إيلاف من لندن: بعد إعلان السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم عن نيتها في تخفيض الامدادات النفطية بواقع 500 الف برميل يوميا اعتبارًا من ديسمبر المقبل تفاعلت الأسواق مع هذا التطور الدراماتيكي وارتفعت أسعار خام برنت القياسي 2% إلى 71.61 دولار للبرميل، وهذا بعد أسبوعين من تراجع الأسعار.

وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.5% عن آخر تسوية إلى 61.08 دولار للبرميل.

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، أمس الأحد، في ابوظبي ان السعودية تعتزم خفض إمداداتها من النفط للأسواق العالمية 0.5 مليون برميل يوميا في ديسمبر، ولكن السؤال هل سيوافق اعضاء أوبك الآخرين على سياسة تخفيض مدروسة وبالتنسيق لدعم الأسعار وخلق توازن في الأسواق؟

وفي ختام اجتماع في أبوظبي عقدته البلدان الأعضاء في منظّمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ودول أخرى نفطية من خارج المنظمة، صدر بيان مشترك في وقت كان فيه انخفاض سعر النفط يثير الخشية من حصول انهيار في الأسعار مشابها للانخفاض الكبير اواسط 2014.

وفي البيان الصادر بعد الاجتماعات في ابوظبي قالت الدول المنتجة "إنّها وإذ لاحظت أنّه بحلول عام 2019 سيكون نموّ الإنتاج أكبر من الطلب العالمي، فإنها ستدرس "خيارات لتعديل الإنتاج قد تتطلّب استراتيجيّات جديدة لتحقيق التوازن في السوق". ومن جهتها وافقت روسيا على الالتزام بأي اتفاق جديد. ومن المتوقع ان يتم اعادة البحث في الموضوع في اجتماع فيينا المقبل في الخامس من ديسمبر المقبل.

وقد تراجعت أسعار النفط نحو 20% خلال شهر واحد بعد أن كانت بلغت مطلع أكتوبر أعلى مستوياتها منذ أربع سنوات واجتازت 86 دولار للبرميل.

وانخفض سعر برميل نفط برنت القياسي الجمعة الماضي إلى أقلّ من سبعين دولاراً للمرة الأولى منذ أبريل.

من جهة أخرى، تبيّن أن العقوبات الأميركية على إيران، والتي كانت تهدّد بخفض العرض العالمي وزيادة الأسعار، أتت أقلّ قسوة مما كان متوقعاً بسبب الاعفاءات وقدرة ايران على بيع النفط من خلال وسطاء وطرق التفافية أخرى. لذا سوف لا يكون هناك ضغط على أوبك او السعودية لرفع الانتاج لتعويض النقص في الامدادات الايرانية.

عودة نفط كركوك

ومما سيزيد الصورة تعقيدا هو عودة نفط كركوك للأسواق. وحسب الفايننشال تايمز البريطانية ستتوصل حكومة العراق المركزية وحكومة كردستان الاقليمية الى اتفاق لاستئناف انتاج النفط الخام من حقول كركوك في شمال العراق وهذا الاتفاق سيضيف 400 الف برميل يوميا للاسواق العالمية مما سيساهم في تخفيف وطأة تراجع الانتاج الايراني بسبب العقوبات.&

ويأتي ذلك في وقت تشهد أسعار النفط انخفاضا ملحوظا حيث هبطت أسعار مزيج برنت القاسي الى اقل من 70 دولار مؤخرا ولأول مرة منذ ابريل الماضي و20% اقل من أسعار الشهر الماضي.

وسيتم تصدير نفط كركوك من خلال انابيب الى ميناء جيهان التركي وهو مجمع توزيع نفط على البحر الأبيض المتوسط..&

هل ستعود التخمة للسوق؟

وتبحث منطمة أوبك امكانية تخفيض الامدادات في العام المقبل في خطوة جريئة مغايرة لسياسة توسيع الانتاج. أي ان السعودية ستستعيد دورها القديم كالمنتج الترجيحي لاعادة التوازن للسوق. ستقلل السعودية انتاجها اليومي بواقع 500 الف برميل يوميا في ديسمبر كانون الأول المقبل من الانتاج الحالي البالغ 10.7 مليون برميل يوميا لايقاف نزيف الأسعار.

يحتاج المنتجون الى اسعار عالية لدعم الميزانيات الوطنية ولتنشيط الطلب وحماية اقتصاداتهم من مطالب البيت الأبيض المتقلبة وتعويض النقص الناتج عن العقوبات المفروضة على ايران.

ولكن خالد الفالح وزير الطاقة السعودية قال مؤخرًا في ابوظبي انه "من المبكر الحديث عن تنسيقات واتفاقات بشأن تخفيض الانتاج في المرحلة المقبلة بين اعضاء أوبك" ومنتجين من خارج أوبك.&

لذا المشكلة الآن ليست الانتاج الايراني بل العرض والطلب ونمو الاقتصاد العالمي حيث توصلت لجنة المتابعة التابعة لأوبك ان الامدادات سترتفع خلال عام 2019 وسيتراجع النمو الاقتصادي العالمي وهذا سيزيد من اتساع الفجوة بين العرض والطلب. أي اذا لم تتخذ أوبك خطوات لتخفيض الانتاج سنعود لسوق يعاني من التخمة وينذر بانهيار الأسعار.

ولكن ماذا سيحدث اذا استقرت الأوضاع في ليبيا واستعادت فنزويلا قدرتها الانتاجية؟ الجواب السريع سيدخل السوق مليون ونصف الميلون برميل يوميا اضافية مما سيزيد الطين بلّة لأوبك وأسواق النفط.

نفي فكرة تفكيك أوبك&

إلى ذلك، نشرت وول ستريت جورنال تقريرا الاسبوع الماضي تقول فيه أن مركز دراسات سعودي قام بدراسة عن العواقب المحتملة الناتجة عن تفكيك منظمة أوبك. ونفت السعودية ذلك.&

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت يوم الخميس عن مصادر مطلعة أن أهم مركز أبحاث تموّله الحكومة السعودية يدرس التأثيرات المحتملة على أسواق النفط لتفكك منظمة البلدان المصدرة للبترول وتعليقا على ذلك قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ، اليوم الاثنين، إن المملكة لا تُعد لتفكيك "أوبك"، وإنها تعتقد أن المنظمة ستظل البنك المركزي العالمي للنفط لفترة طويلة.

وقال الفالح إن مركز الأبحاث كان يسعى فحسب "للتفكير خارج الصندوق"، وتحليل جميع التصورات، لكنه أضاف أن القيادة السعودية "لا تفكر في إلغاء أوبك على الإطلاق".


&