في حوار جامع، قال فراس العوده، مدير الإدارة المالية والاستثمار في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، لـ"إيلاف" إن إعادة هيكلة الإدارة وفرت لها رؤية واضحة بمعايير متطورة، وإن الإدارة توزع استثماراتها على أساس طويل الأجل، مع التركيز على الاستثمار الحصيف والمتحفظ تفاديًا للمخاطر.

إيلاف من الكويت: في موقعها الإلكتروني، تعرّف مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عن نفسها بأنها مؤسسة غير ربحية مكرّسة لدعم التقدم والرقي في مجالات العلوم والتكنولوجيا، أنشئت بمرسوم أميري في عام 1976، تُموّلها شركات القطاع الخاص المساهمة بنسبة واحد في المئة من صافي أرباحها السنوية، وهدفها الرئيس تحفيز المبادرات الخلاقة وتعزيز بناء قاعدة علمية وتكنولوجية صلبة، بالتزامن مع خلق بيئة صحية تشجع على الابتكار. &

وتهدف المشاريع الحالية إلى توسيع نطاق الوعي العام بالعلوم، وخلق بيئة تتيح ازدهار الابتكار، وتعزيز القدرات البحثية للقطاعين العام والخاص. وتعمل المؤسسة أيضًا مع الموهوبين، وتقدم إليهم الدعم المالي والعملي الذي يحتاجونه لتحويل أفكارهم إلى واقع ملموس.

في حوار شامل ومتشعب مع "إيلاف"، تحدث فراس العوده، مدير الإدارة المالية والاستثمار في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، عن طبيعة عمل الإدارة وإستراتيجية ورؤية المؤسسة التي يترأس مجلس إدارتها أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح.

نموذج مؤسسي
تحدث العوده عن فكرة إنشاء المؤسسة التي أطلقها الأمير الراحل لدولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح، بالتوافق مع شركات القطاع الخاص المساهمة، ممثلة في غرفة تجارة وصناعة الكويت، كنموذج مميز للمؤسسات الكويتية، محددًا الأغراض التي أنشئت من أجل تحقيقها وإطار الحوكمة الذي تعمل في حدوده والهيكل التنظيمي للمؤسسة، إلى جانب التعرّف إلى دور القطاع الخاص الكويتي المهم في دعم المؤسسة، بهدف رفع مستوى الأداء المؤسسي لهذا القطاع، من خلال برامج تركز على تنميته من أجل بلوغ اقتصاد وطني مبني على المعرفة.

وشدد العوده في حديثه لـ"إيلاف" على أن هذه المؤسسة تحظى بمباركة واهتمام من أمير الكويت الذي يشملها برعايته وتوجيهاته التي تثري عمل المؤسسة وإستراتيجيتها.

إطار الحوكمة في المؤسسة
قال العوده لـ "إيلاف" إن المؤسسة أصدرت دليل الحوكمة، الذي تعمل ضمن إطاره، ويحدد الأدوار والمسؤوليات التي تكلف بها لجان مجلس الإدارة والمدير العام ولجان الإدارة التنفيذية في المؤسسة ومراكزها التابعة، حيث انبثقت من مجلس الإدارة أربع لجان يتم من خلالها الإشراف على الاستراتيجية العامة للمؤسسة، وهذه اللجان هي:

- & لجنة التدقيق والمخاطر، وتختص بمراجعة نظم الرقابة المالية الداخلية في المؤسسة ومراجعة التقارير والتقديرات والأحكام المالية المهمة التي تتعلق بإعداد البيانات المالية للمؤسسة والإشراف على أي عملية خارجية لتقييم المخاطر.

- &لجنة المالية والاستثمار، وتختص بتقويم ورفع التوصيات إلى مجلس الإدارة بالموافقة على السياسات والمعايير والإرشادات والاستراتيجية الاستثمارية للمؤسسة والمراجعة الدورية لسلامة الأداء الاستثماري للمؤسسة ورفع تقرير في هذا الخصوص إلى مجلس الإدارة.

- &لجنة المكافآت والتعويضات، وتختص بمراجعة واعتماد هيكل التعويضات لجميع العاملين.

- &لجنة البرامج العلمية، ومن مهامها الرئيسة مراجعة وتقييم واعتماد البرامج الجديدة وفقًا للأغراض والأهداف الاستراتيجية المحددة.

إعادة هيكلة الإدارة المالية والإستثمار
قال العوده: "إن الإدارة المالية في المؤسسة كانت تركز على استثمار أموال المؤسسة في الميدان المصرفي والودائع في البنوك المحلية، ما استدعى إعادة النظر في السياسة الاستثمارية من قبل مجلس الإدارة، وعليه تمت إعادة هيكلة الإدارة، ليتم التركيز على قطاعات استثمارية مختلفة، وتطوير مهام الإدارة المالية والاستثمار، بالاعتماد على الدعم التقني للمهام التي تقوم بها الإدارة، وتعزيز الكوادر المتخصصة في المجالين المالي والاستثماري، والذي يشمل على إعداد التحليل والخطط المناسبة التي تتماشى مع سياسة واستراتيجية المؤسسة، وإنشاء مكتب بمثابة الإدارة الوسطى للاستثمار لمتابعة الأداء الاستثماري ومقارنة أداء الأسواق المحلية والعالمية ومتابعة توافق وموائمة الإستثمار مع توجهات السياسة الاستثمارية المعتمدة، والاستعانة بمكتب تدقيق داخلي لمراجعة صحة وسلامة العمليات التشغيلية المالية والاستثمارية وكل إدارات المؤسسة، وكذلك لتعزيز الشفافية في العمل، وتعيين أحد البنوك العالمية كأمين ’حفظ خارجي‘ للقيام بمهام التأكد من التقيد بالمعايير الاستثمارية المحددة من قبل المؤسسة، إضافة إلى التثبت من التزام مدراء محافظ الاستثمار المكلفين بشروط عقود إدارة اموال واستثمارات المؤسسة".

أوضح العوده أن إعادة هيكلة الإدارة ساعدت على توفير رؤية واضحة لعمل الإدارة وفقًا لمعايير مهنية متطورة، مشيرًا إلى أن "المؤسسة استعانت بمستشار عالمي مختص لإعداد خطة طويلة الأمد لتوزيع وإدارة أصول المؤسسة الاستثمارية بهدف خلق توازن بين العوائد الاستثمارية والمخاطر المحتملة في الأسواق العالمية".

أضاف: "تعتبر الاستراتيجية الاستثمارية للمؤسسة ركيزة أساسية لتنمية الموارد المالية للمؤسسة، والتي تسهل تبني المؤسسة لاستراتيجية عامة طموحة".

إستراتيجية (2017-2021)
قال العوده إن الاستراتيجية الحالية للمؤسسة تركز في رؤيتها على "نشر ثقافة علمية وتكنولوجية وابتكارية مزدهرة من أجل كويت مستدامة"، ذاكرًا أن رسالة المؤسسة تهدف إلى "تشجيع التقدم في العلوم والتكنولوجيا والابتكار وتحفيزه لمصلحة المجتمع والقطاع الخاص بالأبحاث والدراسات في دولة الكويت"، وأن المؤسسة تحرص على تنفيذ استراتيجيتها الحالية من خلال العمل في إطار ثلاثة محاور استراتيجية: الأول، نشر العلوم والتعليم والثقافة العلمية؛ والثاني، تعزيز قدرات البحث والتطوير في المؤسسات العلمية الكويتية؛ والثالث، تعزيز القدرة على الابتكار في قطاعات الأعمال التجارية لدى الشباب بالاعتماد على البرامج المشتركة بين هذه المحاور والداعمة لها.

شعار مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

من ناحية اخرى، أشاد العوده بالدور المهم والرئيس الذي يؤدّيه القطاع الخاص الممثل في الشركات المساهمة في تمويل برامج وأنشطة المؤسسة ومراكزها التابعة، حيث لا تألو المؤسسة جهدًا في العمل على دعم المشاريع الاقتصادية المحلية واستحداث مشاريع نموذجية لتطبيق تقنيات حديثة أو التوسع فيها أو الترويج لاستخدامها، مثل مشروع "الطاقة الشمسية" لتوفير الطاقة وترشيد استهلاك المياه في المنازل.

أضاف: "تقوم المؤسسة بدعم بعض الأنشطة والمشروعات لجهات عديدة مؤثرة اقتصاديًا، مثل اتحاد المصارف والجمعية الاقتصادية الكويتية، وهي تكفلت بإنشاء واحتضان مركز الخليج للدراسات – كونفرس بورد خلال السنوات الثلاث الأولى ليكون رافدًا للمؤسسات الاقتصادية، وفقًا للمؤشرات الاقتصادية والدراسات اللازمة في هذا الإطار".

روافد استثمارية جديدة
شدد العوده على أنه بناء على المرئيات في التوسع الذي طرأ على استراتيجية المؤسسة، كان لا بد من استحداث روافد مالية والتركيز على الاستثمار الحصيف والمتحفظ والمدروس، تفاديًا لأي مخاطر أو هزات مالية ربما تؤثر سلبًا على أنشطة وبرامج واستثمارات المؤسسة.

على صعيد توزيع استثمارات المؤسسة، أوضح العوده في حديثه لـ "إيلاف" أن المؤسسة انتهجت خطة لتوزيع استثماراتها على أساس طويل الأجل، بالاعتماد على توفير السيولة المالية المطلوبة، والتي تمكن المؤسسة من التخارج من الأسواق، في حال تطلبت الظروف والمستجدات والمتغيرات المالية ذلك، خصوصًا حين تتعرّض الأسواق لهزات مالية.&

وأوضح أنه تم اعتماد استراتيجية توزيع استثمارات المؤسسة على أسواق مختلفة، بالتعاون مع خبرات جهات حكومية استثمارية، كأسواق الأسهم العالمية وأسواق السندات العالمية وأسواق السندات والأسهم الناشئة وأسواق الاستثمار البديل والودائع قصيرة الأجل، وأن الاستراتيجية الاستثمارية للمؤسسة تتمثل في امتلاك محفظة تتنوع فيها فئات الأصول على شكل "نموذج الوقف" للاستثمار مع هيكل منخفض التكلفة قدر الإمكان وتجنب التركيز في امتلاك فئة واحدة، لذا فإن استثمار أصول المؤسسة موزع على ثماني فئات أصول مختلفة، وهي الأسهم في الأسواق المتقدمة والأسهم في الأسواق الناشئة والسندات في الأسواق المتقدمة عالميًا والاستثمارات العقارية العالمية وصناديق التحوط والأسهم الخاصة والديون الخاصة والنقدية (الودائع الثابتة محليًا).

كما شدد العوده على حرص المؤسسة على اختيار مديري استثمار يتبنون نهجًا متحفظًا في الاستثمار بهدف تمكين المؤسسة من الاستمرار في التفوق على مؤشرات السوق في جانبيها الإيجابي والسلبي، مضيفًا أن ذلك تم من خلال بناء نموذج لتوزيع الأصول الاستراتيجية على شكل محافظ، من خلال محفظة متنوعة بشكل جيد، توفر مفاضلة للمخاطر مقارنة بالعائد مع المحافظة على مزيد من السيولة، وذلك من خلال مجموعة أوسع من فئات الأصول والاستثمارات.

أوضاع الأسواق
أخيرًا، أفاد العوده بأن أسواق المال العالمية (سندات وأسهم وسلع) تميّزت بأداء سلبي خلال عام 2018، "وهي ظاهرة لم تحدث خلال خمسين عامًا مضت، إذ إنه خلال السنوات الماضية كان تراجع قيمة أصل ما يقابله ارتفاع أصل آخر، فالأسواق في عام 2018 كانت قلقة بشأن كيفية تعامل أسعار الأصول مع إزالة السياسات النقدية التيسيرية للبنوك المركزية وتنفيذ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لعدد من الزيادات المتتالية في معدل الفائدة منذ عام 2015، وكذلك فإن قيام صنّاع السياسة الاقتصادية في أوروبا واليابان بإبطاء وتيرة برامجهم التحفيزية، قد يكون أحد أسباب هذه الظاهرة، وقد يرجع أيضًا أحد هذه الأسباب إلى المخاوف المتعلقة بالنمو الاقتصادي العالمي، ولعل كل ذلك كان له الأثر في ثقة المستثمرين على نطاق واسع".


&