصر عن رقم المليون ونصف المليون سائح في 2018، ليتخطى عام الذروة في 2010، الذي بلغ مليوناً و300 ألف سائح ألماني.

وفيما يخص التعاون العسكري، قال التقرير، إن استمراراً لجهودها في دعم القدرات القتالية والفنية للقوات البحرية المصرية، وتطويرها وفقاً لأحدث النظم القتالية العالمية، تسلمت القوات المسلحة أول غواصة حديثة من طراز «تايب» (209/1400) في 12/12/2016، والتى تم بناؤها بترسانة شركة «تيسين كروب» بمدينة كييل الألمانية.

وفي 8/8/2017، تسلمت القوات المسلحة المصرية في احتفالية كبري بمدينة كييل الألمانية ثاني غواصة حديثة من طراز تايب ((209)) إيذانا بدخولها الخدمة في القوات المسلحة المصرية. لتعزيز جهودها في تحقيق الأمن البحري وحماية الحدود والمصالح الاقتصادية بالبحرين الأحمر والمتوسط وتوفير الملاحة البحرية الآمنة. ويأتي استلام هذه الغواصات في إطار تعاون عسكرى وأمنى متزايد بين مصر وألمانيا.