القدس: قررت اسرائيل اقتطاع عشرات ملايين الدولارات من عائدات أموال الضرائب التي تفرضها على المنتجات الفلسطينية ويتم تحويلها للسلطة الفلسطينية، معتبرة أن هذه مبالغ مخصصات أسر المعتقلين الفلسطينيين القابعين في السجون الاسرائيلية.

ماذا يعنيه هذا القرار؟&

ماهية هذه الضرائب؟
في عام 1994، وقعت إسرائيل والفلسطينيون على اتفاق باريس الذي أصبح جزءا من اتفاقيات أوسلو التاريخية. ويحكم الاتفاق العلاقات الاقتصادية وينشئ اتحادا جمركيا بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية مع استمرار سيطرة إسرائيل على الحدود.&

تفرض إسرائيل ضريبة القيمة المضافة ورسوما جمركية على البضائع المتجهة إلى الأسواق الفلسطينية والتي تمر عبر الموانئ الإسرائيلية قبل أن تحولها إلى السلطة الفلسطينية.

يقول المتخصص في العلوم السياسية جهاد حرب "تشكل عمليات التحويل هذه أكبر مصدر للايرادات للسلطة الفلسطينية وهو ما يمثل حوالى 70 % في المئة".&

وتقول وزارة المالية الإسرائيلية إنها تجمع حوالي 700 مليون شاقل أي نحو 190 مليون دولار من الضرائب كل شهر على الواردات الفلسطينية.

وتخصم اسرائيل 100 مليون شاقل، نحو (28 مليون ونصف دولار) لتغطية الخدمات المختلفة المقدمة للفلسطينيين.

كان الهدف من اتفاق باريس أن يكون مؤقتا، حيث عمل الجانبان على التوصل إلى اتفاق نهائي لكنه لا يزال ساري المفعول مع توقف جهود السلام ويبقى الاقتصاد الفلسطيني يعتمد بشكل كبير على إسرائيل.

ماذا قررت اسرائيل؟

قررت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد احتجاز مبلغ 138 مليون دولار من تحويلات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، ردا على ما تقدمه السلطة من مخصصات مالية الى أسر الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

ويتم اقتطاع مبلغ 138 مليون دولار على فترة 12 شهرا.

وتقول اسرائيل إن المبلغ يساوي ما دفعته السلطة الفلسطينية العام الماضي "لإرهابيين مسجونين لدى إسرائيل ولاسرهم وللسجناء المفرج عنهم".

وتأتي خطوة احتجاز الأموال تطبيقا لقانون إسرائيلي تمت المصادقة عليه في تموز/يوليو للحكومة 2018.

وتعهد نتانياهو بتطبيق القانون بعد هجوم فلسطيني على إسرائيلية.

وكانت إسرائيل احتجزت أموالا للفلسطينيين في السابق وخاصة ردا على انضمام فلسطين في 2011 لمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة كعضو كامل العضوية.

ما هي مخصصات الاسرى؟

توفر السلطة الفلسطينية دعما ماليا لعائلات الفلسطينيين الذين قتلوا أو سجنوا في إطار النزاع مع اسرائيل ويقدر المبلغ بحسب مدة السنوات التي يقضيها السجين.

تقول إسرائيل والولايات المتحدة إن المخصصات المالية للاسرى وعائلاتهم من الذين نفذوا هجمات تشجع على مزيد من العنف وتقوض حجة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه ملتزم بالسلام.&

ولم تفصح السلطة الفلسطينية عن كمية المبلغ الذي تدفعه للاسرى لكن أحد مقترحي القانون الاسرائيلي ودفع بتشريعه عام &2018 زعم ان المبلغ المقدم &كان 1,2 مليار شاقل العام الماضي.

وتعتبر السلطة الفلسطينية هذه المخصصات شكلا من أشكال الضمان الاجتماعي للأسر التي فقدت معيلها الرئيسي وتنفي أي علاقة لها بأي عنف.

ينظر الفلسطينيون الى الأسرى على أنهم "مناضلون ضد الاحتلال الاسرائيلي" الذي تجاوز الخمسين عاما، ويتعاملون مع منفذي الهجوم ضد اسرائيل على أنهم "شهداء" ويتم تكريمهم.

واعتبر الرئيس محمود عباس أن "موضوع عائلات الشهداء والأسرى في سلم أولوياتنا القصوى، وأي مبلغ يتوفر لدينا سيكون مخصصا لهم، وبعد ذلك نفكر في الباقي".

وقالت سحر فرنسيس رئيسة &مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان إن "المخصصات &التي تدفع لاسر الاسرى تشكل تامينا اجتماعيا لضمان معيشتهم".

وأضافت "يوجد أكثر من 5000 &أسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية".

ما هي العواقب المالية؟

قال ممثل صندوق النقد الدولي في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة روبرت تشايدزه "حتى بدون هذا القرار فقد واجهت السلطة الفلسطينية بالفعل عجزا كبيرا في الميزانية".

وتوقع صندوق النقد الدولي في ايلول/سبتمبر بان السلطة ستواجه عجزا قدره 620 مليون دولار في عام 2018.&

في عام 2019 ، توقع صندوق النقد الدولي الحجز على التحويلات اكثر مما اعلن عنه &الأحد وتوقع عجزا يبلغ نحو مليار دولار.

يأتي هذا &الحجز في الوقت الذي وصلت فيه المساعدات الخارجية المباشرة لميزانية السلطة الفلسطينية الى حالة دراماتيكية وهي في ذروة انخفاضها. وانخفض الناتج المحلي &الفلسطيني الاجمالي من 10% قبل خمس سنوات ليصل الان الى 3,5 &بالمئة.

وقطعت الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات من المساعدات الفلسطينية في عام 2018 .

&يمكن أن تزداد الأزمة المالية سوءاً إذا ما التزم الرئيس عباس بالإنذار الذي أعلنه الأربعاء عندما قال "إننا لن نستلم الأموال منقوصة قرشا واحدا، ولن نقبل بذلك إطلاقا".

وتحدث الخبير الاقتصادي الفلسطيني ناصر عبد الكريم عن "بداية أزمة مالية واقتصادية هائلة ستؤثر على الجميع في الضفة الغربية وقطاع غزة".

ما هي الآثار الأمنية؟
يشعر المسؤولون الأمنيون في إسرائيل وهم في خضم الحملة الانتخابية، بالقلق من تأثير هذا التجميد على استقرار الضفة الغربية وقطاع غزة المحاصر.

&ذكر نيكولاي ملادينوف مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط أن التجميد والضغوط المالية الأخرى "تعرض للخطر الاستقرار المالي للسلطة الفلسطينية، وستعرض في الاساس أمن كل من الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء".&

ووفقا للاخصائي جهاد حرب فانه "حتى إذا قدمت الدول العربية مساعدات مالية ، فإن الأزمة تهدد بالتأثير على قدرة السلطة الفلسطينية على &كبح العنف أو الاحتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي".