باريس: يُغرق توقيف رجل الاعمال الفرنسي البرازيلي من أصول لبنانية كارلوس غصن (64 عاما) بشبهة مخالفات مالية في اليابان مجموعة السيارات رينو - نيسان - ميتسوبيشي الأولى في العالم، في حالة من البلبلة إذ أنه ليس&لديها خليفة معين للرجل الذي كان وراء تشكيلها ومثل ركيزتها.

قبل التجديد له كرئيس مجلس ادارة &لفترة أخيرة من أربع سنوات في بداية السنة، ألزم مساهمو رينو كارلوس غصن بإعطاء الأولوية لاستمرارية التحالف الثلاثي.

وعلى لسان الرئيس إيمانويل ماكرون الموجود في بروكسل، أعلنت فرنسا وهي أكبر مساهم في رينو الاثنين أن "الدولة، بصفتها أحد المساهمين، ستكون شديدة الانتباه لاستقرار التحالف والمجموعة".

ويمثل مستقبل المجموعة من دون غصن مصدر قلق حقيقيا، حيث يبدو أن وجوده ضروري لاستمرار نجاح المجموعة الفرنسية اليابانية التي أوصلها الى المرتبة الاولى عالميا مع بيع 10,6 ملايين سيارة في 2017 متجاوزة تويوتا وفولكسغاغن.

وقبل هذه المشاكل القضائية كان غصن موضع تبجيل في اليابان وذلك بعد أن استطاع انهاض نيسان التي تولى رئاستها عندما اشترتها رينو في 1999. وفي عالم صناعة السيارات، حيث انتهت معظم عمليات الدمج الى الفشل تاريخيا، خصوصا بين صانعين من دول مختلفة، نجح غصن في التغلب على الاحتكاك بين فرق المهندسين.

وبدلا من الهيمنة على نيسان وميتسوبيشي، فكر رجل الاعمال في بناء مجموعة تقوم على توازنات معقدة تحتفظ فيها كل شركة باستقلاليتها الذاتية.

فالمجموعة مكونة من شركات منفصلة ترتبط بمساهمات متقاطعة لا تشكل اغلبية؛ فرينو تملك 43 بالمئة في نيسان التي تملك بدورها 15 بالمئة من اسهم التحالف. ومنذ 2016 باتت نيسان تملك 34 بالمئة من ميتسوبيشي.

لكن نقطة ضعف المجموعة أيضا هو كارلوس غصن إذا تعثر، وهو ما حصل.

وقال فلافيين نيوفي مدير مرصد سيتيليم للسيارات "لقد عرف دائما كيف يحافظ على التوازن الدقيق بين الجانب الفرنسي والجانب الياباني. وخصوصية هذا التحالف هو أنه يقوم في جانب كبير منه على شخصية كارلوس غصن ومساره. فهو رجل التحالف وستكون خلافته بالضرورة معقدة جدا".

مراكمة المسؤوليات

راكم غصن الذي كرسه المالك السابق لرينو لوي شويتزر والمتخرج من مدرسة البوليتكنيك النخبوية، وظائف رئيس مجلسي ادارة نيسان وميتسوبيشي اضافة الى رئاسة مجلس ادارة مجموعة رينو (التي تضم ايضا داسيا ولادا وسامسونغ موتورز والبين) علاوة على رئاسة مجلس ادارة التحالف الثلاثي.

ولاحظ نيوفي انه في اليابان "نال غصن مشروعيته بفضل ما أنجزه مع نيسان حين كانت في أسوأ حالاتها. ولا يوجد شخص الان يمكنه حيازة هذه المشروعية على الجانبين الفرنسي والياباني".

وبطلب ملح من الدولة الفرنسية أكبر مساهم في رينو مع 15 بالمئة من رأس المال ونحو 22 بالمئة من حقوق التصويت،عين غصن في فبراير 2018 مسؤولا ثانيا عن التحالف هو تييري بولوري الذي دعي لخلافته على رأس الشركة الفرنسية. وأراد بذلك طمأنة السلطات الفرنسية بشأن مستقبل هذه المجموعة الصناعية المزدهرة وارتباطها بفرنسا.

ويشغل بولوري (55 عاما) الخبير الكبير بآسيا التي امضى فيها فترة كبيرة من حياته المهنية، منصب مساعد رئيس مجلس الادارة. لكن لا شيء محددا في قوانين رينو بشأن ادارة التحالف.

وتتقاسم رينو ونيسان معظم منصاتهما لصناعة السيارات اضافة الى العديد من المحركات. وهما تقومان بمعظم مشترياتهما معا وبينهما ترابط كبير.

واتاح هذا التعاون وما ينجم عنه من اقتصاد نفقات توفير 5,7 مليارات يورو في 2017. ويعتبر ذلك كسبا ثمينا خصوصا في ظل السباق بين شركات صناعة السيارات على انتاج سيارة كهربائية وذاتية القيادة ما يحتاج استثمارات هائلة.

وكان غصن ذاته يؤكد ان ديمومة المجموعة مصدره أولا ما توفره لمختلف مكوناتها. وقال في فبراير في مقابلة مع فرانس برس "كلنا متفقون على أن التحالف أمر جيد تستفيد منه كل من الشركات التي تكونه (...) أمضيت 20 عاما في بناء هذا التحالف. ولا أنوي البتة عدم ضمان استمراريته".