أحمد العياد من الرياض وأحمد سيد من جدة: تعد ميزانية السعودية هذا العام، التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها برئاسة الملك سلمان يوم الثلاثاء، الأعلى في تاريخ المملكة.

ويشير الكاتب الاقتصادي عبدالرحمن الجبيري الى أن القفزات غير المسبوقة للإيرادات غير النفطية، وانخفاض العجز في الموازنات، وصولاً إلى موازنة تيرليونية في العام 2019، أتت في ظل الاستراتيجيات الاقتصادية المتزنة، التي ساعدت في تكوين هذه الموازنة.&

وقال لـ "إيلاف" إن انخفاض عجز الميزانية للعام الحالي الى نحو 131 مليار ريال يؤشر إلى التحسينات المتواصلة في الأداء المالي والسياسات النقدية وهو ما ترجمته الأرقام والمؤشرات الاقتصادية، التي تؤشر نحو كفاءة ومواصلة النمو الاقتصادي والتنموي وتسارعه المستمر، وعليه فإننا نتلمس اليوم حراكاً اقتصادياً فريداً من نوعه، حيث أضحت المملكة ذات تأثير وحضور وأهمية كبرى في اقتصاديات العالم، فاحتلت المرتبة 17 بين اقتصاديات دول مجموعة العشرين G20 من حيث الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لعام 2017 بـ 684 مليار دولار، أي ما يعادل 2.564 تريليون ريال، والمرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين (G20) من حيث الاحتياطيات الأجنبية بـ507.2 مليارات دولار (1.9 تريليون ريال) وعليه فقد واصل الناتج المحلي الإجمالي نموه المتصاعد في العام 2017 من 2.588% ويتوقع ان يصل خلال العام القادم الى 2.6%.

القطاع الخاص&

وبيّن الجبيري بأن الميزانية ستسهم في رفع مساهمة القطاع الخاص وبالتالي مواصلة دعمه وتحفيز القطاع الخاص، ورفع مساهمته إلى 60 % من الناتج المحلي الإجمالي ودعمه بـ 200 مليار مما يجعله يمضي قدماً في التوسع الإنتاجي والاستثماري وإعطائه الأولوية في مكونات الاقتصاد وفعاليته وهذا سيفتح أمامه آفاقا واسعة من الأنشطة وفرص الاستثمار وتوليد الوظائف، كما أن ذلك سيتيح المجال بشكل أوسع لبرامج ريادة الأعمال والمنشآت المتوسطة والصغيرة.

وأضاف: لقد قُدرت الايرادات في العام 2018 بـ 783 مليار ريال في حين أن المُحقق هو: 975 مليار ريال، وهو ما يعني أن هناك زيادة قدرها 7%.

ويعزو ارتفاع الايرادات إلى ارتفاع أسعار النفط عما بنيت عليه الميزانية نتيجة لإسهامات المملكة في استقرار أسعار النفط في السوق العالمية ونجاح كفاءة الإنفاق وضبط معاييره وتوسع أنشطته&الاقتصادية التي تعزز جانب الإيرادات غير النفطية ولذلك تحقق كفاءة الأداء في جانب الإيرادات غير النفطية والإسهامات في استقرار الاقتصاد السعودي ونموه بتسريع برامج الجذب الاستثماري وكفاءة أدائه ومواكبة لمكونات الاقتصاد الكلي في نمو الناتج المحلي الاجمالي، كما أنها تأتي نتيجة للإصلاحات المتواصلة في المحتوى الاقتصادي والاستثماري وتضافر أداء القطاعات المصاحبة وتوالد فرص ذات عوائد فعلية على المديين&القصير والطويل الأجل.

أما في ما يتعلق بجانب الإنفاق يضيف الجبيري: الإنفاق بلغ ترليونا ومائة وستة مليارات ريال أي بزيادة بنسبة 7%. وتأتي هذه الزيادة نتيجة للتوسع في المصروفات والاستثمارات الحكومية (النفقات الرأسمالية) لتمويل أهداف رؤية المملكة بما فيها الإسكان والبنى التحتية والتوسع في الانفاق الكلي للمشاريع العملاقة، والتي ستسهم في مواصلة النمو الاقتصادي وتعزيز فرص أوسع لقنوات الاستثمار الأفقي.&

ونوّه الجبيري بأن النجاح الذي&حققته الميزانية في أسلوبها وأدائها يعود إلى الدور الرائد والمتميز الذي تقوم به وزارة المالية وأسلوبها الحديث في تحليل وقراءة المؤشرات والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، حيث تبنت تنفيذ استراتيجية الأداء المالي الربع سنوي والسنوي ومتابعة المستجدات المالية في جانب الأداء التنفيذي والافصاح عنها أولاً بأول إضافة إلى إطلاقها لعدد من المبادرات: مثل تطوير إدارة واستدامة المالية العامة، وتفعيل الحساب الموحد للدولة لتحسين الرقابة وتطوير إعداد الميزانية العامة للدولة، وتطوير نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، والتحول من الأساس النقدي إلى أساس الاستحقاق في الحسابات الحكومية، وتطوير الرقابة المالية.

كفاءة النمو

وتابع: لقد حافظ الاقتصاد السعودي خلال هذا العام على معدلات مستقرة من السيولة النقدية والاحتياطات وضبط الدين العام واستقرار الأسعار والإبقاء على معدلات التضخم الآمنة، حيث حقق الرقم القياسي لتكاليف المعيشة نموًا سالباً حتى نهاية شهر أكتوبر من العام الحالي 2017 م بمتوسط - 0.3 % على أساس سنوي، مقارنة بمتوسط نمو بلغ 3.8 % حتى أكتوبر للعام الماضي 2016. هذا وحقق الحساب الجاري بميزان المدفوعات فائضاً بنحو 14.4 مليار ريال أو ما يعادل 0.5 % من الناتج المحلي الاسمي خلال النصف الأول من عام 2017.

توازن الميزانية&

وقال الجبيري: لقد تم تجاوز التوقعات بتوازن الميزانية في العام 2023 بنسب عالية عما كان متوقعاً وقد يتحقق التوازن سابقاً لأوانه إضافة إلى الاستمرار في الحفاظ على معدلات التضخم الطبيعية، وتعزيز الفرص في تدفق الوظائف، والتوجه المثالي نحو تفعيل برامج تنمية الأعمال، وتطبيق معايير الجودة، والإفصاح والشفافية كما أن الإصلاحات الاقتصادية عالجت العجز، وأسهمت في جودة الأداء، وشملت في ذات الوقت مكونات الاقتصادي الكلي، كل ذلك أدى إلى تكامل المحتوى الاقتصادي وانسجام معطياته وهذا ينسجم مع انخفاض العجز في ظل هذه الميزانية الضخمة بمقدار 131 مليار ريال.&

مخرجات الرؤية&

ولفت إلى أن الخطط التنفيذية لمخرجات رؤية المملكة 2030 ساهمت في استمرار هذا النمو، نظرا لامتلاك المقومات والفرص الهائلة والمتنوعة، والتوجه الفاعل نحو التنوع في قاعدة الاقتصاد اللانفطية، واستغلال المميزات النسبية في الموارد الطبيعية، والدفع بها نحو خطط استثمارية طموحة، وكذلك عوامل تتعلق بالاستقرار الاقتصادي والعمق الاستراتيجي، وهو ما أكسب المستثمرين الثقة والجذب، فضلاً عن التوجه المثالي نحو الاقتصاد المعرفي وتوطين التقنية وتطوير القطاع الصناعي، وتضاف إلى ما سبق البرامج الحكومية والمبادرات، التي عززت الأداء العام، ومنها ما يقوم به صندوق الاستثمارات العامة من دور هام وحيوي، في خلق المبادرات التي من شأنها تحقيق المرونة الكافية في الدعم والتمكين الاستثماري الداخلي والأجنبي.

من جانبه، قال الكاتب الاقتصادي إحسان بوحليقة على تويتر: "أنه من المفارقة التاريخية كميزانية ‫السعودية‬ التي أعلن عنها للتو؛ هبط سعر النفط اليوم هبوطاً حاداً لكن ليس لا مكان للقلق، فقد بدأنا ندرك أن الانفاق الحكومي أخذ يخرج من شرنقة النفط". ‬

وأضاف: "إجمالي الإيرادات لعام 2019م نحو (975) مليار ريال بزيادة 9.0 % عن العام 2018م، وبحسب البيانات الفعلية؛ فإن نسبة مساهمة الإيرادات غير النفطية من إجمالي الإيرادات ارتفعت من 12% في عام 2014م إلى 32% في عام 2018م، وبمتوسط نمو للإيرادات غير النفطية بلغ 20%".

‏وتابع قائلا: "تبلغ الودائع والاحتياطيات الحكومية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي نحو (496) مليار ريال، أي 15.9% من الناتج المحلي الإجمالي".

وختم: "تستهدف السياسة المالية، خلال العام القادم وفي المدى المتوسط، التركيز على أولويات الإنفاق ذات العائد الاجتماعي والاقتصادي في ما يخص النفقات التشغيلية؛ مثل حساب المواطن، وتحفيز القطاع الخاص، وبرامج تحقيق الرؤية، مع الحفاظ على هدف رفع كفاءة الإنفاق الحكومي".


&