باريس: أوردت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري حول أسواق النفط الثلاثاء ان الزيادة في الانتاج الأميركي تكبح اسعار الخام التي عادت مؤخرا الى التحسن بعد تراجع استمر طويلا نتيجة كثرة الكميات المعروضة عالميا.

وافاد التقرير ان "ارتفاع اسعار النفط توقف وانتقل الى الاتجاه المعاكس"، مضيفة ان "العامل الاساسي" وراء هذا التحول هو الزيادة في انتاج النفط الأميركي.

واضاف "في الوقت الراهن، توقف الزخم الذي دفع باسعار نفط برنت الخام الى 70 دولارا للبرميل".

وبعد ان بلغت اسعار النفط ارقاما قياسية مع 115 دولارا للبرميل في 2014، عادت وانهارت الى أقل من 35 دولارا مطلع 2016. لكن الاسواق سجلت تحولا مذاك اذ ارتفعت الاسعار من معدل 44 دولارا العام 2016 الى 54 دولارا العام 2017 الى نحو 70 دولارا في يناير الماضي.

وأحد ابرز العوامل وراء ذلك كان الاتفاق بين منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك" وغيرها من الدول المنتجة للنفط مثل روسيا على الحد من الانتاج، وتم تمديده حتى نهاية 2018.

الا ان منتجي النفط الصخري وخصوصا في الولايات المتحدة التي لم تشارك في الاتفاق يزيدون من الانتاج على امل الاستفادة من ارتفاع اسعار الخام لكن ذلك يعرض التوازن الدقيق الذي تم التوصل اليه في الاسواق الى الخطر.

وأورد تقرير الوكالة الدولية ان "الانتاج المتسارع في الدول غير الاعضاء في اوبك في 2018 وفي مقدمتها الولايات المتحدة، سيزداد على الارجح اكثر من الطلب".

وأضاف ان انتاج النفط الخام في الولايات المتحدة ازداد بشكل كبير في غضون ثلاثة اشهر حتى نوفمبر ب846 الف برميل في اليوم "وسيتجاوز انتاج السعودية سريعا"، مشيرا الى احتمال ان "يتقدم على روسيا ليصبح الاول عالميا".

"شكّل درسا"

الا ان وسائل انتاج النفط الصخري مثيرة للجدل فاستخراج النفط والغاز يتطلب ضخ خليط من الماء والرمل والمواد الكيميائية بضغط كبير بعمق تحت الارض لاطلاق المحروقات الكامنة بين الطبقات الصخرية.

ويقول المدافعون عن البيئة ان العملية المعروفة بتقنية التصديع الهيدرولي يمكن ان يؤدي الى تلوث المياه الجوفية وحتى التسبب بهزات صغيرة.

وتابع تقرير الوكالة ان الوضع الحالي "يذكر بالموجة الاولى من الزيادة في انتاج النفط الصخري الأميركي للاستفادة من اسعار النفط العالية في السنوات الاولى للعقد الحالي، والتي حصدت ارباحا كبيرة على صعيد حصص الاسواق".

واضاف ان "المنتجين الأميركيين وبعد ان قلصوا نفقات الانتاج الى حد كبير، يتمتعون الان بموجة ثانية من نمو الانتاج ملفتة الى حد أن زيادة انتاجهم في 2018 يمكن ان توازي الزيادة في الطلب العالمي".

الا ان التقرير لفت الى ان ذلك "شكل درسا لمنتجين آخرين يمرون بمرحلة خفض في الانتاج ويواجهون تحديا متجددا ازاء حصصهم في الاسواق"، مشيرا الى تغيير الانماط التجارية فالولايات المتحدة باتت اليوم تصدر النفط الى الامارات.

وأورد ان "مثل هذا التطور كان سيبدو غير معقول قبل بضع سنوات لكنه اصبح مؤشرا لما ستكون عليه الامور في المستقبل".

ومع ذلك، حذر التقرير من ان عوامل التوازن في أسواق النفط تبقى دينامية ويمكن ان تتغير امور كثيرة في الاشهر القليلة المقبلة، مشيرا الى تردي الوضع في فنزويلا العضو في منظمة "اوبك".

كما لا بد من رصد الانتعاش الظاهر في الاقتصاد العالمي، والمح التقرير الى ان ذلك قد يؤدي الى "نمو الطلب بشكل أكبر بكثير مما نتوقعه حاليا، كما يمكن ان تظل الاسعار عند المستويات الحالية حتى مع زيادة الانتاج الأميركي".

وختم التقرير ان "العوامل الاساسية في اسواق النفط في القسم الاول من 2018 لا تبدو مؤاتية كثيرا لتحسن الاسعار". وبدت اسعار النفط اقل ثباتا خلال تداولها في اوروبا الثلاثاء وسجل نفط برنت الخام 62,85 دولارا.