كبقية أعضاء منظمة أوبك تعتمد فنزويلا على النفط الذي &يمثل نحو أكثر من 90% من الدخل القومي الذي يعتمد عليه نظام الرئيس نيكولاس مادورو. وتمر فنزويلا في مرحلة اقتصادية صعبة للغاية والاحتجاجات تهدد النظام.

وفي الوقت الراهن، مع انتشار الاحتجاجات في جميع أنحاء فنزويلا إلى جانب الاعتراف الأميركي بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً موقتاً، يترقب العالم التطورات بقلق وبات سقوط مادورو مسألة وقت.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات ضد شركة النفط الفنزويلية الحكومية، في مسعى لتضيق الخناق على نظام الرئيس مادورو.

ومن شأن هذا الإعلان أن يضر مصافي التكرير الأميركية فضلاً عن توجيه ضربة جديدة لصناعة النفط في فنزويلا. وحسب بلومبيرغ كانت أميركا تستورد نصف مليون برميل يوميا، وهذه الكمية توقفت.

وحوالي 75 في المئة من السيولة أو الدولارات تأتي لفنزويلا من الولايات المتحدة، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 23 مليار دولار 2017، وهذا الرقم مرشح للزيادة إذا استقرت الأوضاع في فنزويلا إذا سقط مادورو.

ويمكن القول إن هيوغو تشافيز رئيس فنزويلا الراحل 1999-2013 دمر الصناعة النفطية الفنزويلية حيث انسحبت غالبية الشركات الأميركية من فنزويلا أثناء فترة حكمه بسبب سياساته الاشتراكية الفاشلة والإجراءات الشعوبية، وتم إهمال المئات من حقول النفط هناك، وفي حال إزاحة خلفه نيكولاس مادورو وعودة الهدوء والاستقرار وتغير السياسة النفطية هناك، قد تعود الشركات الأميركية للاستثمار في فنزويلا وثروتها النفطية.

وإذا تم رفع العقوبات بعد سقوط نظام مادورو سوف يعود الاستثمار تدريجياً، ولكن يجب عدم الإفراط في التفاؤل لأن عملية اعادة تأهيل صناعة النفط الفنزويلية قد تستغرق عددا من السنوات قبل أن تعود لما كانت عليه قبل وصول تشافيز للسلطة عام 2007.

إذا سقط مادورو وحل محله غوايدو وهو براغماتي وليس إيديولوجيا، ويرسي الاستقرار في البلاد، ستعود الشركات الأميركية للعمل في فنزويلا، بالتالي إعادة تأهيل الصناعة النفطية، وحتما ستستفيد واشنطن، لأن فنزويلا لديها احتياطي نفطي تعادل السعودية، ولكن المشكلة الكبرى في فنزويلا هي غياب الاستقرار السياسي وتفشي الفساد.

مصافي التكرير الأميركية أكبر مستهلك للنفط الفنزويلي

هناك عدد كبير من مصافي التكرير الأميركية في الولايات الجنوبية التي كانت تعتمد على النفط الفنزويلي، وتبحث الآن عن بدائل من المكسيك وكندا لتلبية حاجتها، ولن تستطيع الحصول على خصم في الاسعار من المصادر الجديدة. وأصدرت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي أمراً تنفيذياً يجمد أصول شركة النفط الوطنية الفنزويلية (بي.دي.في.اس.ايه) وحسب هذا&الأمر لا تدفع الشركات الأميركية &ثمن النفط إلا من خلال حسابات خاضعة لسيطرة خوان غوايدو، رئيس البرلمان الفنزويلي الذي أعلن نفسه رئيسا للبلاد، في إجراء للضغط على نيكولاس مادورو للتنحي حسب وكالات الأنباء.&

وحسب صحيفة الفايننشال تايمز في لندن، وتحت عنوان "الولايات المتحدة&تشدد التضييق على النفط الفنزويلي"، انتعشت أسعار النفط الثقيل بسبب الطلب المتزايد من مصافي التكرير الأميركية. وحدث هذا التطور على خلفية قرار ادارة الرئيس الأميركي ترمب فرض سلسلة من العقوبات على الصناعة النفطية الفنزويلية وبالتحديد على شركة النفط الوطنية الفنزويلية والمعروفة بالاسم المختصر باللغة الانجليزية PDVSA او بي دي في اس ايه.

وفرضت الخزينة الأميركية حظرا على الأفراد والشركات الأميركية من التعامل مع شركة فنزويلا للبترول كوسيلة لممارسة الضغوط على الرئيس الفنزيولي نيوكلاس مادورو.

تأثير العقوبات الأميركية

مما لا شك فيه ان العقوبات الأميركية ستعطل &تدفق النفط الخام من فنزويلا &وكما هو معروف عانت &الصناعة النفطية الفنزويلية لسنوات طويلة من الاهمال وشح التمويل و عدم الاهتمام بالتطوير والتأهيل بسبب سياسات هيوغو تشافيز الاشتراكية الفاشلة. ووصل الإنتاج في ديسمبر الماضي الى 1.1 مليون برميل يوميا، حسب مصادر منظمة "أوبك" والتي فنزويلا عضو&فيها. بلغ إنتاج فنزويلا اليومي حوالي 2.5 مليون برميل يوميا في بداية العقد. وهبط الانتاج الآن الى 1.1 مليون برميل يوميا أي تقريبا 1% من الإنتاج العالمي، ولهذا فإن التأثير على الأسواق العالمية والأسعار سيكون محدودا جدا. في نهاية المطاف لا تستطيع فنزويلا تصدير 500 ألف برميل يوميا للمصافي الأميركية.

ربما تستطيع فنزويلا بيع 200-300 ألف برميل لمصافٍ&في آسيا لا سيما الهند وتحاول العثور على زبائن لشراء ما تبقى. وربما تجد فنزويلا اسواق الصين والهند مفتوحة لاستيعاب هذه الكمية ولكن مع اضافة تكلفة النقل وكون الكمية فائضة عن الحاجة ما قد يجبر فنزويلا على تخفيض الأسعار او منح خصومات على السعر العالمي. وهناك من يعتقد أن تجد بعض الكميات طريقها الى الولايات من خلال شركات وسيطة وسماسرة.

وحسب العقوبات &سوف لا يتم دفع ثمن أي نفط فنزويلي يصل الولايات المتحدة الى الحكومة الفنزويلية بل تودع في حساب ضمان احتياطي ليتم اطلاق المبالغ المستحقة بقرار قضائي ولمنع وصولها للحكومة الحالية، وهذا الحظر يشمل ايضا شركة سيتغو Citgo &وهي شركة تابعة للشركة الفنزويلية الوطنية للنفط والتي لديها مصافٍ&تكريرية في ولاية لويزيانا وتكساس.

وستضطر المصافي الأميركية لشراء حاجتها من النفط كبديل للنفط الفنزويلي من المكسيك من صنف مايا الثقيل والخام الكندي المستخرج من الرمال، ولكن المشكلة ان المكسيك لا تستطيع سوى تزويد كميات محدودة من مزيج "المايا الثقيل" وكندا تفتقر الى سعة انابيب كافية لنقلها الى الساحل الجنوبي للولايات المتحدة. وكل هذه البدائل مكلفة للمصافي الأميركية وستقلل من ربحيتها.

&وعن تأثير أزمة فنزويلا على أسواق النفط العالمية، سيكون التأثير على أسعار النفط ضئيلا جدا، وربما 1 أو 2 في المئة فقط، وذلك لأن السوق العالمية لا تعاني من نقص حاد، والطلب العالمي على النفط لن يرتفع بسبب الحروب التجارية وتباطؤ اقتصاد الصين وآسيا.